تمييز مزدوج يطاول معوّقي عرب 48

12 ديسمبر 2015
الدمج طريق التغيير (فرانس برس)
+ الخط -
يعاني الأشخاص المعوقون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 معاناة مزدوجة. الأولى في كونهم عرباً يمارس التمييز الإسرائيلي بحقهم على هذا الأساس. والثانية أنّ التمييز يطاولهم كأشخاص معوقين من الإسرائيليين والعرب على حد سواء. ولا يتقبل المجتمع قدرة الشخص المعوق على العمل أسوة بغير المعوق.

أحد الأمثلة البارزة هو المدير العام لمؤسسة "مسيرة" لدعم المعوقين العرب في الداخل الفلسطيني، مصطفى شلاعطة، المعروف منذ زمن بعيد من خلال صوته عبر برامج إذاعة "الشمس" في الناصرة التي يعمل فيها. فكثيرون لا يعرفون أنّ شلاعطة شخص مكفوف.

يعمل شلاعطة في مجال الإعلام والتدريب والاستشارة النفسية. يحمل شهادة ماجستير في الاستشارة النفسية من جامعة حيفا، بالإضافة إلى لقب أول في علم النفس والتربية الخاصة. وهو كذلك، خريج "معهد مانديل للقيادة التربوية"، ومتطوع لصالح المجتمع، وناشط في مجال حقوق الأشخاص المعوقين ومساواتهم ودمجهم في مرافق الحياة المختلفة.

على الصعيد الشخصي، لم تشكل إعاقة شلاعطة البصرية عقبة في الوصول الى ما يصبو إليه من نجاحات كبيرة أكاديمياً ومهنياً. ومع ذلك، فهو من الأشخاص المعوقين القلائل الذين سمحت لهم الظروف بذلك. وهو يكافح اليوم من أجل دمج الأشخاص المعوقين في المجتمع.

يقول شلاعطة لـ"العربي الجديد" إنّ "أهمية دمج المعوقين في العمل تكمن في كونه الطريق إلى التغيير، وإذا تحقق فقد يضمن التحسين في مجالات حياتية أخرى". ويتابع: "في مجتمعنا العربي في الداخل أكثر من 400 ألف شخص معوق مع إعاقات مختلفة (24 % من السكان العرب)، ما يزيد على نصف هؤلاء هم أشخاص في سن العمل (18 إلى 64 عاماً) لكن معظمهم من الإقصاء من سوق العمل".

يلفت شلاعطة إلى وجود "قوانين آن الأوان لتطبق بشكل فعلي. مثلاً هنالك تعديل قانون يفرض على كلّ مؤسسة أن يكون 3 في المائة من موظفيها من الأشخاص المعوقين. هو قانون ممتاز، لكنه غير كاف ويبقي الشريحة الأكبر خارج إطار العمل. أيضاً فإنّ آليات تنفيذ القانون ليست واضحة حتى اليوم".

يضيف شلاعطة: "هناك فجوة كبيرة بين متوسط دخل الأشخاص المعوقين ومتوسط الدخل العام. نحو 60 في المائة من الأشخاص المعوقين غير قادرين على تغطية نفقاتهم الشهرية. قسم كبير منهم يشعرون بالعزلة لافتقارهم للحياة الاجتماعية. فقط 30 في المائة من المعوقين العرب هنا يعملون، في حين تصل النسبة عند اليهود إلى نحو 57 في المائة".

يتابع: "الأشخاص المعوقون يعانون نوعين من التهميش، فمن جهة هم بحاجة دائمة للنضال من أجل حقوقهم كأشخاص معوقين، ومن جهة أخرى يعانون التهميش كونهم عرباً. تحدياتهم مزدوجة، ومعظم البرامج التي وضعت كانت للمجتمع اليهودي حصراً. ولا برامج مخصصة للمجتمع العربي بالرغم من كونه أصلاً يعاني من نسبة بطالة مرتفعة". كذلك، يشير شلاعطة إلى أنّ من يعملون من الأشخاص المعوقين يحصلون على رواتب أقل بكثير مقارنة بغير المعوقين حتى لو كانوا قادرين على أداء عملهم بأفضل صورة. كذلك، عندما يتقدم شخصان مع نفس القدرات أحدهما معوق والثاني غير معوق، فإنّ صاحب العمل يختار عادة غير المعوق بسبب الأفكار المسبقة. كما يشير شلاعطة إلى فجوة كبيرة في التعليم بين المعوقين العرب في الداخل مقابل اليهود.

بدورها، تؤكد مديرة المشاريع في مؤسسة "مسيرة" وإحدى مؤسسي صندوقه سعاد ذياب لـ"العربي الجديد" أنّ "الصعوبة الأولى التي تواجه أصحاب الإعاقة العرب، هي أنّ العربي غير المعوق من الصعب دمجه في سوق العمل. ويصعب الأمر أكثر بكثير في حالة العربي المعوق". وتضيف على هامش المؤتمر الذي عقدته المؤسسة في الناصرة حول "حق العمل لذوي الإعاقة في المجتمع العربي" أنّ "المجتمعين العربي واليهودي غير مهيئين نفسياً أو بنيوياً لاستيعاب أشخاص مع إعاقة في المؤسسات، خصوصاً مع اعتقاد أصحاب العمل أنّ الأشخاص المعوقين غير مثمرين وغير منتجين، وهذا منافٍ كلياً للحقيقة".

تضيف ذياب: "أمر آخر مهم هو أنّ المشغّل الأساسي للأشخاص المعوقين هو الدولة (إسرائيل) ومن بعدها السلطات المحلية، ومن ثم مؤسسات المجتمع المدني. وهنا يعاني العرب من ندرة المصانع والمحلات التجارية والمؤسسات الكبيرة، بعكس المجتمع اليهودي الذي تستوعب مؤسساته الكبيرة الأشخاص المعوقين وتدمجهم في وظائفها المتعددة".

اقرأ أيضاً: واقع سوداوي لعرب 48