تنفرد مدارس الجالية السورية، على أطراف العاصمة القطرية الدوحة، بأنها الوحيدة التي تدرّس مناهج سوريّة نقحتها الهيئة السورية للتعليم، وهي هيئة مرتبطة بالائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومقرّها اسطنبول.
وعدّلت الهيئة المناهج السورية، بنسخة منقّحة لتتوافق مع الثورة السورية وأهدافها، وتُحافظ في الوقت نفسه على المستوى العلمي المتطور.
وافتتحت المدرسة في أكتوبر/تشرين الأول 2013، بدعم من الحكومة القطرية التي تتولى ميزانيتها التشغيلية، والبالغة نحو مليون ريال قطري (274 ألف دولار) شهرياً، وتضم في صفوفها طلابا سوريين من الجنسين، من الصف الأول الابتدائي وحتى الثاني الثانوي.
وتخضع المدرسة لإشراف المجلس الأعلى للتعليم في قطر، وشهاداتها معترف بها من المجلس الأعلى للتعليم ووزارة الخارجية القطرية، ما يتيح لطلابها استكمال دراستهم بعد الصف الثاني الثانوي في المدارس القطرية، أو الخاصة.
وزاد تدهور الأوضاع في سورية واضطرار السوريين إلى اللجوء إلى دول أخرى بحثاً عن الأمن أعداد الطلاب السوريين المنتسبين إلى المدرسة، إلى 750 طالباً وطالبة يتلقون الدراسة في 27 صفاً مدرسياً، تحت إشراف هيئة تدريسية من السوريين الذين اضطروا لمغادرة وطنهم، واللجوء إلى دول الجوار.
ويقول مدير مدارس الجالية السورية في قطر، عبد القادر الخطيب، والذي عمل في التعليم في سورية 20 عاماً، "المدرسة لا تختلف عن غيرها من المدارس، فهي مؤسّسةٌ تعليميّة غير ربحيّة، وجهد من جملة جهود تحاول توفير فرصة تعليمية لأبناء الشعب السوري المهددين بالضياع، فأخطر ما يواجه الشعب السوري وجود جيل كامل من الطلاب خارج أسوار المدرسة، ونأمل أن تحذو دول الجوار السوري التي تضم ملايين اللاجئين السوريين حذو دولة قطر، في دعم وتوفير مدارس لهم، لإنقاذ هذا الجيل من الضياع".
ورداً على سؤال "العربي الجديد" عن كيفية تعامل المدرسة والكادر التعليمي مع الأحداث في سورية، يقول الخطيب: "هدفنا الأول الحياة التعليمية، وإيصال المعلومة الصحيحة للطالب، وتوفير تعليم أكاديمي وفق أحدث البرامج التعليمية، وتوظيف التقنية الحديثة في إيضاح المناهج وتبسيطها للطلاب، وما يجري في سورية يتم التعامل معه بشكل عام، فلا نفرض على طلابنا رؤية محددة، أو لوناً معيناً".
وشدد على أن المدرسة لجميع السوريين، وأبوابها مفتوحة لمن يريد من السوريين أن ينتسب أبناؤه لها. موضحا في الوقت نفسه، أن "التوجه العام للمدرسة مع الثورة السورية وتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة، وهي ترفع على ساريتها علم الثورة السورية، لكنها لا تحاول فرض صيغة فكرية، أو لون سياسي معين على الطلاب".
يذكر أن مدرسة سورية أخرى في الدوحة، كانت تتبع السفارة السورية، وأغلقت قبل عامين، لكنها تواصل مهمتها، على الرغم من انتهاء ترخيصها، حيث لا تزال تستقبل من يرغب من أبناء الجالية السورية مقابل رسوم مالية.
وقال الخطيب إنه يأمل وجود مدرسة واحدة، تضم أبناء الجالية السورية جميعا في قطر. "المدرسة الأخرى تتقاضى رسوما مالية من طلابها، وتعاني مشكلة في وضعها القانوني، بعد انتهاء ترخيصها، وهي أمور قانونية ستحل مع الزمن".
وأفاد مدير المدارس السورية في الدوحة بأن المدرسة افتتحت في ظروفٍ غير طبيعية، يتعرض لها الشعب السوري، وهي موجهة، أساساً، لشريحة من السوريين ممن لديهم تأشيرة زيارة أو إقامة في قطر، وأن مناهجها التعليمية المنقحة وكادرها التعليمي المؤيد للثورة السورية محاولة حقيقية لبناء سورية الجديدة.
ويشير الخطيب إلى أن التحدي الأكبر أمام الكادر التعليمي يتمثل في قدرة المدرسة، مستقبلاً، على استيعاب الأعداد الكبيرة من أبناء السوريين الذين حضروا إلى قطر بتأشيرة زيارة، حيث تشترط المدارس الأخرى، حسب القوانين القطرية، وجود إقامة دائمة للعائلة في قطر، ليتسنى لها إلحاق أبنائها بالتعليم. ويطمح الخطيب، بالتالي، إلى الانتقال إلى مبنى أكبر، يتسع لجميع الطلاب، ذكوراً وإناثاً، بحيث يجري تطبيق الفصل بين الطلاب الذكور والإناث في مراحل التعليم المتقدمة.