دفعت الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، إلى الولايات المتحدة الأميركية، باتجاه إعادة رسم الخارطة السياسية في العراق، لتحدّد أمام الكتل السياسية في البلاد طريقين فقط لا ثالث لهما، إمّا الارتباط بالمعسكر الإيراني، أو بالمعسكر الأميركي.
وعلى ما يبدو، فإنّ توجه العبادي نحو المعسكر الأميركي أخرجه من سلطة "التحالف الوطني"، ما أكسبه ثقة وتأييداً من الكتل المناوئة للتحالف، وهي "تحالف القوى العراقية" و"التحالف الكردستاني"، اللذين أيدا رئيس الحكومة، الأمر الذي سيغيّر من المعادلة السياسية في البلاد، ليضمن "ورقة الجوكر" ويكسب الخصوم، كما يرى مراقبون.
وفي هذا السياق، قال عضو الهيئة السياسية لتحالف القوى العراقية، حيدر الملا، في بيان صحافي، إنّ "أمام العبادي فرصة تاريخية لإنقاذ العراق وإعادة ريادته في المنطقة العربية"، مؤكدا أنّ "العبادي بعد عودته من واشنطن؛ إمّا سيعود مجرد نائب في الدورة المقبلة، وإما سيكون نوري سعيد العراق الجديد، وهذا يعتمد على سياسته في المرحلة المقبلة".
ولم يقتصر التأييد الذي حصل عليه العبادي على "تحالف القوى"، بل إنّ الكتل الكردستانية تؤكد أنّه "يتجه نحو تأسيس الدولة المدنية في البلاد".
وقال النائب عن "التحالف الكردستاني"، عرفات كرم، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفارق بين العبادي وسلفه نوري المالكي كبير جدّا، إذ إنّ الأخير لعب على ورقة المذهبية، وسعى لتأسيس دولة دينية مذهبية في العراق، بينما يسعى العبادي إلى تأسيس الدولة المدنية والتوجه نحو الديمقراطية الحقيقية، رغم الصعوبات".
وأضاف كرم "لا ننكر أنّ العملية السياسية في العراق هي عملية عرجاء، بسبب سعي جهات سياسية من داخل "التحالف الوطني" إلى إعاقة عمل الحكومة"، مستدركا بالقول "لكنّ جهود العبادي كبيرة في تسوية الأزمات".
ويقف ائتلاف "دولة القانون"، الذي يتزعمه نوري المالكي، ضدّ هذا التيّار، مطالبا بـ"حضور العبادي أمام البرلمان لتفسير زيارته لواشنطن ونتائجها".
وقال النائب عن الائتلاف، موفق الربيعي، في تصريح صحافي، إنّ "العبادي لا يمتلك صلاحية اتخاذ القرار بشأن بقاء وجود عسكري أميركي في العراق، وإنّ هكذا قرار من صلاحية البرلمان حصرا"، مطالبا بـ"تحديد المدة الزمنية للبقاء الأميركي".
وكسرت زيارة العبادي إلى واشنطن الحواجز بينه وبين الكتل المناوئة لـ"التحالف الوطني"، الأمر الذي سيتسبب في "عزلة لمن سيبقى داخل التحالف، ما يصبّ في مصلحة العبادي".
وقال الخبير السياسي، خالد العوادي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الصراع السياسي متجذّر في العراق، وإنّ لقاء العبادي مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وحصوله على تأييده، والاتفاق معه على عدد من القضايا، منحه (العبادي) ورقة الجوكر لقيادة المرحلة المقبلة في البلاد، والخروج من بوتقة التحالف الوطني".
كما أوضح أنّ "رئيس الحكومة العراقي، سيؤسس لخط جديد في العراق، وقد يتجه نحو حكومة توافق وطني تجمع السنة والكرد مع الشيعة، ولا تكون مرتمية في أحضان إيران، بينما سيتم عزل ائتلاف المالكي و"الحشد الشعبي" بشكل كبير".