لم يعد تهويد المناهج التعليمية للطلاب الفلسطينيين في الداخل المحتل مجرد تهديد، بل بات أمراً واقعاً لم يعد يكفي مجرّد التحذير منه، بحيث ارتفع عدد الطلاب الذين يدرسون المنهاج الإسرائيلي إلى 60 في المائة خلال أربعة أعوام، فيما يتوقع أن يرتفع عدد الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون هذا المنهاج في القدس المحتلة من 1.392 في العام الدراسي 2012/2013 إلى 2200 طالب العام المقبل.
اقرأ أيضاً: تحذير فلسطيني من تهويد قطاع التعليم في القدس
وفي ظل هذا التهديد، حذّرت شخصيات فلسطينية من فرض المنهاج التعليمي الإسرائيلي على الطلاب الفلسطينيين في القدس المحتلة، وذلك في مؤتمر صحافي عقدته الأربعاء الماضي في المدينة بحضور شخصيات سياسية ودينية وتربوية.
وكانت صحيفة "هآرتس" قد نشرت تقريراً في نهاية الشهر الماضي، ذكرت فيه أن عدد الطلاب الذين يدرسون المنهاج الإسرائيلي قد ارتفع خلال أربعة أعوام دراسية بنسبة 60 في المائة. وأشارت، استناداً إلى معطيات رسمية إسرائيلية، إلى وجود 6 مدارس تابعة لبلدية الاحتلال في القدس المحتلة اليوم تدرّس المنهاج الإسرائيلي في 43 صفاً، فيما سيرتفع عددها العام الدراسي المقبل لتصبح 15 مدرسة بلدية بواقع 88 صفاً.
وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، إن سياسة الاحتلال في هذا الشأن تعتمد حالياً على التخيير لا الفرض، مما يعني وجوب توجيه الخطاب برفض المنهاج الإسرائيلي إلى الآباء والأمهات بشكل أساسي وإلى مديري المدارس. ودعا اتحاد لجان أولياء الأمور إلى التوجه إلى مدارس القدس ولقاء أهالي الطلاب فيها وتوضيح مخاطر التعليم الإسرائيلي لهم.
بدوره، استعرض ممثل أولياء أمور الطلاب في المدارس الأهلية، فؤاد عابدين، المحطات التي مرّ بها الهجوم الإسرائيلي على المنهاج التعليمي في القدس المحتلة، بدءاً من العام 1967، وما تلا ذلك من إضرابات واعتصامات عمّت أرجاء القدس حتى نجح المقدسيون في الإبقاء على مناهجهم العربية، مروراً بتحريف المنهاج الفلسطيني، ووصولاً إلى الترويج للمنهاج الإسرائيلي.
وذكر عابدين أن مديري مدارس بلدية الاحتلال والمدارس الخاصّة المدعومة منها تلقوا في بداية العام 2015 رسالة من المدير العام للتعليم الإسرائيلي تفيد بأن "المنهاج الإسرائيلي هو الأساس، ولا يسمح باستلام أي كتب تعليمية من أي جهات غير البلدية، وكل من يخالف هذه التعليمات سيكون عرضة للإجراءات القانونية".
وتجدر الإشارة إلى أنه منذ العام 2011 توّزع بلدية الاحتلال على عدد من مدارس القدس منهاجاً فلسطينياً محرفاً، بعدما أزالت منه أي إشارات للتاريخ العربي والإسلامي لفلسطين ولمقاومة الاحتلال فيها، فيما ترفض الغالبية العظمى من هذه المدارس استلام الكتب المحرّفة من بلدية الاحتلال وتتوجه لاستلامها من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، على عاتقها الخاص.
وفي الإطار نفسه، نبّه نائب محافظ القدس، عبد الله صيام، إلى خطورة توجه بعض المدارس الأهلية إلى بلدية الاحتلال ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية للحصول على دعم مالي، مشيراً إلى أن هذا الدعم المالي أعطي في بداية الأمر بدون مقابل، ولكنه عند ظهور أي خلافات يستخدم "لليّ الذراع ويصبح ثمنه تطبيق المنهاج الإسرائيلي".
وقال الاستاذ في جامعة القدس، جمال عمرو، إن "انهيار التعليم يعني انهيار المدينة"، مشبّهاً الهجمة الإسرائيلية على التعليم بالحرب الناعمة الأشد فتكاً من حرب السّلاح. وطالب بالاستفادة من عضوية دولة فلسطين في المنظمات الدوليّة لرفع شكوى ضدّ الإجراءات الإسرائيلية بخصوص التعليم في القدس المحتلة والتصدّي لها.
تجدر الإشارة إلى أنّ بلدية الاحتلال قامت بترقية فرع التعليم العربي فيها إلى مستوى "قسم"، بمعنى أنه لم يعد تابعاً لقسم التعليم اليهودي، وأصبح قسماً منفرداً بحدّ ذاته، وذلك في محاولة لتوسيع نفوذها وفرض طابعها وسياساتها على طلاب القدس الفلسطينيين. وتوجد في القدس المحتلة 5 مظلات تعليمية يدرس فيها الطلاب الفلسطينيون، أكبرها مظلة بلدية الاحتلال التي يدرس في مدارسها ما يقارب 45 ألف طالب، بنسبة تفوق الـ 55 في المائة من مجموع الطلاب.