أعرب مجلس الأمن الدولي ومنظمة العفو الدولية عن قلقهما إزاء الوضع الصعب الذي تعيشه الأقليات في العراق، وبشكل خاص الأيزيديين في محافظة نينوى شمالي العراق. ودعا إلى إيصال مساعدات عاجلة للنازحين وزيادة الجهود من قبل الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان لقطع الطريق أمام المسلحين لشنّ المزيد من الهجمات ضد السكان المدنيين.
وتأتي الدعوة في وقت بدأ فيه المقاتلون الأكراد في العراق وتركيا وسورية التنسيق لمواجهة "الدولة الإسلامية" في الموصل.
وأعلن رئيس تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في نينوى، هلو بنجوني، لوكالة "فرانس برس" أن قوات البشمركة الكردية تنسق مع مقاتلي الأكراد السوريين والأتراك من أجل مواجهة الجهاديين.
وأوضح أن "مقاتلي حزب العمال الكردستاني (التركي) وصلوا إلى جبال سنجار ويدافعون عن السنجاريين من هجمات داعش"، مشيراً إلى أن مقاتلي هذا الحزب و"غرب كردستان (بيدا في سورية) لديهم منطقة لمواجهة "داعش" هي ربيعة ومنطقة سنجار". وأضاف "نحن لدينا، محور زمار وباقي المناطق الأخرى شرق وشمال الموصل".
بدوره، قال مسؤول في حزب العمال الكردستاني لـ"فرانس برس": "مقاتلونا تحركوا من مقرهم في جبال قنديل أمس الثلاثاء، وعبروا من خلال محافظة دهوك إلى سورية". وأوضح أن "المقاتلين وصلوا اليوم إلى سنجار بعدما قام عناصر وحدات حماية الشعب (بيدا) بتأمين الطريق لهم". وأشار إلى أن "هذه القوة الآن تسلمت السيطرة على بعض المراكز والمواقع العسكرية التي كان عناصر داعش يشغلونها".
من جهته، أعلن التنظيم الكردي السوري، في بيان، أنه "قتل عشرة من عناصر الدولة الإسلامية في عمليتين داخل سنجار وأسر ثلاثة آخرين". وأضاف أن "عشرات من الشباب الأيزيديين بدأوا الانضمام إليهم، وتشكيل مجموعات لمحاربة داعش".
وعلى صعيد التطورات الميدانية، يقوم المسلحون التابعون لـ"داعش" بتوسيع مستمر لجبهات القتال مع قوات البشمركة. ويُلاحظ أن معظمها تركز على مهاجمة المواقع التي تعدّ منطقة نفوذ للحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يقوده مسعود برزاني، في أربيل ودهوك وأطراف مدينة الموصل.
وفتح مسلحو "داعش" جبهتين، إحداها في ناحية الكوير التابعة لقضاء مخمور والذي يتبع بدوره إدارياً لمحافظة نينوى، ويقع إلى الجنوب الغربي من أربيل. وتجري اشتباكات، منذ أمس الثلاثاء، بين البشمركة والمسلحين هناك.
وقال مسؤولو البشمركة إن هجوم المسلحين "تم دحره"، ولم ينجح في تحقيق أي تقدم.
واندلعت الاشتباكات عند بلدة بعشيقة الواقعة بين مدينتي الموصل ومحافظة دهوك، ويسكنها خليط من المسيحيين والأيزيديين، بعدما قصف مسلحو داعش البلدة بمدافع الهاون.
كما قصف المسلحون بلدة أخرى هي تلكيف، شمال غربي مدينة الموصل. وحاولوا أيضاً الوصول إلى بلدات أخرى مثل الحمدانية. واندلعت على إثرها اشتباكات عنيفة بينهم وبين قوات البشمركة.
من جهة أخرى، أعلنت مصادر البشمركة عن تحقيقها تقدماً على جبهة الموصل وانتقال مقاتليها إلى أحياء تقع في المنطقة الشمالية من المدينة ومنها حي القاهرة.
وأشارت إلى أن عشرة آلاف من مقاتلي البشمركة يشاركون في الهجوم على الموصل ومن ثلاثة محاور، من دون الكشف عن تفاصيل أدق للتحركات.
وتؤكد قوات البشمركة على إيقاعها خسائر كبيرة في صفوف المسلحين. وقالت إن مسلحي "داعش" خلّفوا في ناحية آمرلي التابعة لكركوك لوحدها أكثر من 170 جثة لعناصرهم نتيجة هجومهم على الناحية.
وتتحرك السلطات الكردية بشكل مكثف لمراقبة نشاطات المسلحين التابعين لتنظيم داعش وغيره، وكذلك الخلايا النائمة التي تعمل لصالح تلك الجماعات.
وفي السياق، تفيد المصادر الكردية بأن عدداً من أفراد تلك الخلايا تم اعتقالهم بعدما "اندسوا بين النازحين المقيمين في مخيم الخازر غربي أربيل"، لكن المصادر لم تكشف عن عدد المعتقلين وطبيعة الدعم الذي يقدمونه للمسلحين.
في غضون ذلك، قالت مصادر كردية في أربيل لـ"العربي الجديد" إن مسلحي "داعش"، وخلال سيطرتهم على بلدة سنجار، قاموا باحتجاز أكثر من 500 امرأة وفصلوهن عن أسرهن وتم نقلهن إلى مكان مجهول.
وأشار أحد المصادر، اليوم الأربعاء، إلى أن متابعة قضية النساء المخطتفات أوصلتهم إلى أن مسلحي داعش قاموا بنقلهن إلى مدينة الموصل، ويقومون باحتجازهن في إحدى القاعات الرياضية الكبيرة المقابلة لفندق نينوى غرب مدينة الموصل. ولفت إلى أن وضع المختطفات صعب للغاية.
قلق على الأقليات
وكان مندوب بريطانيا ورئيس مجلس الأمن الدولي، مارك ليال جرانت، أصدر بياناً مساء أمس الثلاثاء، دان فيه الهجمات التي شنها مسلحو تنظيم "داعش" على قضاء سنجار في شمال العراق.
وقال إن أعضاء مجلس الأمن في الأمم المتحدة يدينون تلك الهجمات التي شنّها "داعش" على سنجار وتلعفر في محافظة نينوى، وهم مهتمون بشدة لمستقبل مئات العراقيين ممن هم من أفراد الأقليات القومية والدينية وبشكل خاص الأيزيديين ممن تركوا منازلهم ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وأضاف البيان، أن أعضاء مجلس الأمن لاحظوا أن تلك الأقليات القومية تعيش لمئات الأعوام في سنجار وبقية مناطق نينوى، لكنهم اليوم اضطروا إلى النزوح والكثير منهم قتل أو خطف.
ودعا البيان كافة المكونات العراقية أن تتحد ضد "داعش" لأنه ليس مصدر تهديد للعراق وسورية فقط بل خطر على السلام والأمن والاستقرار في عموم المنطقة.
وفي السياق، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بسبب وضع الأكراد الأيزيديين. وقالت دوناتيلا روفيرا، وهي مستشارة في المنظمة، في بيان، إن الأيزيديين الفارّين من خطر مسلحي "داعش" لا يواجهون خطر الموت فحسب بل يعانون بسبب نقص المياه والطعام والأدوية أيضاً، ويحتاجون إلى مساعدات إنسانية.
ودعت المجتمع الدولي إلى إيصال مساعدات النازحين، فيما دعت السلطات العراقية وإقليم كردستان إلى توحيد الجهود، ليس من أجل نقل أكبر قدر ممكن من المساعدات لأولئك النازحين، بل ومن أجل منع استمرار هجمات "داعش" عليهم.