بعد العامين العصيبين 2014 و2015، ينهي الاقتصاد الروسي عام 2016 وسط تعافي مؤشراته مدفوعة بارتفاع أسعار النفط لأكثر من 50 دولارا للبرميل، وزيادة الآمال في رفع العقوبات الغربية، بعد فوز المرشح الأميركي دونالد ترامب، في انتخابات الرئاسة الأميركية، واستعادة العلاقات الاقتصادية مع تركيا.
لم تكن بداية العام الماضي مشجعة نظراً لتهاوي أسعار النفط إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وزيادة حدة التوترات الجيوسياسية، وانهيار قيمة العملة الروسية الروبل إلى أدنى مستوى تاريخياً، إذ تجاوز الدولار حاجز الـ 80 روبلاً آنذاك.
إلا أن الاقتصاد الروسي أظهر في الأشهر اللاحقة تكيفه مع تدني أسعار النفط والعقوبات الغربية، قبل أن يدفع اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المنتجة داخل "أوبك" وخارجها بالأسعار نحو الارتفاع، لتنخفض قيمة الدولار أمام الروبل إلى نحو 60 روبلاً فقط للدولار الواحد.
كما أنهت روسيا العام بأكبر صفقة خصخصة في تاريخها، إذ تم بيع 19.5% من أسهم شركة "روس نفط"، أكبر شركة نفط روسية، لكونسورتيوم يضم جهاز قطر للاستثمار وشركة "غلينكور" السويسرية مقابل 10.5 مليار يورو.
وبإتمام هذه الصفقة التي وصفت بأنها "تاريخية"، تمكنت روسيا من كسر حصار العقوبات الغربية التي كانت تخضع لها "روس نفط"، ودعم الميزانية الفيدرالية واستعادة ثقة المستثمرين، وفق ما أكده خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عاد الاقتصاد الروسي إلى النمو، مسجلاً زيادة نسبتها 0.1% على أساس شهري، كما تتوقع وزارة التنمية الاقتصادية الروسية أن يبلغ انكماش الاقتصاد 0.5% فقط خلال عام 2016، وذلك مقابل 3.75% في عام 2015، فيما أتاح استقرار سعر صرف الروبل خفض معدل التضخم إلى ما دون 6% مقابل 12.7% في عام 2015.
وكان القطاع المصرفي من أكبر المستفيدين من تحسن الظروف الاقتصادية، إذ تشير تقديرات العاملين به إلى ارتفاع أرباحه كثيراً مقارنة بعام 2015 وسط زيادة الاقتراض وإقدام المصرف المركزي على خفض الفائدة الأساسية من 11% إلى 10.5% أولا، ثم إلى 10% .
وترى آنا بودروفا، كبيرة المحللين في شركة "ألباري" للتداول، أن تعافي الاقتصاد الروسي والروبل جاء نتيجة لمجموعة من العوامل أتاحت وقف تراجعه.
وتقول بودروفا لـ"العربي الجديد": "جاءت هذه النتائج الهائلة نتيجة لمجموعة من عوامل دعم، وأهمها عدم تعرض الاقتصاد الروسي لصدمات في عام 2016 وارتفاع أسعار النفط التي يعتمد عليها الروبل".
وتضيف بودروفا: "على مدى عام تقريباً، بحثت منظمة "أوبك" تجميد الإنتاج، وتمكنت في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق ليس بين أعضائها فحسب، وإنما أيضاً مع الدول المنتجة خارجها. وأثّر ذلك إيجابا على أسعار النفط وقيمة العملات النفطية".
وفي ما يتعلق بالعوامل الرئيسية التي ستكون مؤثرة في عام 2017، فتلخصها الخبيرة المالية الروسية في "آليات تنفيذ اتفاق خفض إنتاج النفط وسياسات الإدارة الأميركية الجديدة وحالة الاقتصاد الصيني".
ووصفت إلفيرا نابيولينا، رئيسة المصرف المركزي الروسي، عام 2016 بأنه كان " عام الانتهاء من التكيف مع التحديات الخارجية"، مرجحة عودة الاقتصاد الروسي إلى النمو بنسبة لا تزيد عن 1% في 2017.
وقالت نابيولينا لقناة "روسيا 24": "نتوقع أن يدخل اقتصادنا في العام المقبل مرحلة النمو. نعتبر أن هذا العام كان عام انتهاء تكيف اقتصادنا مع التحديات الخارجية. سيتحقق النمو في العام المقبل بفضل الزيادة المعتدلة للاستهلاك وعودة النشاط الاستثماري".
وسبق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن ربط خلال مؤتمره الصحافي السنوي، تعافي الاقتصاد الروسي بالنمو في عدد من القطاعات مثل الصناعة والزراعة، وتفوق روسيا في مجالات التكنولوجيا النووية والفضائية والدفاعية، وأيضا استبدال الواردات.
وما يزال الاقتصاد الروسي يواجه تحديات ومشكلات، منها استمرار تراجع الدخل الحقيقي للفرد وعدم انتعاش الاستهلاك.
وبحسب توقعات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، سيبلغ تراجع دخل الفرد الحقيقي 5.8% في 2016، بينما توقع وزيرة المالية، أنطون سيلوانوف، ارتفاعه بنسبة 1.5% في 2017.
وأشارت الوزارة في تقريرها عن الأشهر الـ11 الأولى من 2016، إلى توقعاتها بتراجع تجارة التجزئة بنسبة 4.9% بدلاً من 4.6% حسب التوقعات السابقة.
ومع تحول تدني أسعار النفط إلى واقع جديد واستبعاد عودتها إلى أكثر من 100 دولار للبرميل كما كان الأمر عليه في منتصف عام 2014، عادت روسيا إلى وضع الميزانية لمدة ثلاث سنوات بدلا من سنة واحدة، لكن انطلاقا من سعر النفط 40 دولاراً للبرميل بدلاً من 50 دولاراً في عام 2015 أو أكثر من 90 دولاراً في السنوات السابقة.
وتقتضي الميزانية الجديدة ألا تزيد نسبة التضخم عن 4%، على أن يبلغ متوسط سعر صرف الدولار 65.7 و68.7 و71.1 روبل على التوالي في أعوام 2017 و2018 و2019، بينما ستخفض النفقات الدفاعية من 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2016 إلى 2.8% حتى عام 2019، وفق ما أكده الرئيس الروسي مؤخراً.
في المقابل لم يخل عام 2016 من عدد من قضايا الفساد وأكبرها ملاحقة وزير التنمية الاقتصادية السابق، أليكسي أوليوكايف، بتهمة الحصول على رشوة قدرها مليونا دولار مقابل السماح لـ"روس نفط" بشراء حصة الدولة في شركة "باش نفط"، فيما يعتبر أكبر فضيحة فساد تهز روسيا منذ 2012.
اقــرأ أيضاً
لم تكن بداية العام الماضي مشجعة نظراً لتهاوي أسعار النفط إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وزيادة حدة التوترات الجيوسياسية، وانهيار قيمة العملة الروسية الروبل إلى أدنى مستوى تاريخياً، إذ تجاوز الدولار حاجز الـ 80 روبلاً آنذاك.
إلا أن الاقتصاد الروسي أظهر في الأشهر اللاحقة تكيفه مع تدني أسعار النفط والعقوبات الغربية، قبل أن يدفع اتفاق خفض الإنتاج بين الدول المنتجة داخل "أوبك" وخارجها بالأسعار نحو الارتفاع، لتنخفض قيمة الدولار أمام الروبل إلى نحو 60 روبلاً فقط للدولار الواحد.
كما أنهت روسيا العام بأكبر صفقة خصخصة في تاريخها، إذ تم بيع 19.5% من أسهم شركة "روس نفط"، أكبر شركة نفط روسية، لكونسورتيوم يضم جهاز قطر للاستثمار وشركة "غلينكور" السويسرية مقابل 10.5 مليار يورو.
وبإتمام هذه الصفقة التي وصفت بأنها "تاريخية"، تمكنت روسيا من كسر حصار العقوبات الغربية التي كانت تخضع لها "روس نفط"، ودعم الميزانية الفيدرالية واستعادة ثقة المستثمرين، وفق ما أكده خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عاد الاقتصاد الروسي إلى النمو، مسجلاً زيادة نسبتها 0.1% على أساس شهري، كما تتوقع وزارة التنمية الاقتصادية الروسية أن يبلغ انكماش الاقتصاد 0.5% فقط خلال عام 2016، وذلك مقابل 3.75% في عام 2015، فيما أتاح استقرار سعر صرف الروبل خفض معدل التضخم إلى ما دون 6% مقابل 12.7% في عام 2015.
وكان القطاع المصرفي من أكبر المستفيدين من تحسن الظروف الاقتصادية، إذ تشير تقديرات العاملين به إلى ارتفاع أرباحه كثيراً مقارنة بعام 2015 وسط زيادة الاقتراض وإقدام المصرف المركزي على خفض الفائدة الأساسية من 11% إلى 10.5% أولا، ثم إلى 10% .
وترى آنا بودروفا، كبيرة المحللين في شركة "ألباري" للتداول، أن تعافي الاقتصاد الروسي والروبل جاء نتيجة لمجموعة من العوامل أتاحت وقف تراجعه.
وتقول بودروفا لـ"العربي الجديد": "جاءت هذه النتائج الهائلة نتيجة لمجموعة من عوامل دعم، وأهمها عدم تعرض الاقتصاد الروسي لصدمات في عام 2016 وارتفاع أسعار النفط التي يعتمد عليها الروبل".
وتضيف بودروفا: "على مدى عام تقريباً، بحثت منظمة "أوبك" تجميد الإنتاج، وتمكنت في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق ليس بين أعضائها فحسب، وإنما أيضاً مع الدول المنتجة خارجها. وأثّر ذلك إيجابا على أسعار النفط وقيمة العملات النفطية".
وفي ما يتعلق بالعوامل الرئيسية التي ستكون مؤثرة في عام 2017، فتلخصها الخبيرة المالية الروسية في "آليات تنفيذ اتفاق خفض إنتاج النفط وسياسات الإدارة الأميركية الجديدة وحالة الاقتصاد الصيني".
ووصفت إلفيرا نابيولينا، رئيسة المصرف المركزي الروسي، عام 2016 بأنه كان " عام الانتهاء من التكيف مع التحديات الخارجية"، مرجحة عودة الاقتصاد الروسي إلى النمو بنسبة لا تزيد عن 1% في 2017.
وقالت نابيولينا لقناة "روسيا 24": "نتوقع أن يدخل اقتصادنا في العام المقبل مرحلة النمو. نعتبر أن هذا العام كان عام انتهاء تكيف اقتصادنا مع التحديات الخارجية. سيتحقق النمو في العام المقبل بفضل الزيادة المعتدلة للاستهلاك وعودة النشاط الاستثماري".
وسبق للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن ربط خلال مؤتمره الصحافي السنوي، تعافي الاقتصاد الروسي بالنمو في عدد من القطاعات مثل الصناعة والزراعة، وتفوق روسيا في مجالات التكنولوجيا النووية والفضائية والدفاعية، وأيضا استبدال الواردات.
وما يزال الاقتصاد الروسي يواجه تحديات ومشكلات، منها استمرار تراجع الدخل الحقيقي للفرد وعدم انتعاش الاستهلاك.
وبحسب توقعات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، سيبلغ تراجع دخل الفرد الحقيقي 5.8% في 2016، بينما توقع وزيرة المالية، أنطون سيلوانوف، ارتفاعه بنسبة 1.5% في 2017.
وأشارت الوزارة في تقريرها عن الأشهر الـ11 الأولى من 2016، إلى توقعاتها بتراجع تجارة التجزئة بنسبة 4.9% بدلاً من 4.6% حسب التوقعات السابقة.
ومع تحول تدني أسعار النفط إلى واقع جديد واستبعاد عودتها إلى أكثر من 100 دولار للبرميل كما كان الأمر عليه في منتصف عام 2014، عادت روسيا إلى وضع الميزانية لمدة ثلاث سنوات بدلا من سنة واحدة، لكن انطلاقا من سعر النفط 40 دولاراً للبرميل بدلاً من 50 دولاراً في عام 2015 أو أكثر من 90 دولاراً في السنوات السابقة.
وتقتضي الميزانية الجديدة ألا تزيد نسبة التضخم عن 4%، على أن يبلغ متوسط سعر صرف الدولار 65.7 و68.7 و71.1 روبل على التوالي في أعوام 2017 و2018 و2019، بينما ستخفض النفقات الدفاعية من 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2016 إلى 2.8% حتى عام 2019، وفق ما أكده الرئيس الروسي مؤخراً.
في المقابل لم يخل عام 2016 من عدد من قضايا الفساد وأكبرها ملاحقة وزير التنمية الاقتصادية السابق، أليكسي أوليوكايف، بتهمة الحصول على رشوة قدرها مليونا دولار مقابل السماح لـ"روس نفط" بشراء حصة الدولة في شركة "باش نفط"، فيما يعتبر أكبر فضيحة فساد تهز روسيا منذ 2012.