هذا التقدير جاء من قبل عدة مسؤولين إسرائيليين؛ هم: وزير الأمن الأسبق موشيه يعالون، ورئيس جهاز الاستخبارات "الموساد" الأسبق تمير باردو، ومستشار الأمن القومي الأسبق الجنرال احتياط يعقوف عامي درور، ورئيس القسم السياسي في وزارة الأمن في العقد الأخير عاموس جلعاد.
وجاء هذا الإجماع في سياق يوم دراسي نظمه، الأسبوع الماضي، مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، تحت عنوان "إسرائيل وإيران بين التصعيد والتغيير".
وقد أجمع المسؤولون المذكورون على أنّ الضغوط الأميركية، لن تفضي إلى إسقاط النظام القائم في إيران.
وفي الشأن السوري، فقد اتفق المشاركون أيضاً على أنّ ما هو أكيد وبائن، أنّ لا إيران ولا روسيا ولا الولايات المتحدة، تعتزم الانسحاب من سورية، كما أنّ تركيا لا تنوي هي الأخرى الانسحاب من الشريط الحدودي العازل الذي "احتلته" ونشرت قواتها فيه.
كما توقّع المشاركون في اليوم الدراسي، ألا تنشب حرب بين إيران وإسرائيل على الأرض السورية، لكن ذلك لا ينفي احتمالات مواجهة ما، خلال عام أو عامين.
يعالون
وقد اعتبر وزير الأمن الأسبق موشيه يعالون، في كلمته في اليوم الدراسي، أنّ إيران هي الملف "الأكثر أهمية" الذي ينبغي على إسرائيل مواجهته، وستواصل التعامل معه على اعتبار أنّ إيران "لا تكتفي بوضع إسرائيل ضمن الأهداف التي ينبغي محوها من على الخريطة، وإنّما تتطلع إلى تحقيق أهدافها حتى خارج نطاق منطقة الشرق الأوسط".
وبحسب يعالون، فإنّ "الاتفاق النووي جيد لإيران، إذ حرّرها من الضغوط السياسية الثقيلة، والعقبات الاقتصادية الكبيرة، كما أنّ الاتفاق أزال من على جدول الأعمال الخيار العسكري ضدها".
في المقابل، "حرّر الاتفاق، النظام الإيراني، من مخاوف اندلاع انتفاضة شعبية داخلية على غرار الانتفاضة الشعبية عام 2008، وبالتالي فإنّه حتى بعد انسحاب الولايات المتحدة، يبقى الاتفاق مريحاً للنظام في إيران"، وفق يعالون.
ويرى يعالون، خلافاً لموقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أنّ "الخطوة الأميركية بالانسحاب من الاتفاق ليست جيدة، لأنّها فتحت عملياً باب المواجهة بين الولايات المتحدة وبين شركائها الأوروبيين".
وبحسب يعالون، فإنّ "التهديد الرئيسي لإسرائيل اليوم، يكمن في الوجود الإيراني في سورية، إذ إنّ الإيرانيين مصممون، رغم انكشاف مخططاتهم للاستخبارات الإسرائيلية، على مواصلة العمل ضد إسرائيل وتحريك عمليات إرهابية ضدها، بالتالي فإنّ الحرب الجارية حالياً (والتي تطلق عليها إسرائيل "المعركة بين الحروب") مهمة جداً في إرجاء المواجهة القادمة، وعلى إسرائيل استغلالها لترسيم خطوطها الحمر، وسط حوار مع كل من روسيا والولايات المتحدة".
شابيرو
من جهته، اعتبر السفير الأميركي السابق لدى تل أبيب دان شابيرو، أنّ "إيران ترى الاتفاق مهماً لها، وهي ستنتظر عامين ونصف العام، أي ما تبقى من ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحالية، وسط حرص على الالتزام بالاتفاق من جهة، وتعزيز التعاون مع روسيا والصين وأوروبا من جهة ثانية، بهدف التغلّب على العقوبات الأميركية".
ومع إقراره بحرص إيران على الالتزام بالاتفاق، إلا أنّ شابيرو حذّر من "مغبة انهيار الاتفاق، خلال العامين القادمين، وربما قبل نهاية هذه الفترة، مما قد يدفع إيران إلى الإعلان عن الانسحاب منه، أو العمل سراً للتقدّم نحو المرحلة القادمة من تطوير مشروعها النووي".
وفي مثل هذه الحالة، "وبالرغم من أنّ إسرائيل لم تحصل مسبقاً على ضوء أخضر لضرب إيران، إلا أنها قد تحصل على مثل هذا الضوء، وعندها سيكون القرار بأيدي رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو ما سيكون على الإسرائيليين أن يتعلّموا كيفية مواجهته"، بحسب شابيرو.
عامي درور
وفي السياق، لم يستبعد المستشار الأسبق للأمن القومي الإسرائيلي الجنرال يعقوف عامي درور، أنّ "من شأن إدارة ترامب، منح ضوء أخضر لإسرائيل بضرب إيرن، لحثّ النظام على تقديم تنازلات كبيرة، وفي غضون ذلك سيعمل النظام في إيران، من أجل الوصول إلى (خيار كوريا الشمالية)" بحسب اعتقاده.
وهذا الخيار، وفق درور، هو خيار عسكري يقوم على القوة العسكرية التقليدية، وفي هذه الحالة وضع 130 ألف صاروخ بأيدي "حزب الله" اللبناني، لخلق حالة مشابهة لحالة كوريا الجنوبية التي هي الأكثر معارضة لوقوع حرب أو خيار عسكري ضد كوريا الشمالية، بحيث ستدفع القوة العسكرية التقليدية الإيرانية، في هذه الحالة، إسرائيل، لأن تكون المعارض الأشد للخيار العسكري.
باردو
رئيس "الموساد" الأسبق تمير باردو، أشار من جهته، إلى أنّ "إيران كانت الطرف الوحيد الذي كان مستعداً عام 2015 لقتال قواعد وعناصر (داعش) في العراق، براً، من خلال إرسال جنود للمعارك البرية على الأرض، خلافاً للأميركيين الذين اكتفوا بالضربات الجوية".
وبحسب باردو، فإنّ "الوجود الفعلي على الأرض للقوات الإيرانية في محاربة (داعش)، كان الباب الذي دخلت منه إيران إلى كل من العراق وسورية، وذلك ليس من باب مساعدة الغرب، وإنّما انطلاقاً من فهم الإيرانيين وجوبَ فرض الهيمنة على الأرض، في مختلف أنحاء الشرق الأوسط".
إلى ذلك، حدّد باردو لبنان باعتباره "نقطة الضعف الإسرائيلية"، معتبراً أنّ لبنان يشهد عملية تحوّل "طفرة"، إذ يملك قوة غير خاضعة لسلطة الدولة هي "حزب الله" باعتباره قوة عسكرية أكبر من قوة الدولة اللبنانية نفسها، وبالتالي يجب أن يكون واضحاً، بحسب باردو، "أنّه في حالة الحرب في لبنان، يعني أنّه تتوفر بنية تحتية وميناء ومطار أيضاً، وبالتالي فإنّه عندما يقولون لك اضرب منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت فإنّ ذلك ليس صحيحاً، إذ يجب أن يكون التوجّه مغايراً".
ووفق باردو، فإنّه "كان على الولايات المتحدة أن تفرض العقوبات على الدولة المضيفة: لبنان، وأن توضح للبنان وقادته أنه إما أن يتم نزع سلاح (حزب الله) خلال 45 يوماً، ويصبح جزءاً من الجيش اللبناني، أو أن يتم طردهم إلى إيران. فإذا فُرض واحد في الألف من العقوبات المفروضة على إيران على لبنان، سيدرك المسؤولون في بيروت، أنّه إذا أطلقت من الأراضي اللبنانية قذيفة واحدة باتجاه إسرائيل، فلن يبقى في بلاد الأرز حجر واحد سالماً"، على حد تعبيره.