لليوم الخامس على التوالي، تتواصل قضية قائد عمليات الجيش العراقي في محافظة الأنبار(غرب)، اللواء الركن محمود عبد العزيز الفلاحي بالتفاعل سياسياً وأمنياً، وذلك على خلفية نشر مليشيا "كتائب حزب الله"، تسريبات صوتية لمكالمات، قالت إنها للجنرال الفلاحي مع عميل آخر سلّم من خلالها إحداثيات مواقع لعدة فصائل عراقية مسلحة على الحدود مع سورية.
وكشفت التسريبات أنه تم خلال تلك المكالمات الصوتية استهدافهم جوا قبل فترة من قبل طيران الكيان الصهيوني، كما كشفت عن لقاءات للقائد العراقي مع مسؤولين في السفارة الأميركية، يجري الترتيب لها.
وفي وقت أعلنت وزارة الدفاع عن فتحها تحقيقاً موسعاً بشأن ما نشرته مليشيا "كتائب حزب الله"، تؤكد مصادر لـ"العربي الجديد"، أن التحقيقات التي تجريها مديرية الاستخبارات العسكرية في بغداد لم تتوصل حتى الآن إلى ما يدين الفلاحي.
في المقابل، يرى نواب وسياسيون عراقيون أن تهم التخابر مع الأميركيين الموجهة للقائد العسكري العراقي يجب أن تشمل أيضاً تهم التخابر مع إيران وفتح ملف تهم الخيانة العظمى وتفعيل التهمة من خلال قضية سقوط الموصل وما بعدها.
وقال مسؤول عراقي رفيع في بغداد اليوم لـ"العربي الجديد"، إن "الاستخبارات العسكرية ما زالت تحقق في التسجيلات وأشركت لجنة فنية مختصة وطلبت من شركة هاتف سجل مكالمات الجنرال محمود الفلاحي، كما طالبت مليشيا كتائب حزب الله بالنسخة الأصلية من التسجيلات الموجودة لديها، والتي لم يتم عرضها على قنوات عراقية تابعة لها قبل أيام".
وأضاف المسؤول أن اللجنة "تعتبر حتى الآن التسجيل مفبركا ولا أساس للاتهامات الموجهة للقائد العراقي، وهناك مشاكل بين الأخير وبين مليشيا كتائب حزب الله العراقية تتعلق بنفوذ المليشيا على الأرض ومحاولتها قبل مدة أخذ معدات وآليات عسكرية تابعة للجيش العراقي، وهو ما رفضه اللواء محمود الفلاحي، ما تسبب بخلاف حاد بين الجانبين".
وكشف أن قائد عمليات الأنبار غير محتجز كما أشيع، "لكنه موجود في بغداد بناء على طلب اللجنة المكلفة بالتحقيق لحين انتهائه".
بدورها، تحدثت مصادر عسكرية في محافظة الأنبار غربي العراق لـ"العربي الجديد"، عن أن الفلاحي الذي يشغل المنصب منذ نحو عامين "غير موجود على رأس عمله"، مؤكدة أن الفلاحي "أخذ ما يثبت براءته من التهم الموجهة إليه، خاصة أن الأميركيين موجودون في مقر قيادة عمليات الجيش العراقي، ولا حاجة لعميل أو وسيط حتى يتم التواصل معهم من خلاله".
"التخابر مع الأميركيين لا يختلف عن التخابر مع الإيرانيين"
في المقابل، قال عضو في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار إن القوى السياسية "تؤيد التحقيق للوصول إلى الحقيقة، لكن على الحكومة أيضا أن تعرف أن كتائب حزب الله تهين قادة الجيش، وتستهدف من لا يسير في صفها وهذا خطر، كما أن تهم الخيانة العظمى والتخابر يجب أن تكون على الكل، بمعنى أن التخابر مع الأميركيين لا يختلف عن التخابر مع الإيرانيين".
وكشف عضو البرلمان، عن أن هناك توجها في حال فتح الملف بحق قائد العمليات في الأنبار اللواء محمود الفلاحي، "أن نطالب بفتحه مع آخرين تخابروا مع إيران علنا، وأن تفتح تهمة الخيانة العظمى بملف سقوط الموصل كوننا نعتبر أن استهداف الفلاحي سياسي من قبل جهات مرتبطة بإيران".
ودافع عضو البرلمان العراقي النائب المستقل فائق الشيخ علي عن الجنرال الفلاحي واعتبر أن الموضوع ملفق بحقه، مبينا أن ما سمعه هو "محاولة بائسة لتسقيطه والتشهير به"، بحسب تصريحات له نقلتها وسائل إعلام محلية عراقية.
فيما حذر عضو البرلمان ورئيس كتلة الحل، محمد الكربولي، مما وصفه بـ "مخطط يهدف لإقصاء الخبرات العسكرية من مواقع المسؤولية في قيادة العمليات"، موضحاً في بيان له أن العمل الاستخباري المحترف يقتنص المعلومة المهمة ولا ينتظر العثور عليها عبر الإعلام، مبيناً أن التكنولوجيا الحديثة "سهلت فبركة الفيديوهات فكيف يمكن الوثوق بالتسجيلات الصوتية؟"، وتابع: "بكل الأحوال سننتظر نتائج التحقيق".
ووفقا لقانون العقوبات العراقي، فإنه يعاقَب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من عمل مع دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد العراق قد تؤدي إلى الحرب أو إلى قطع العلاقات السياسية.
في هذه الأثناء، قال عضو لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان كريم عليوي إن لجنته تتابع ملف التسريب الصوتي للفلاحي، مشيرا في تصريح صحافي إلى تشكيل لجان فنية من قبل وزارة الدفاع، والاستخبارات، والاتصالات، والأمن الوطني للتحقق من صحة التسجيل.
ونشر إعلام مليشيا "حزب الله العراقي"، الجمعة الماضي، مقطعاً صوتياً لاتصال هاتفي بين شخصين، ادعى أن أحدهما هو قائد عمليات الأنبار، والآخر عراقي يعمل مع وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA)، كان وسيطاً بين الفلاحي والأميركيين، بحسب التسجيل المسرّب، يتضمن منح الفلاحي معلومات عن مواقع وجود مليشيات عراقية للعميل، وتفاصيل عن مناطق وجودهم الأخرى في الأنبار، ووصفت المليشيا ما حدث بالخيانة العظمى التي تؤثر على أرواح المقاتلين في المؤسسة العسكرية والفصائل المسلحة.