وتبادلت طهران وباريس السفراء، الأحد، بعدما أعلنتا ذلك خلال الشهر الماضي، بعد أن علقت فرنسا تعيين مبعوث لها لدى إيران، العام المنصرم، لمدة سبعة أشهر على خلفية اتهاماتها بأن المخابرات الإيرانية خططت لهجوم على تجمع للمعارضة في باريس.
وأفاد موقع الخارجية الإيرانية بأن السفير الفرنسي استُدعي إلى الخارجية من قبل رئيس سكرتارية لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق النووي، حسين سادات ميداني، ليبلغه احتجاج بلاده على فحوى تغريدات سفير فرنسا لدى واشنطن، مستوضحاً موقف باريس منها، وإن كانت تلك التغريدات تعبر عن المواقف الرسمية للحكومة الفرنسية.
وأبلغت الخارجية الإيرانية فيليب تيه بو أن فحوى التغريدات تتنافى بشكل صريح مع أهداف وبنود الاتفاق النووي، الذي تعتبر فرنسا أحد شركائه، مهددة في الوقت ذاته أنه "في حال لم تتم معالجة هذه المسألة بشكل مُرض، فسوف تقوم الجمهورية الإسلامية بمتابعتها وفق الآليات المحددة في الاتفاق النووي وتحتفظ بحقها في الرد".
وفي المقابل، أعرب السفير الفرنسي الجديد لدى طهران عن عدم اطلاعه على التغريدات المنتسبة لزميله في واشنطن، مشدداً على إرادة بلاده لتنفيذ جميع بنود الاتفاق النووي.
وأبلغ تيه بو الخارجية الإيرانية أنه سينقل احتجاجها على ما ورد في تغريدات السفير آرود للحكومة الفرنسية فوراً، بحسب موقع الخارجية.
حظر التخصيب للأبد
وكان السفير الفرنسي لدى الولايات المتحدة قد غرد، مساء أمس السبت على "تويتر"، قائلاً إن "ما يقال عن أن إيران يمكنها القيام بتخصيب اليورانيوم بعد انتهاء الاتفاق النووي (في عام 2025) يعتبر خطأ، فهي عليها أن تثبت وفق معاهدة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل والملحق الإضافي وتحت الرقابة الشديدة، أن نشاطاتها النووية سلمية".
وأضاف آرود "كما قلنا عام 2002 إن تخصيب اليورانيوم دون امتلاك برنامج مدني مقنع في المجال النووي غير قانوني بناء على معاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، سنكون قادرين كذلك أن نرد في عام 2025 عند الحاجة. فحينئذ يمكن إعادة فرض العقوبات مجدداً، ولا يوجد بند قابل للزوال في الاتفاق النووي بعد انتهائه".
ولفت السفير الفرنسي إلى أن "روسيا توفر اليورانيوم المخصب لمفاعل بوشهر النووي، لذلك لا يوجد سبب منطقي لتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بعد الاتفاق النووي".
وعلّق مساعد الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية، عباس عراقجي، اليوم الأحد، على تغريدات آرود، قائلاً إنه "في حال كانت تغريدات جرارد آرود تعبر عن موقف فرنسا، حينئذ نحن أمام انتهاك متعمد لغاية الخطة الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وقرار 2231 لمجلس الأمن".
وأضاف عراقجي "على باريس أن توضح سريعاً وإلا سنقوم بالإجراء اللازم".
والثلاثاء الماضي، خلال اتصال هاتفي تلقاه الرئيس الإيراني حسن روحاني من نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أكد الأخير ضرورة تنفيذ الاتفاق النووي، قائلاً إن "فرنسا والشركاء الأوروبيين يتابعون تطبيق تعهداتهم لتنفيذ جميع مواد الاتفاق النووي".
وأوضح أن "فرنسا وبقية شركاء الاتفاق يبذلون جهودهم لتشجيع واشنطن على تعديل العقوبات على إيران"، موضحاً أن "لروسيا والصين دوراً مهماً في هذا الصدد".
كما شدد روحاني، خلال الاتصال، على التزام جميع الأطراف بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي، قائلاً إن إيران "قد نفذت جميع التزاماتها، لكنها في المقابل لم تر إجراءات عملية من بقية الأطراف".
واستشهد روحاني بالتقارير الـ14 التي أصدرتها المنظمة الدولية للطاقة النووية منذ التوقيع على الصفقة النووية عام 2015، أكدت فيها المنظمة التزام طهران بتعهداتها.
ومنذ التوصل إلى هذه الصفقة، تخضع المنشآت النووية الإيرانية لمراقبة صارمة من قبل المنظمة الدولية للطاقة النووية التي تصدر تقارير دورية حول مدى التزام طهران بتعهداتها.
وطالب روحاني نظيره الفرنسي بالتسريع في تطبيق آلية الدعم الأوروبي لمواصلة التجارة مع إيران، المعروفة بـ"إنتيكس".
لا ننتظر أوروبا
ويأتي التوتر الجديد بين طهران وباريس في وقت ستحلّ الذكرى الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي بعد أقل من شهر، مع تصفير منافع طهران الاقتصادية من الاتفاق بفعل العقوبات الأميركية، وسط استمرار الوعود الأوروبية لها من دون ترجمتها إلى أفعال، لتعاود إيران انتقاد الأوروبيين، حيث قال وزير خارجيتها، محمد جواد ظريف، اليوم الأحد، إنهم "متأخرون جداً في تنفيذ تعهداتهم تجاه إيران".
وقال ظريف إن إيران "أسست في الأسبوع الماضي الشركة الشريكة لإنتكس (الآلية الأوروبية لدعم التجارة مع إيران)، بالتالي لا يوجد ما يتذرع به الأوروبيون لعدم تنفيذ التزاماتهم والبدء بالعمل وفقها".
وأضاف ظريف أن الآلية الأوروبية "هي خطوة أولية للأوروبيين، وهم قدموا لنا في مايو/ أيار من العام الماضي تعهّدات بعد خروج أميركا من الاتفاق النووي"، مؤكداً أن "على الأوروبيين بذل الجهود لتنفيذ التزاماتهم، فهم متأخرون جداً، ولا ينبغي أن يتصوّروا أن إيران ستنتظرهم".