مع عودة الحديث عن تقدم قوات الشرعية اليمنية، المدعومة من التحالف العربي، باتجاه العاصمة اليمنية صنعاء وتحريرها من سيطرة شريكي الانقلاب واشتعال مختلف الجبهات الأخرى، يعود مجدداً الحديث عن "خيبة أمل" المقاومة الشعبية، في محافظة تعز بسبب فتح جبهات قتال جديدة مقابل عدم تقديم الدعم العسكري الكافي للمحافظة، باستثناء بعض الغارات الجوية.
وبرر رئيس مجلس تنسيق المقاومة في تعز، حمود المخلافي، تعثر الحسم العسكري حتى الآن، بـ"عدم وجود السلاح الكافي، وإهمال علاج الجرحى، وعدم توفير الرواتب" للمقاتلين. وأدلى المخلافي بتصريحات صحافية تخللتها انتقادات للحكومة الشرعية وقيادة التحالف العربي، إذ إن كلامه يعطي الانطباع بأن الحكومة والتحالف خذلا "المقاومة الشعبية في تعز، والجرحى الذين تم تركهم يواجهون الموت"، وفق تعبيره.
وأكد المخلافي، الذي يقيم خارج البلاد منذ استدعائه من قبل قيادة التحالف للحضور إلى الرياض قبل نحو ثلاثة أشهر، أنه لم يعد يعول سوى على "المقاومة" التي يرى أنها الوحيدة القادرة على تحرير اليمن. وهو الأمر الذي أثار، على ما يبدو، حفيظة الدوائر المقربة من التحالف، إذ قال الخبير الاستراتيجي والعسكري، العقيد إبراهيم آل مرعي، في تصريحات صحافية قبل أيام، إن "تعز لن تتحرر إلا بأيدي أبنائها". وغمز آل مرعي من قناة المخلافي، موجهاً اتهامات ضمنية ومباشرة له، وذلك في معرض حديثه عن تجار الحروب ومتطلبات معركة تحرير تعز، وأسباب فشل عمليات التحرير السابقة.
في غضون ذلك، تتواصل المعارك في جبهات تعز، وتشتد وتيرتها على المحاور الجنوبية من المحافظة، لا سيما في مديرية الصلو وعلى مشارف مديرية المواسط، في محاولة لصد تقدم مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، والتي باتت تسعى إلى قطع طريق هيجة العبد، الرابط بين أجزاء واسعة من تعز وبين محافظات لحج وعدن الجنوبيتين.
تحرك شعبي
وفي خطوة وصفت بأنها تهدف إلى استعادة زمام المبادرة، أقيم مهرجان جماهيري، يوم الثلاثاء الماضي في مديرية المواسط، بهدف دعم وإسناد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وذلك بعد اقتراب المعارك من مناطق ظلت طوال الفترة الماضية خاضعة لسيطرة الجيش والمقاومة ومنها مديرية المواسط جنوب تعز، التي تدور المواجهات على مشارفها. كما أن المهرجان يأتي بعد أيام من تعيين رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في تعز، جابر عبدالله غالب، والنائب سلطان السامعي، في "المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون اليمن" الذي شكله أخيراً شريكا الانقلاب. وينحدر غالب والسامعي من مناطق الحجرية الواقعة تحت سيطرة اللواء 35 مدرع، وكانا قد لزما ما يشبه الحياد طوال الفترة الماضية. وعكس تعيينهما حالة الاستقطاب الحادة في المناطق التي تقع خارج سيطرة المليشيات الانقلابية. ورأى متابعون أن ضم كل من غالب والسامعي إلى "المجلس السياسي" يهدف إلى "خلخلة الصف المقاوم ومحاولة ترجيح كفة الانقلاب تمهيداً لمعارك واسعة قد تشهدها هذه المناطق"، وهي الرسالة التي فهمها "اللواء 35" وبدأ التحرك على ضوئها عسكرياً وشعبياً.
اقــرأ أيضاً
في هذا الإطار، تحدث قائد هذا اللواء، العميد عدنان الحمادي، أمام المحتشدين في المهرجان، عن بعض أبناء المحافظة، الذين "وضعوا أنفسهم في مربعات الضبابية، يترنحون دون ثبات ولا مبدأ يحسن قناعتهم للتفريق بين المصالح الذاتية والمصالح العليا للوطن، وفي تناقض مريع لثقافة غريبة لا تمت لثقافتنا الوطنية بصلة"، على حد وصفه. وأضاف: "أقول لهؤلاء الخونة وقد وصلت الأمور إلى إراقة الدماء: كفوا عن الرقص على دماء الشهداء ولتذهبوا إلى مزبلة التاريخ وسيلعنكم أبناؤكم قبل الآخرين"، بحسب تأكيده. وأشاد الحمادي بدور أبناء تعز عامة وأبناء الحجرية خصوصاً، مثنياً على موقفهم البطولي والشجاع في مساندة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وداعياً كل القوى السياسية والاجتماعية إلى وحدة الصف ولم الشمل والوقوف صفاً واحداً لمواجهة كل التحديات التي يفرضها الانقلابيون، وفق قوله.
ويشير استخدام ورقة التحركات الجماهيرية بالتوازي مع التحرك العسكري إلى أن اللواء 35 مدرع يؤكد على الأهمية الحاسمة للدور الشعبي المساند للمقاومة والجيش الوطني، لا سيما أن هذا الدور كان الأساس الذي تم الارتكاز عليه في تشكيل المقاومة باليمن.
يذكر أن المقاومة تأسست في مدينة تعز، بعد تظاهرات شعبية استمرت منذ دخول الحوثيين صنعاء، وعلى نحو مكثّف، خلال الأيام التي سبقت وصولهم مع قوات صالح إلى مشارف تعز في شهر مارس/آذار 2015، وقتل وجرح حينها عدد من المتظاهرين السلميين.
وبعد أيام من انتشار قوات المخلوع صالح والحوثيين في تعز ومحاولتها السيطرة على المكاتب الحكومية، ونصب الحواجز العسكرية في بعض الشوارع، بادرت قوات من "اللواء 35"، بتحريض شعبي، إلى التصدي للمليشيات واندلعت معارك صغيرة، استمرت إحداها لأيام عدة حول مقر "اللواء" قبل أن يسقط بيد المليشيات.
وتشكلت المقاومة في تعز، بدايةً من المسلحين المتطوعين الذين انخرطوا في صفوفها لمساندة "اللواء" في وجه المليشيات، ثم من خلال تشكيلات مسلحة صغيرة أخذت تنمو، واستطاعت أن تحرر مناطق واسعة من قبضة الحوثيين وصالح في غضون أشهر قليلة، على الرغم من التفوق العسكري للمليشيات على مجموعات المقاومة.
وفي مدينة التربة، مركز مديرية الشمايتين جنوب تعز، كانت المقاومة الشعبية، قد تشكلت بعد تظاهرات شعبية ترفض مرور المليشيات نحو عدن ومناطق الجنوب. وحدث التحول من الاحتجاج السلمي إلى العمل المسلح بعد سقوط عدد من الضحايا على يد تلك القوات. وتعد مدينة التربة، الآن، إحدى المراكز الحيوية لدعم وإسناد المقاومة الشعبية. ويوجد فيها معسكر استقبال للمجندين الجدد، تحت إشراف ضباط وقيادات في اللواء 35 مدرع.
وأصبحت مدينة النشمة (مركز مديرية المعافر) بمثابة مقر بديل لـ"اللواء 35". وتضم أيضاً معسكر استقبال، وتعد مركزاً هاماً لإدارة المعركة وتعزيز جبهات كثيرة بالمقاتلين والسلاح. ولم تكن لتصبح حاضنة للجيش والمقاومة بهذا الشكل، لو لم تتم إقامة مهرجان جماهيري كبير هناك خلال الأسابيع الأولى من الحرب، ما عكس الإرادة الشعبية للناس ومدى استعدادهم للتضحية، وذلك من خلال تشكيل أول مجلس إسناد للمقاومة.
ويعتبر مراقبون أن تحركات اللواء 35 مدرع، على المستويين العسكري والجماهيري، تشكل ورقة رابحة لا يمكن تجاهلها. ويشددون على أهمية الدور الشعبي الذي كان بمثابة العامل الأبرز في تشكل المقاومة في تعز، وفي عدم الاستسلام للمليشيات، الأمر الذي حدث في مدن ومحافظات أخرى، وذلك لأن العمل المسلح جاء ليعكس الإرادة الشعبية التي فضلت خيار المقاومة، بحسب تعبيرهم. ويؤكد المراقبون أنفسهم أنه إذا كان تحرك الجماهير مقدمة أساسية لتشكيل مقاومة صلبة، فإن صمود هذه المقاومة وانتصارها مرهون ببقاء هذا الدور الشعبي واتساعه في اليمن بمواجهة الانقلابيين، على حد قولهم.
اقــرأ أيضاً
وأكد المخلافي، الذي يقيم خارج البلاد منذ استدعائه من قبل قيادة التحالف للحضور إلى الرياض قبل نحو ثلاثة أشهر، أنه لم يعد يعول سوى على "المقاومة" التي يرى أنها الوحيدة القادرة على تحرير اليمن. وهو الأمر الذي أثار، على ما يبدو، حفيظة الدوائر المقربة من التحالف، إذ قال الخبير الاستراتيجي والعسكري، العقيد إبراهيم آل مرعي، في تصريحات صحافية قبل أيام، إن "تعز لن تتحرر إلا بأيدي أبنائها". وغمز آل مرعي من قناة المخلافي، موجهاً اتهامات ضمنية ومباشرة له، وذلك في معرض حديثه عن تجار الحروب ومتطلبات معركة تحرير تعز، وأسباب فشل عمليات التحرير السابقة.
تحرك شعبي
وفي خطوة وصفت بأنها تهدف إلى استعادة زمام المبادرة، أقيم مهرجان جماهيري، يوم الثلاثاء الماضي في مديرية المواسط، بهدف دعم وإسناد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وذلك بعد اقتراب المعارك من مناطق ظلت طوال الفترة الماضية خاضعة لسيطرة الجيش والمقاومة ومنها مديرية المواسط جنوب تعز، التي تدور المواجهات على مشارفها. كما أن المهرجان يأتي بعد أيام من تعيين رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في تعز، جابر عبدالله غالب، والنائب سلطان السامعي، في "المجلس السياسي الأعلى لإدارة شؤون اليمن" الذي شكله أخيراً شريكا الانقلاب. وينحدر غالب والسامعي من مناطق الحجرية الواقعة تحت سيطرة اللواء 35 مدرع، وكانا قد لزما ما يشبه الحياد طوال الفترة الماضية. وعكس تعيينهما حالة الاستقطاب الحادة في المناطق التي تقع خارج سيطرة المليشيات الانقلابية. ورأى متابعون أن ضم كل من غالب والسامعي إلى "المجلس السياسي" يهدف إلى "خلخلة الصف المقاوم ومحاولة ترجيح كفة الانقلاب تمهيداً لمعارك واسعة قد تشهدها هذه المناطق"، وهي الرسالة التي فهمها "اللواء 35" وبدأ التحرك على ضوئها عسكرياً وشعبياً.
في هذا الإطار، تحدث قائد هذا اللواء، العميد عدنان الحمادي، أمام المحتشدين في المهرجان، عن بعض أبناء المحافظة، الذين "وضعوا أنفسهم في مربعات الضبابية، يترنحون دون ثبات ولا مبدأ يحسن قناعتهم للتفريق بين المصالح الذاتية والمصالح العليا للوطن، وفي تناقض مريع لثقافة غريبة لا تمت لثقافتنا الوطنية بصلة"، على حد وصفه. وأضاف: "أقول لهؤلاء الخونة وقد وصلت الأمور إلى إراقة الدماء: كفوا عن الرقص على دماء الشهداء ولتذهبوا إلى مزبلة التاريخ وسيلعنكم أبناؤكم قبل الآخرين"، بحسب تأكيده. وأشاد الحمادي بدور أبناء تعز عامة وأبناء الحجرية خصوصاً، مثنياً على موقفهم البطولي والشجاع في مساندة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وداعياً كل القوى السياسية والاجتماعية إلى وحدة الصف ولم الشمل والوقوف صفاً واحداً لمواجهة كل التحديات التي يفرضها الانقلابيون، وفق قوله.
ويشير استخدام ورقة التحركات الجماهيرية بالتوازي مع التحرك العسكري إلى أن اللواء 35 مدرع يؤكد على الأهمية الحاسمة للدور الشعبي المساند للمقاومة والجيش الوطني، لا سيما أن هذا الدور كان الأساس الذي تم الارتكاز عليه في تشكيل المقاومة باليمن.
يذكر أن المقاومة تأسست في مدينة تعز، بعد تظاهرات شعبية استمرت منذ دخول الحوثيين صنعاء، وعلى نحو مكثّف، خلال الأيام التي سبقت وصولهم مع قوات صالح إلى مشارف تعز في شهر مارس/آذار 2015، وقتل وجرح حينها عدد من المتظاهرين السلميين.
وبعد أيام من انتشار قوات المخلوع صالح والحوثيين في تعز ومحاولتها السيطرة على المكاتب الحكومية، ونصب الحواجز العسكرية في بعض الشوارع، بادرت قوات من "اللواء 35"، بتحريض شعبي، إلى التصدي للمليشيات واندلعت معارك صغيرة، استمرت إحداها لأيام عدة حول مقر "اللواء" قبل أن يسقط بيد المليشيات.
وتشكلت المقاومة في تعز، بدايةً من المسلحين المتطوعين الذين انخرطوا في صفوفها لمساندة "اللواء" في وجه المليشيات، ثم من خلال تشكيلات مسلحة صغيرة أخذت تنمو، واستطاعت أن تحرر مناطق واسعة من قبضة الحوثيين وصالح في غضون أشهر قليلة، على الرغم من التفوق العسكري للمليشيات على مجموعات المقاومة.
وأصبحت مدينة النشمة (مركز مديرية المعافر) بمثابة مقر بديل لـ"اللواء 35". وتضم أيضاً معسكر استقبال، وتعد مركزاً هاماً لإدارة المعركة وتعزيز جبهات كثيرة بالمقاتلين والسلاح. ولم تكن لتصبح حاضنة للجيش والمقاومة بهذا الشكل، لو لم تتم إقامة مهرجان جماهيري كبير هناك خلال الأسابيع الأولى من الحرب، ما عكس الإرادة الشعبية للناس ومدى استعدادهم للتضحية، وذلك من خلال تشكيل أول مجلس إسناد للمقاومة.
ويعتبر مراقبون أن تحركات اللواء 35 مدرع، على المستويين العسكري والجماهيري، تشكل ورقة رابحة لا يمكن تجاهلها. ويشددون على أهمية الدور الشعبي الذي كان بمثابة العامل الأبرز في تشكل المقاومة في تعز، وفي عدم الاستسلام للمليشيات، الأمر الذي حدث في مدن ومحافظات أخرى، وذلك لأن العمل المسلح جاء ليعكس الإرادة الشعبية التي فضلت خيار المقاومة، بحسب تعبيرهم. ويؤكد المراقبون أنفسهم أنه إذا كان تحرك الجماهير مقدمة أساسية لتشكيل مقاومة صلبة، فإن صمود هذه المقاومة وانتصارها مرهون ببقاء هذا الدور الشعبي واتساعه في اليمن بمواجهة الانقلابيين، على حد قولهم.