بعد انخفاض قيمتها إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، حققت الليرة السورية انتعاشاً بارزاً خلال الأيام الأخيرة الماضية. ويجري تداولها الآن بأقل من 500 ليرة مقابل الدولار. لقد أثار انهيار الليرة، منذ بداية العام وحتى منتصف أيار/ مايو، واتجاهها المعاكس الآن، الكثير من التساؤلات حول أسباب هذه التبدلات ومستقبل العملة السورية.
فبعد انخفاضها إلى أكثر من 600 ليرة، أعلن مصرف سورية المركزي عدة إجراءات، بما فيها ضخ كميات كبيرة من الدولار في السوق ومقاربة سعر الصرف الرسمي لليرة مع سعر السوق السوداء.
كما أعلن المصرف المركزي في 10 أيار/ مايو إعفاء كل تعهدات إعادة قطع التصدير المنظمة المتوقعة من إخراج البضائع، والمدرجة في هذه التعهدات قبل الأول من حزيران/ يونيو، من شرط إعادة قطع التصدير إلى المصرف المركزي. وفي 27 أيار/ مايو، تم تمديد الإعفاء لمدة ثلاثة أشهر. تقليدياً، يطالب مصرف سورية المركزي المصدرين بإعادة عائداتهم من القطع الأجنبي. إلا أنهم، وبدلاً من إعادة الدولارات، يتم تركها في حسابات مصرفية في الخارج، حيث يشترون كمية معادلة لها من السوق السوداء ليعيدوا القطع المطلوب إلى المصرف المركزي، وكانت نتيجة هذا الالتفاف زيادة الطلب على الدولار في السوق وانخفاض قيمة الليرة. وبما أن إعادة قطع التصدير قد توقف الآن، فقد انخفض الطلب على الدولار في السوق السوداء، وتراجع الضغط على الليرة السورية.
اقــرأ أيضاً
إلى ذلك، هناك انخفاض مهم في كميات الليرة السورية المتداولة في السوق. ورغم إنكار المصرف المركزي أي دور له في هذا المجال، إلا أنه يبدو أنه يزوّد المصارف بكميات أقل بكثير من الليرات السورية، ما يدفع هذه البنوك بدورها للحد من الكمية التي يستطيع المودعون سحبها. وبشكل أوتوماتيكي، يؤدي نقص كمية الليرة السورية في السوق إلى ارتفاع قيمتها وانخفاض قيمة الدولار.
وفي حين كان لهذه القرارات تأثير إيجابي، فإنه من غير الواضح إلى متى يمكن أن يستمر هذا التأثير؟ فإذا لم يستطع المودعون سحب الكمية التي يريدون من حساباتهم، سيكون هناك فقدان للثقة بالقطاع المصرفي ككل، وإذا لم يُعِد المصدّرون دولاراتهم فإن البنك المركزي سيشهد انخفاضا أكبر في احتياطاته.
حالياً، جاء انخفاض قيمة الدولار في الوقت المناسب قبل حلول شهر رمضان، وسيكون له تأثير إيجابي على جيب رب العائلة السوري. ومع ذلك، وللأسف، فإن من المشكوك فيه أن العوامل الأخرى الكثيرة التي دفعت الليرة إلى التراجع في السنوات الخمس الماضية ستختفي فجأة.
(باحث اقتصادي سوري)
اقــرأ أيضاً
فبعد انخفاضها إلى أكثر من 600 ليرة، أعلن مصرف سورية المركزي عدة إجراءات، بما فيها ضخ كميات كبيرة من الدولار في السوق ومقاربة سعر الصرف الرسمي لليرة مع سعر السوق السوداء.
كما أعلن المصرف المركزي في 10 أيار/ مايو إعفاء كل تعهدات إعادة قطع التصدير المنظمة المتوقعة من إخراج البضائع، والمدرجة في هذه التعهدات قبل الأول من حزيران/ يونيو، من شرط إعادة قطع التصدير إلى المصرف المركزي. وفي 27 أيار/ مايو، تم تمديد الإعفاء لمدة ثلاثة أشهر. تقليدياً، يطالب مصرف سورية المركزي المصدرين بإعادة عائداتهم من القطع الأجنبي. إلا أنهم، وبدلاً من إعادة الدولارات، يتم تركها في حسابات مصرفية في الخارج، حيث يشترون كمية معادلة لها من السوق السوداء ليعيدوا القطع المطلوب إلى المصرف المركزي، وكانت نتيجة هذا الالتفاف زيادة الطلب على الدولار في السوق وانخفاض قيمة الليرة. وبما أن إعادة قطع التصدير قد توقف الآن، فقد انخفض الطلب على الدولار في السوق السوداء، وتراجع الضغط على الليرة السورية.
إلى ذلك، هناك انخفاض مهم في كميات الليرة السورية المتداولة في السوق. ورغم إنكار المصرف المركزي أي دور له في هذا المجال، إلا أنه يبدو أنه يزوّد المصارف بكميات أقل بكثير من الليرات السورية، ما يدفع هذه البنوك بدورها للحد من الكمية التي يستطيع المودعون سحبها. وبشكل أوتوماتيكي، يؤدي نقص كمية الليرة السورية في السوق إلى ارتفاع قيمتها وانخفاض قيمة الدولار.
وفي حين كان لهذه القرارات تأثير إيجابي، فإنه من غير الواضح إلى متى يمكن أن يستمر هذا التأثير؟ فإذا لم يستطع المودعون سحب الكمية التي يريدون من حساباتهم، سيكون هناك فقدان للثقة بالقطاع المصرفي ككل، وإذا لم يُعِد المصدّرون دولاراتهم فإن البنك المركزي سيشهد انخفاضا أكبر في احتياطاته.
حالياً، جاء انخفاض قيمة الدولار في الوقت المناسب قبل حلول شهر رمضان، وسيكون له تأثير إيجابي على جيب رب العائلة السوري. ومع ذلك، وللأسف، فإن من المشكوك فيه أن العوامل الأخرى الكثيرة التي دفعت الليرة إلى التراجع في السنوات الخمس الماضية ستختفي فجأة.
(باحث اقتصادي سوري)