يُنتظر أن تتراجع أسعار الذهب خلال العام الجاري إلى أدنى مستوى لها منذ خمسة أعوام، مواصلة بذلك الخسائر التي تتكبدها منذ نحو عامين، وسط توقعات بأن تستعيد عافيتها العام المقبل مدفوعة بتحسن الطلب على المعدن النفيس في آسيا، ما يعني أن الوقت مناسب لشراء الذهب.
واستبعد محللون في خدمة "جي.اف.ام.اس"، التابعة لمؤسسة "تومسون رويترز" أن ترتفع أسعار الذهب خلال العام الجاري بسبب ما اعتبرته "القوة النسبية للاقتصاد الأميركي مقارنة مع أوروبا والأسواق الناشئة". لكنهم توقعوا أن يسدل الذهب الستار بنهاية السنة الجارية على موجة الخسائر التي بدأها قبل نحو عامين.
وتوقعت "جي.اف.ام.اس" أن يبلغ متوسط سعر الذهب 1170 دولاراً للأوقية خلال العام الجاري.
وأضافت: "بالنسبة لعام 2016 نتوقع نمواً متواضعاً مع تصور أساسي لسعر يبلغ 1250 دولاراً للأوقية في ظل تسارع الشراء بالأسواق الآسيوية، بينما سيعمل طلب المستثمرين من المؤسسات في تلك الأسواق على إبطال أثر تراجع الطلب الغربي على الذهب خارج المقصورة في الفترة الأخيرة".
ونبهت، في تقرير نشرته وكالة "رويترز"، إلى أن الذهب قد يتراجع إلى 1100 دولار للأوقية هذا العام، وهو مستوى غير مسبوق منذ مارس/آذار 2010، وفي المقابل، استبعدت أن تتجاوز الأسعار 1340 دولاراً للأوقية.
ونزلت الأسعار نحو 2% في العام الماضي مع تراجع الطلب إلى أدنى مستوى في أربع سنوات عند 4158 طناً، بانخفاض 18%.
وشهد العام المنصرم شراءً مكثفاً للذهب، ولاسيما في الصين مع انحدار الأسعار الفورية بنسبة 28% لتنهي موجة صعود دامت 12 عاماً.
كما تراجع شراء الحلي الذهبية، الأكثر طلباً بنسبة 9% في 2014، متأثرة بانخفاض الإقبال على شرائها في الصين بنحو الثلث.
لكن تعافى الطلب الهندي على الحلي وزاد 14% إلى مستوى قياسي بلغ 690 طناً، بعد تراجعه على مدى ثلاث سنوات، أبطل جزئياً أثر تراجع المشتريات الصينية.
وهوت سوق التجزئة للمسكوكات والسبائك 40% على أساس سنوي مع تراجع الطلب الصيني والهندي بشكل خاص. وهبط الطلب الصيني على السبائك 53 بالمائة إلى أدنى مستوى منذ 2010.
وخلص التقرير نفسه إلى أن تراجع مشتريات المسكوكات والسبائك والحلي لغرض الاستثمار، ساعد في دفع السوق صوب فائض قدره 204 أطنان للعام.
وفي المقابل، استفادت أسعار الذهب العام الماضي من ارتفاع مشتريات البنوك المركزية بنسبة 14%، حيث بلغت 466 طناً، ضمنها 173 طناً للبنك المركزي الروسي.
كما ارتفع إنتاج المناجم إلى مستوى قياسي للعام الخامس على التوالي، حيث سجل 3133 طناً، بحسب التقرير، وبلغ التحوط، أي قيام شركات التعدين ببيع الإنتاج بشكل مسبق، أعلى مستوى منذ عام 1999 عند 103 أطنان.
وكان عدد من خبراء الذهب والاقتصاد والمال قالوا في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" إن الوقت الحالي مناسب لشراء الذهب، خصوصاً بعدما حافظ المعدن الأصفر على جاذبيته كملاذ آمن للأموال سواء للادخار أو الاستثمار، على الرغم من الأزمة المالية والاقتصادية التي تضرب عدداً من دول العالم منذ بضع سنوات.
وقد عرفت أسعار الذهب قفزات كبيرة، خلال النصف الثاني من العقد الماضي، مما جعل المعدن النفيس يدر موارد مهمة على المستثمرين فيه، خصوصاً في عام 2012، الذي قفز فيه إلى 1670 دولاراً للأوقية.
وعادة ما تغتنم أسعار الذهب انخفاض سعر صرف الدولار والنفط وتراجع البورصات العالمية، ما يعني، أيضاً، أنها تتأثر سلباً بصعود العملة الأميركية وانتعاش أسواق الأسهم.
وأكد الخبير العالمي في سوق الذهب، مصطفى بلخياط، أن الذهب سيواصل الارتفاع خلال الأشهر المقبلة.
وبنى بلخياط، وهو مغربي، توقعاته على تكهنات بارتفاع طلب العديد من البلدان، خصوصاً الصين، أكبر مشترٍ للذهب عالميّاً، على المعدن الأصفر.
وكان الخبير المالي الكويتي، فهد الشريعان، أكد، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن "الاستثمار في الذهب هو الخيار الأنسب للمرحلة المقبلة".