وثقت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تقريرها الشهري "المسار الديمقراطي في مصر" ظاهرة التنكيل بكل مَن خرج إلى العلن ليكشف عن نيته الترشّح لانتخابات الرئاسة المقبلة، المحدّد لها أن تقام منتصف عام 2018.
وأبرز التقرير ما وصفه بـ"التنكيل بمرشحي الرئاسة"، فأشار إلى أن التضييق على مرشحي الرئاسة كان الحدث الأبرز الذي شهده شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، الذي يوضح وجود إرادة وإصرار واضحين من السلطات على غلق مناخ الديمقراطية، وإقامة انتخابات رئاسية بدون أي تنافس يذكر، وإزاحة أي منافس محتمل للرئيس عبد الفتاح السيسي، ففضلاً عن التنكيل المستمر منذ شهور بالمرشح خالد علي، شهد الشهر حالتين أخريين للتضييق.
الحالة الأولى لرئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق؛ ففي يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني أعلن شفيق عن نيته الترشّح في الانتخابات الرئاسية خلال بيان ألقاه من دولة الإمارات، إلا أنه بعد ساعات قليلة عاد من خلال فيديو بثّته قناة الجزيرة الإخبارية ليؤكد أنه فوجئ بمنعه من السفر من قبل السلطات الإماراتية لأسباب غير معلومة.
بعد ذلك، في مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول 2017، قامت السلطات الإماراتية بترحيله إلى القاهرة وجرى اقتياده إلى جهة غير معلومة، وهو الأمر الذي أكّدته محاميته وأسرته، لكنه ظهر بعد ذلك في مداخلة هاتفية أكد فيها أنه يتمتّع بكامل حريته، وأنه غير مقيّد الحرية، وأعلن من خلال المداخلة أيضاً أنه لم يتخذ قراراً نهائياً بالترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الحالة الثانية هي العقيد أحمد قنصوة؛ ففي يوم 29 نوفمبر/ تشرين الثاني أعلن قنصوة، من خلال مقطع فيديو بثّه على مواقع التواصل الاجتماعي، عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أنه، بعد ساعات قليلة من بث المقطع، استُدعي من مكتب المدعي العام للتحقيق معه أمام النيابة العسكرية، ثم نُشرت تصريحات صحافية منسوبة إلى محاميه تفيد بأن النيابة العسكرية قرّرت حبسه احتياطياً لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات وجرى إيداعه أحد السجون الحربية.
وشهد شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي استمرار الفعاليات الاحتجاجية المختلفة، وبالأخص تلك التي تنظمها جماعة الإخوان المسلمين وتحالف دعم الشرعية، والاحتجاجات الاجتماعية والعمالية، إذ جرى تنظيم 36 فعالية، كان بينها 22 لجماعة الإخوان، و11 احتجاجاً اجتماعياً، واحتجاجان طلابيان، وفعالية واحدة مؤيّدة للسلطة، وتعرضت ست فعاليات مختلفة للاعتداء من قبل الأجهزة الأمنية، فيما مرّت 30 فعالية من دون اعتداء.
في ما يتعلّق بالتضييق على حرية التعبير والحريات الإعلامية "شهد الشهر زيادة ملحوظة مقارنة بشهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ رصدت مبادرة (محامون من أجل الديمقراطية) 19 انتهاكاً متنوعاً. في حين قلت المحاكمات العسكرية مقارنة بالأشهر الماضية، فقد شهد محاكمة واحدة مَثُل لها 48 مدنياً".
وتابع التقرير "استمرت العمليات الإرهابية، وكان أبرزها حادث تفجير مسجد الروضة الذي نتج عنه مقتل وإصابة 437 مدنياً، كما استمرت أحكام الإعدام الجماعية، إذ شهد الشهر صدور ستة أحكام بإعدام 38 متهماً". أما المحاكمات، فقد نظر القضاء المصري 37 محاكمة متداولة، وأصدر 9 أحكام بالإدانة، و4 أحكام بالبراءة، وصدرت أحكام بالإعدام ضد 38 متهماً.
وكان توزيع الـ37 محاكمة المتداولة التي لم يتم الفصل فيها؛ 27 محاكمة لجماعة الإخوان وتحالف دعم الشرعية و4 محاكمات للقوى المدنية الديمقراطية و5 محاكمات لمنتمين إلى نظام مبارك، بينما نظر القضاء العسكري محاكمة واحدة للمدنيين.
وبشأن أحكام القضاء، فقد صدرت خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني تسعة أحكام بالإدانة، منها خمسة أحكام ضد جماعة الإخوان وتحالف دعم الشرعية، وحكم واحد في قضايا القوى المدنية الديمقراطية، وثلاثة أحكام في محاكمات عسكرية للمدنيين، وصدرت أربعة أحكام بالبراءة، من بينها حكم للإخوان وتحالف دعم الشرعية وحكم للقوى المدنية الديمقراطية وآخر لمنتمين إلى نظام مبارك، وأخيراً حكم في محاكمات عسكرية للمدنيين، فضلاً عن ستة أحكام بالإعدام.
وشهد الشهر الماضي 34 عملية إرهابية في المحافظات المختلفة و19 عملية لمكافحة الإرهاب، إذ انفجرت في عمليتين منها عبوات ناسفة، بينما تم تفكيك عبوة واحدة، ونتج عن تلك العمليات إصابة 128 ومقتل 308، كذلك شهد 19 ضربة استباقية للأمن وُصفت بالمكافحة للإرهاب واستهدفت بؤراً وصفتها الأجهزة الأمنية بالإرهابية ونتج عنها مقتل 58 وإصابة 7 والقبض على 196 آخرين.
وشهد الشهر الماضي 19 انتهاكاً متنوّعاً ضد حرية التعبير والحريات الإعلامية، من بينها حالة احتجاز وقبض، و6 حالات منع من التغطية، و8 تحقيقات للنيابة أو محاكمات جارية، وحالتا إيقاف عن العمل، وحالتا صدور أحكام قضائية.
التنكيل بالحقوقيين
بشأن الاعتداء على المدافعين عن حقوق الإنسان، وهو الملف الأكبر في التقرير، فقد قررت نيابة أمن الدولة العليا يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني تجديد حبس الناشطة سارة حجازي لمدة 15 يوماً إضافية بتهمة الترويج للمثليين، وفي يوم 12 نوفمبر/ تشرين الثاني قررت نيابة أمن الدولة العليا حبس الناشط أحمد علاء لمدة 15 يوماً إضافية على ذمة التحقيقات التي تجرى معه في القضية المعروفة إعلامياً بـ"علم الرينبو"، على خلفية اتهامه بالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف أحكام القانون والترويج لأفكار ومعتقدات تلك الجماعة.
وقضت محكمة النقض، في جلستها التي عقدت يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، بقبول الطعن المقدم من علاء عبد الفتاح، على الحكم الصادر ضده في القضية المعروفة إعلامياً بقضية أحداث مجلس الشورى شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم الصادر والاكتفاء بحبس المتهم خمس سنوات والمثول للمراقبة خمس سنوات أخرى، وإلغاء عقوبة السجن المشدد ورفض الطعن فيما عدا ذلك من طلبات.
وأجّلت محكمة جنح مستأنف الدقي، يوم 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، نظر الاستئناف المقدم من المحامي الحقوقي خالد علي، على حكم حبسه لمدة عام بتهمة ارتكاب فعل فاضح في الطريق العام إلى جلسة 3 يناير/ كانون الثاني 2018، لتنفيذ طلبات هيئة الدفاع مع إخلاء سبيله.
وفي يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني توفي الناشط جمال سرور، أحد المقبوض عليهم على خلفية تظاهرة المطالبة بحق عودة أهالي النوبة إلى أراضيهم، وكان سرور (47 سنة) واحداً من 25 ناشطاً نوبياً متهمين في القضية المعروفة إعلامياً بـ"معتقلي الدفوف"، التي تقررت في يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني إحالتها للنظر أمام محكمة الجنح.
وقررت محكمة جنايات الإسكندرية، في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني، قبول الاستئناف المقدّم من النيابة العامة على قرار إخلاء سبيل الناشط نائل حسن وآخرين في قضية نشطاء الإسكندرية، وإلغاء قرار إخلاء السبيل واستمرار حبسهم لمدة 45 يوماً على ذمة التحقيقات.
وفي يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني، قرّرت محكمة القضاء الإداري إحالة الدعوى المقامة من عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان لوقف تنفيذ قرار مدّ ندب قاضي التحقيق في القضية المعروفة إعلامياً بقضية منظمات المجتمع المدني إلى هيئة المفوضين لإعداد تقريرها في الدعوى.
ويوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني، قضت الدائرة الثانية في محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، بوقف الدعوى المقامة من أحد المحامين لإسقاط الجنسية عن الناشطة الحقوقية المصرية آية حجازي، التي تحمل الجنسية الأميركية.
وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني، قرّرت الدائرة الثانية في محكمة القضاء الإداري حجز دعوى قضائية تطالب بسحب ترخيص وإغلاق مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، الذي يُديره الدكتور سعد الدين إبراهيم، للحكم بجلسة 25 فبراير/ شباط المقبل.
وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، قررت نيابة أمن الدولة العليا تجديد حبس المحامي إبراهيم المتولي 15 يوماً، على ذمة التحقيقات في اتهامه بتأسيس "رابطة أسر المختفين قسرياً"، والتواصل مع جهات دولية لترويج أكاذيب وشائعات حول الاختفاء القسري في مصر.
وفي 20 نوفمبر/ تشرين الثاني، حددت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 18 ديسمبر/ كانون الأول للنطق بالحكم في الطعن المقام من المستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، الذي يُطالب فيه بوقف وإلغاء الحكم الصادر عن القضاء الإداري برفض دعوى بطلان إعفائه من منصبه لزوال شرط المصلحة، ويدفع بعدم دستورية القانون المعروف باسم "حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات الرقابية".