في حلب يتناقص عدد المدارس "غير المدمرة" بشكل شبه يومي، فقد دأب النظام عبر آلته الحربية على استهداف المدارس، والمنشآت التعليمية في المدينة وريفها.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن نسبة المدارس المدمرة في المدينة، وريفها يفوق أربعين في المائة من إجمالي عدد المدارس، وقد لا تخلو مدرسة في الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة من آثار الدمار، أو التلف الناجم عن الإهمال على المدى الطويل، أو عن استخدامها كمقار من قبل قوات المعارضة.
عبد العليم محمد، مدير إحدى المدارس في مدينة حلب، يرى أن الحديث عن مناهج التدريس وأساليب التعليم نوع من الترف، إذا لم تتوفر بيئة آمنة تتم خلالها العملية التعليمية، وهذا ما لا يتوفر في حلب وريفها نتيجة الاستهداف المباشر للمدارس من قبل طائرات النظام.
ويضيف عبد العليم لـ"العربي الجديد": "انتابت الأهالي حالة من الخوف على أبنائهم، مما أدى إلى انقطاع ما يزيد عن خمسين في المائة من الطلاب عن المدارس، وهي حالة مبررة لمن يعيش في حلب، إذ لم ينس الأهالي المجزرة الأخيرة التي شهدتها مدرسة "عين جالوت"، حيث استشهد 25 طفلاً، نتيجة استهداف المدرسة بصاروخ فراغي ألقته طائرات النظام".
أطلق الأهالي بالتعاون مع العاملين في السلك التربوي، في بعض المناطق، مبادرة اسمها "المدرسة المنزلية"، إصراراً على عدم حرمان الأبناء من حق التعليم. وتعتمد المبادرة على تحويل بعض المنازل السكنية إلى مدارس، لانخفاض نسبة استهدافها مقارنة بالمدارس.
يؤكد مصطفى خطيب، مدير إحدى المدارس المنزلية، استعداد المدرسة لاستقبال التلاميذ في العام الدراسي، مضيفا "النجاح الذي حققناه في العام المنصرم، جعلنا نزيد من عزمنا على استكمال ما بدأناه "، وأشار إلى أن العقبات التي تواجه هذه المدارس، هي النقص في الكادر التدريسي المختص، والنقص في التمويل.
وفي سعي من مجلس محافظة حلب "الحرة" لتأمين كوادر التدريس، أعلن مؤخراً "مكتب التعليم والثقافة" في مجلس محافظة حلب الحرة عن تأسيس "معهد لإعداد المدرسين"، للمرحلة الابتدائية، تحت اسم "الشهيد عبد القادر الصالح "، سوف يستقبل الطلاب (المدرسين) بداية العام الدراسي الجديد، كما كشف رئيس مجلس محافظة حلب، عبد الرحمن ددم، عن خطة متكاملة أعدها المجلس للعام الدراسي.
مناهج مخيم اليرموك
لا تختلف المدارس في مناطق دمشق المحررة عن مثيلتها في حلب، ففي مخيم اليرموك المحاصر جنوبي العاصمة دمشق، خرج نحو 120 طالبا لأداء امتحان الشهادة الإعدادية "التاسع" في مراكز تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بموجب موافقات أمنية.
وأكد أحد المسؤولين عن التعليم في مخيم اليرموك لـ"العربي الجديد"، تحفظ على ذكر اسمه، "أن نسبة المتسربين من التعليم الأساسي في المخيم نحو 35 في المائة، ويقدرون بأربعة آلاف طالب"، موضحا أن "الأونروا قامت برعاية عملية خروج الطلاب لأداء الامتحان، ولم تقدم أية مساعدات أخرى، العام الدراسي قادم، وحتى الآن لا توجد أدوات تعليمية ووسائل توضيحية، إضافة إلى نقص الكتب وتجهيزات المدارس، ولم يتبرع أحد من المنظمات أو الجهات الداعمة".
مناهج مخيم اليرموك هي ذاتها المقررة من التربية السورية، مع إقصاء المواد القومية "البعثية"، كما لا تتعدى مدارس المخيم أصابع اليد، بعد تدمير أغلبها على أيدي قوات النظام، وإغلاق القسم الآخر وتحويله إلى أماكن إيواء للاجئين.
وتتوزع تلك المدارس على ما تبقى من حارات المخيم. بعضها تابع لـ"الأونروا" وتم قصفها بطائرات "ميج" سابقاً، ومع ذلك عادت لتحتضن الطلاب وسط الدمار، ويشرف عليها كادر تطوعي في ظل أدوات غائبة وطلاب خائفين وكادر تدريسي محدود وأغلبه غير متخصص. أحمد الراوي، مدرس لغة عربية للمرحلة الابتدائية في مدارس المخيم، يقول "على الرغم من الجهود التي نقوم بها ضمن المخيم، لتعليم الطلاب إلا أنه لا يمكن وصفها بعملية تعليمية سليمة، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية التي تعد مرحلة تأسيس للطالب، فكل الإمكانات من حولنا لا تخدمنا ولا تخدم الطالب، ما نقوم به اليوم هو الإبقاء على التواصل بين الطالب والكتاب، وبين الطالب والدراسة، وإن لم تثمر".
الكردية في المدارس
بعد تخلي النظام السوري عن مدينة "القامشلي" في محافظة الحسكة في الشرق السوري، وتسليمها إلى حزب "بي كي كي" الكردي، من دون قتال، بدأت المدارس في المدينة تدريس اللغة الكردية كمادة أساسية في المنهاج الدراسي، بعد أن كانت ممنوعة قبل الثورة السورية، إذ تعطى اللغة الكردية اليوم للطلاب من الصف الأول الابتدائي إلى الثانوي كمادة أساسية، بمقدار خمس حصص في الأسبوع.
مدير إحدى المدارس في القامشلي، تحفظ على ذكر اسمه، قال لـ"العربي الجديد" عن الاتفاق الذي استطاع الأكراد الوصول إليه مع النظام بخصوص التعليم "في بداية الأحداث أغلقت مديرية التربية المدارس التي تقوم بتعليم اللغة الكردية، مع المحافظة على رواتب المدرسين، مما أدى إلى استياء وغضب الأهالي، إذ لم يعد مهماً بالنسبة لهم تعلم اللغة، بقدر الأضرار الناتجة عن تغيب أطفالهم، وعدم متابعة الدارسة". يضيف "بعد اتفاق ضمني مع النظام توصلت له الأحزاب السياسية، فتحت المدارس بعد ثلاثة أشهر، وتم الاتفاق على محاصصة بالتساوي في مادة اللغة العربية والكردية، وعدم اعتبارها مادة ثانوية، واستبدال حصص الرياضة وباقي الأنشطة، والمحافظة على باقي المناهج التدريسية المعطاة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام بدون تغير، إلا إدخال اللغة الكردية".
بدأ الخلل يتسرب إلى مدارس القامشلي منذ عامين، بعد حركة نزوح كبيرة عاشتها المدينة، نتيجة قصف قوات النظام المناطق والمدن المجاورة، إذ وصل عدد طلاب الصف الواحد الذي يتسع عادة لعشرين طالبا إلى خمسين طالبا، بنفس الكوادر التدريسية والأدوات، إضافة إلى تسرب بعض الطلاب من المدارس نتيجة قصف القرى المجاورة.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن نسبة المدارس المدمرة في المدينة، وريفها يفوق أربعين في المائة من إجمالي عدد المدارس، وقد لا تخلو مدرسة في الأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة من آثار الدمار، أو التلف الناجم عن الإهمال على المدى الطويل، أو عن استخدامها كمقار من قبل قوات المعارضة.
عبد العليم محمد، مدير إحدى المدارس في مدينة حلب، يرى أن الحديث عن مناهج التدريس وأساليب التعليم نوع من الترف، إذا لم تتوفر بيئة آمنة تتم خلالها العملية التعليمية، وهذا ما لا يتوفر في حلب وريفها نتيجة الاستهداف المباشر للمدارس من قبل طائرات النظام.
ويضيف عبد العليم لـ"العربي الجديد": "انتابت الأهالي حالة من الخوف على أبنائهم، مما أدى إلى انقطاع ما يزيد عن خمسين في المائة من الطلاب عن المدارس، وهي حالة مبررة لمن يعيش في حلب، إذ لم ينس الأهالي المجزرة الأخيرة التي شهدتها مدرسة "عين جالوت"، حيث استشهد 25 طفلاً، نتيجة استهداف المدرسة بصاروخ فراغي ألقته طائرات النظام".
أطلق الأهالي بالتعاون مع العاملين في السلك التربوي، في بعض المناطق، مبادرة اسمها "المدرسة المنزلية"، إصراراً على عدم حرمان الأبناء من حق التعليم. وتعتمد المبادرة على تحويل بعض المنازل السكنية إلى مدارس، لانخفاض نسبة استهدافها مقارنة بالمدارس.
يؤكد مصطفى خطيب، مدير إحدى المدارس المنزلية، استعداد المدرسة لاستقبال التلاميذ في العام الدراسي، مضيفا "النجاح الذي حققناه في العام المنصرم، جعلنا نزيد من عزمنا على استكمال ما بدأناه "، وأشار إلى أن العقبات التي تواجه هذه المدارس، هي النقص في الكادر التدريسي المختص، والنقص في التمويل.
مناهج مخيم اليرموك
لا تختلف المدارس في مناطق دمشق المحررة عن مثيلتها في حلب، ففي مخيم اليرموك المحاصر جنوبي العاصمة دمشق، خرج نحو 120 طالبا لأداء امتحان الشهادة الإعدادية "التاسع" في مراكز تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بموجب موافقات أمنية.
وأكد أحد المسؤولين عن التعليم في مخيم اليرموك لـ"العربي الجديد"، تحفظ على ذكر اسمه، "أن نسبة المتسربين من التعليم الأساسي في المخيم نحو 35 في المائة، ويقدرون بأربعة آلاف طالب"، موضحا أن "الأونروا قامت برعاية عملية خروج الطلاب لأداء الامتحان، ولم تقدم أية مساعدات أخرى، العام الدراسي قادم، وحتى الآن لا توجد أدوات تعليمية ووسائل توضيحية، إضافة إلى نقص الكتب وتجهيزات المدارس، ولم يتبرع أحد من المنظمات أو الجهات الداعمة".
مناهج مخيم اليرموك هي ذاتها المقررة من التربية السورية، مع إقصاء المواد القومية "البعثية"، كما لا تتعدى مدارس المخيم أصابع اليد، بعد تدمير أغلبها على أيدي قوات النظام، وإغلاق القسم الآخر وتحويله إلى أماكن إيواء للاجئين.
وتتوزع تلك المدارس على ما تبقى من حارات المخيم. بعضها تابع لـ"الأونروا" وتم قصفها بطائرات "ميج" سابقاً، ومع ذلك عادت لتحتضن الطلاب وسط الدمار، ويشرف عليها كادر تطوعي في ظل أدوات غائبة وطلاب خائفين وكادر تدريسي محدود وأغلبه غير متخصص. أحمد الراوي، مدرس لغة عربية للمرحلة الابتدائية في مدارس المخيم، يقول "على الرغم من الجهود التي نقوم بها ضمن المخيم، لتعليم الطلاب إلا أنه لا يمكن وصفها بعملية تعليمية سليمة، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية التي تعد مرحلة تأسيس للطالب، فكل الإمكانات من حولنا لا تخدمنا ولا تخدم الطالب، ما نقوم به اليوم هو الإبقاء على التواصل بين الطالب والكتاب، وبين الطالب والدراسة، وإن لم تثمر".
الكردية في المدارس
بعد تخلي النظام السوري عن مدينة "القامشلي" في محافظة الحسكة في الشرق السوري، وتسليمها إلى حزب "بي كي كي" الكردي، من دون قتال، بدأت المدارس في المدينة تدريس اللغة الكردية كمادة أساسية في المنهاج الدراسي، بعد أن كانت ممنوعة قبل الثورة السورية، إذ تعطى اللغة الكردية اليوم للطلاب من الصف الأول الابتدائي إلى الثانوي كمادة أساسية، بمقدار خمس حصص في الأسبوع.
بدأ الخلل يتسرب إلى مدارس القامشلي منذ عامين، بعد حركة نزوح كبيرة عاشتها المدينة، نتيجة قصف قوات النظام المناطق والمدن المجاورة، إذ وصل عدد طلاب الصف الواحد الذي يتسع عادة لعشرين طالبا إلى خمسين طالبا، بنفس الكوادر التدريسية والأدوات، إضافة إلى تسرب بعض الطلاب من المدارس نتيجة قصف القرى المجاورة.