وقال الحضيري إنه سيغادر القناة وأنه مطالب بتعويض مالي لها قيمته 100 ألف دينار تونسي (30 ألف دولار أميركي) في حين أنه لا يتقاضى إلا 11 ألف دينار تونسي شهرياً (4 آلاف دولار أميركي). واعتبر البعض أنّ قيمة الأجر مبالغٌ فيها، خصوصاً أن المعني بالأمر لا علاقة له بالإعلام "لكن شاءت الصدف أن يتحول إلى إعلامي"، عبر مشاركته في البرنامج.
وتطورت الأمور أكثر بكشف الرواتب التي يحصل عليها بعض العاملين في قناة "الحوار التونسي" وأغلبهم من المحامين والممثلين الذين يقدمون برامج تلفزيونية. إذ يتقاضى علاء الشابي، وهو مقدم برنامج اجتماعي 20 ألف دينار شهرياً (6.5 آلاف دولار أميركي) وتتقاضى المحامية سمية الدهماني 17 ألف دينار شهرياً.
تلك الأرقام اعتبرها البعض ظلماً للصحافيين الذين يقومون بالعمل الأساسي في هذه البرامج، والذين يتقاضون ما بين 1000 و1500 دينار شهرياً وهو ما اعتُبر نوعاً من الظلم لهؤلاء، على النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التدخل لحلّه.
ورأى الإعلامي الحبيب ميساوي أنّ هذه الأجور لأشخاص لا يقومون بأية مهام صحافية ظلم للعاملين الفعليين في هذه البرامج والمعدين الحقيقيين لموادها التي يقدمها من يتقاضون أجوراً مرتفعة.
بدوره، قال الإعلامي محمد بوعود ساخراً "بعدما عرفت جراية (راتب) فيصل الحضيري في برنامج "أمور جدية" أدركت أنني مخطئ وعليّ القيام بمراجعات فكرية عميقة وأصبحت على استعداد للعمل مكان بية الزردي (واحدة من العاملات في البرنامج من أصحاب الجرايات المرتفعة)".
أما الإعلامي عاطف الزنايدي، فاستغرب هجوم الذين يحصلون على رواتب مرتفعة على المدرسين والأطباء والأساتذة الجامعيين عندما قاموا بإضرابات للمطالبة برفع أجورهم، في حين يحصلون على أربعة أضعاف ما يحصل عليه طبيب أو أستاذ جامعي.
واعتبر الإعلامي الصادق التواتي أنّ الكشف عن هذه الأجور المرتفعة غايته إدخال بعض الإعلاميين إلى بيت الطاعة مقابل الحصول على مثل هذه الرواتب.
وكتب "أعتقد أنّ الكشف عن الأجور التي يتقاضاها بعض "الكرونيكارات" (المحللين) في الظرف الراهن ليس بريئاً بالمرّة، بل هو تحدٍّ صارخ لأدنى القيم المهنية الأخلاقية ومحاولة بائسة لشراء ذمم الصحافيين الشرفاء، فعندما يتمّ الكشف عن أجر "فكاهي" يرتدي ثوب "كرونيكار" بما يعادل أجر أستاذ جامعي لمدة 5 أشهر وصحافي شريف أو موظف عمومي لمدة 8 أشهر، فأنت أمام أمر جلل ودعوة صريحة للكادحين من الصحافيين للانصهار ضمن هذا المسلك والابتعاد عن أخلاقيات المهنة الصحافية وما يعنيه من محاولات متواصلة لتكريس إعلام الرداءة والابتذال والتفاهة، وانحدار مجتمعي إلى الحضيض، في زمن انقلبت فيه للأسف القيم والمبادئ".
"العربي الجديد" اتصل بمصدر من قناة "الحوار التونسي" الذي بيّن أن مستوى الأجور في القناة لا يخضع إلا لمقياس النجاح في شد المشاهدين وبالتالي جلب المعلنين، وأن القناة خاصة، ومن حقها أن تحدد الأجور التي تراها مناسبة وفقاً لعقد عمل يلتزم به الطرفان (العامل والمؤسسة).
أزمة تفاوت الأجور أعادت من جديد إلى الواجهة الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعانيها جلّ العاملين في القطاع الإعلامي في تونس، خصوصاً الشباب منهم الذين يحصلون على أجور لا تكفيهم لسداد نقفاتهم اليومية، وهو ما يجعل البعض منهم يلجأ إلى أحزاب أو سياسيين أو رجال مال للعمل لديهم.