وكشف التقرير أنه "في العام 2006، عام العدوان الثاني على لبنان، ارتفعت حالات الانتحار في صفوف جنود الاحتلال إلى 36 حالة، بما يشي باهتزاز نفسية الجنود، عقب وأثناء، العمليات العدوانية للجيش الإسرائيلي".
وفي سياق التقرير، ذكر مصدر أمني لـ"والا"، أن "حالات الانتحار، وتحديداً الحالات الثلاث الأخيرة، التي وقعت في صفوف جنود لواء جفعاتي، الذي تحمّل القسط الأكبر في الحرب البرية على غزة، دفعت جيش الاحتلال إلى توسيع العمل بخطة مواجهة حالات الانتحار، التي سبق أن تمّ تطبيقها في وحدات أخرى".
وأفاد الموقع، أن "عدد حالات الانتحار في السنة الأخيرة، ناهز عدد حالات العام 2007 بعد عام من العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي انتحر فيه 17 جندياً". وأضاف الموقع أن "العام 2008 شهد 23 حالة انتحار، فيما بلغت في العام 2010، 28 حالة انتحار". لكن التقرير لم يتطرّق إلى مئات وآلاف حالات الإصابة بـ "صدمة الحرب"، التي يعاني منها جنود الاحتلال. ويسعى الجيش الإسرائيلي للتستّر عليها، أو تخفيف المعطيات المتعلقة بها.
وفي السياق، كان موقع صحيفة "هآرتس" قد نشر قبل عامين، تقريراً مفصلاً أعدّه مركز المعلومات في الكنيست، حول حالات الانتحار في صفوف الاحتلال. وأظهر التقرير أن "عدد حالات الانتحار من العام 2006 ولغاية 2013، بلغ 124 حالة انتحار. أقدم خلالها 104 جنود على الانتحار عبر إطلاق النار على أنفسهم من سلاحهم العسكري، ووقع قسم من حالات الانتحار بعد تسريحهم من الجيش، بعيداً عن وحداتهم العسكرية. كما سُرّح بعضهم، على ما يبدو، بسبب إصابتهم بحالات مرض نفسي، مثل: صدمة القتال، وغيرها من الأزمات النفسية التي تصيب الجنود".
اقرأ أيضاً: "ارفض شعبك يحميك" يواصل تحدي التجنيد الإلزامي بجيش الاحتلال
وذكرت "هآرتس"، أن "التقرير الرسمي الذي جاء في 52 صفحة، كشف أن 110 جنود منتحرين بين العامين 2006 و2013، انتحروا خلال خدمتهم العسكرية الإلزامية. وأن عدد الجنود الذكور المنتحرين، أكبر بثمانية أضعاف من عدد المجندات المنتحرات، مما كشف عملياً وقوع حالات انتحار في صفوف المجندات أنفسهن، من دون أن تكون وسائل الإعلام الإسرائيلية أو المعطيات الرسمية تعرضت لهذه القضية يوماً ما". وأظهر التقرير أن "الجنود الذكور المنتحرين، هم ممن يخدمون في وحدات قتالية، مثل لواء جفعاتي، وبلغت نسبتهم نحو 46 في المائة من أعداد المنتحرين".
وتقرّ مختلف الجهات الإسرائيلية، أن "هاجس الانتحار هو من أكثر الأمور التي تبعث على القلق، لدى القيادات العليا لجيش الاحتلال". وهو ما يبرر، باعتراف موقع "والا"، إقرار الجيش تغيير خطط متابعة الحالة النفسية للجنود، وعدم نجاعة الخطة الرسمية المعمول بها كحماية الصحة النفسية للجنود، خصوصا من تم تشخيصهم بحالات "الضياع" والأزمات النفسية، والقلق والتردد في ساحة القتال.
وباتت الخطة تشمل الآن كافة الجنود الذين يؤدون الخدمة العسكرية، سواء كانوا ممن يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية، أم ممن يخدمون في الجيش النظامي، بالإضافة إلى توسيع نطاق الخدمات الصحية، مع إطلاق حملة "توعية" لإقناع الجنود بأن التبليغ عن حالات "جنود في ضائقة" لا يدخل في باب الوشاية بهم.
ولعل أبرز ما جاء في الدراسة، التي أعدّها مركز الكنيست للمعلومات، هو أنه في الوقت الذي تترواح فيه نسب المنتحرين في إسرائيل، بشكل عام، عند المهاجرين الجدد بين 26 و33 في المائة، فإن نسبة هؤلاء بين المنتحرين من الجنود تبلغ 37 في المائة.
ويتصل هذا عملياً بالتقارير التي تنشرها الصحف الإسرائيلية في فترات متباعدة، حول "معاناة" الجنود" المهاجرين، خصوصاً الذين جاؤوا لإسرائيل من دون عائلاتهم، ومعاناتهم من الفقر والعوز، عدا عن الوحدة والعزلة وعدم انسجامهم في المجتمع الإسرائيلي العام. وتكثر حالات الانتحار على نحو خاص في صفوف الجنود، الذين هاجروا من بلدان الاتحاد السوفييتي سابقاً، وبلغ عددهم نحو 70 جندياً من أصل 124.
وأكثر ما لفت الانتباه في التقارير الإسرائيلية، هو الإشارة إلى أن التحقيقات التي أجرتها الشرطة العسكرية أخيراً في حالات الانتحار في وحدة "غولاني"، كشفت عن قطيعة تامة بين الجنود وقادتهم الميدانيين، مما يدحض الصورة التي تسعى حكومة الاحتلال إلى ترسيخها عن الوحدة والتضامن داخل الجيش.
الأمر الذي عززه أيضاً ما كان قد نُشر قبل ثلاثة أشهر، عن حالات التنكيل الجنسي بجنود وحتى جنديات، من قبل عدد من القادة العسكريين وبمعرفة الجهات العليا في الجيش، التي فضلت غض الطرف عما يحدث داخل الوحدات، حتى افتضاح الظاهرة في الصحف الإسرائيلية وعزل عدد من القادة الميدانيين، أبرزهم العقيد ليران حجبي قائد لواء في جفعاتي، والتحقيق مع العقيد عوفير فينتور الذي قاد إطلاق العملية البرية على غزة.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تُقرّ: الحزام الأمني في جنوب لبنان كان خطأً