أبدت محافل تقدير استراتيجي، مرتبطة بحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، ارتياحها الشديد لتوجهات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، باستهداف جماعة الإخوان المسلمين، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة تمثل "إسناداً" قوياً لنظام الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي ينظر إليه في تل أبيب على أنه "حليف موثوق". واعتبر "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الذي يرأس مجلس إدارته وكيل وزارة الخارجية السابق، دوري غولد، أن التوجهات الأميركية الجديدة تمثل "إسهاماً كبيراً في دعم الأمن الإسرائيلي، على اعتبار أنه يساعد على المس بحركة حماس والحركة الإسلامية الشمالية، بقيادة الشيخ رائد صلاح"، إلى جانب دورها المحتمل في دعم استقرار نظام السيسي.
وافترض المركز، في تقدير موقف نشره موقعه أمس الأربعاء، أن حكومة بنيامين نتنياهو ستطلب من أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة دعم توجهات الإدارة الجديدة، وتوفير الأرضية التي تسمح بتقليص هامش المناورة أمام "الإخوان". ولفت المركز الأنظار إلى حقيقة أن كبار أعضاء فريق ترامب أوضحوا بما لا يقبل التأويل أن الإدارة الجديدة ستحدث تغييراً جذرياً على السياسة الأميركية المتبعة حالياً تجاه "الإخوان". وأشار التقدير إلى أن ريكس تيلرسون، الذي عينه ترامب وزيراً للخارجية، ربط، في إفادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي قبل أيام، بين جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) كحركتين يتوجب استهدافهما في المرحلة المقبلة. ونوه التقدير إلى أن ما يعزز التوجه الأميركي نحو استهداف "الإخوان" تحمس الغالبية الجمهورية في الكونغرس لتغيير نمط تعاطي الولايات المتحدة حيال الجماعة، مشيراً خصوصاً إلى مشروع القانون الذي قدمه المرشح الرئاسي الجمهوري السابق، السيناتور تيد كروز، والذي ينص على ضم الجماعة إلى قائمة التنظيمات "الإرهابية".
واعتبر المركز أن استنفار إسرائيل لحث "أصدقائها" من المشرعين الأميركيين على دعم مشروع كروز هام جداً، على اعتبار أنه يمثل مصلحة إسرائيلية. وشدد على أن التدخل الإسرائيلي يكتسب أهمية كبيرة، على اعتبار أنه أثناء المداولات التي ستجرى لإقرار المشروع داخل الكونغرس سيتم دعوة ممثلي أجهزة الاستخبارات الأميركية للتعبير عن آرائهم إزاء هذا القانون. وهاجم التقدير بقوة إدارة الرئيس المنتهية ولايته، باراك أوباما التي أحبطت سن قانون مماثل في الماضي ضد الجماعة، إلى جانب أن ممثلين عن وزارة الخارجية الأميركية أجروا اتصالات رسمية مع ممثلين عن "الإخوان"، على اعتبار أنها "معتدلة". وواصل هجومه على أوباما، مضيفاً "لقد تجاهل حقيقة أن التنظيمات الإرهابية السنية، مثل داعش وجبهة النصرة، كلها برزت من داخل الإخوان المسلمين". وأوضح المركز أن هناك أسباباً وجيهة تدفع القاهرة لمباركة توجهات ترامب تجاه "الإخوان"، على اعتبار أن السياسة الجديدة تعد مصلحة لنظام السيسي. وأعاد للأذهان حقيقة أن ترامب طمأن السيسي خلال لقائهما في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي بأنه في حال انتخب، فإن إدارته ستحدث تغييراً في كل ما يتعلق بالموقف من "الإخوان المسلمين، وأن إدارة أوباما ارتكبت خطأ جسيماً بموقفها من الجماعة". وأشاد بنية مجلس النواب المصري إرسال وفد يمثله إلى واشنطن في 21 يناير/كانون الثاني الحالي، بعد يوم من تولي ترامب مقاليد الأمور، بهدف إقناع أعضاء الكونغرس بدعم مشروع قانون كروز، من خلال عرض قائمة "بالأنشطة والعمليات الإرهابية التي تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين". ونوه التقدير إلى أنه سبق لأعضاء من مجلس النواب المصري أن التقوا المستشار السياسي لترامب، وليد فارس، وعرضوا عليه "أدلة تثبت تورط الإخوان في عمليات إرهابية".
وحسب المركز، فإن السيسي يحاول حالياً إقناع الحكومة البريطانية بإغلاق مقر "الإخوان" في لندن، بزعم أن هذا المقر، مثل "مقر الجماعة في تركيا" يستخدم في دعم "الإرهاب". وأشار إلى أن السيسي بذل جهوداً كبيرة من أجل تغيير الموقف البريطاني، منوهاً إلى أنه التقى في العاشر من يناير/كانون الثاني بمدير الاستخبارات البريطانية، إليكس يانغر، في القاهرة للتباحث بهذا الخصوص. وتمنى المركز أن تسهم إدارة ترامب في إقناع حكومة تيريزا ماي والحكومات الغربية الأخرى بتغيير مواقفها وتبني التوجه الأميركي على اعتبار "الإخوان" جماعة "إرهابية"، مشيراً إلى أن ضم الجماعة إلى قائمة "التنظيمات الإرهابية" يساعد على المس بقدرتها على جمع الأموال لمواصلة أنشطتها. وأعرب عن تفاؤله بأن تسهم السياسة الأميركية الجديدة في تقديم قادة جماعة الإخوان المسلمين إلى محكمة الجنايات الدولية.