توقع معهد "بيترسون" الأميركي للدراسات الاقتصادية، أن تكون محادثات خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية التي من المتوقع أن تبدأ رسمياً في بداية العام المقبل متأنية وتدريجية.
وأكد المعهد الأميركي الذي يوجد مقره في واشنطن، أن السبب في هذا التأني، لا يعود لأسباب سياسية، وإنما لأسباب اقتصادية بحتة.
وقال المعهد في دراسة بهذا الصدد، إن هنالك سببين سيجعلان المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي متأنية، الأول هو أن الاقتصاد البريطاني أصبح مرتبطاً ومنذ سنوات بشكل وثيق بالسوق الأوروبي، وكذلك أصبح السوق الأوروبي، جزءاً من سلسلة الإمداد التجاري والمالي والمصرفي البريطاني.
والثاني مصالح الشركات المالية والمصرفية الكبرى في كلا الجانبين التي يجب إعادة ترتيب أوضاعها، حتى لا تُفاجأ بنتائج المفاوضات.
يذكر أن معظم عمليات التسوية للتعاملات في البورصات الأوروبية تتم عبر المصارف البريطانية والعالمية الموجودة في حي المال البريطاني.
وقال المعهد إن هذا الارتباط التجاري الوثيق، يعني أن أي تغيير طفيف في سياسات بريطانيا الاقتصادية ستكون له تداعيات كبيرة على اقتصادات منطقة اليورو والاقتصاد البريطاني.
وحسب معهد بيترسون، في الدراسة التي صدرت الأسبوع الماضي، فإن أي فشل في التوصل لاتفاق تجاري بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيعني أن العلاقة التجارية بين المملكة المتحدة والكتلة الأوروبية ستكون مبنية على قوانين منظمة التجارة العالمية، وهو ما سيقود إلى فرض تعرفة جمركية على البضائع المصدرة من دول الاتحاد الى بريطانيا أو من بريطانيا الى دول الاتحاد بنسبة تصل الى 5.0%.
وتوقع المعهد أن تؤدي مثل هذه النسبة من الجمارك إلى صعوبات في النمو الاقتصادي بالنسبة للجانبين.
وحتى الآن لم تظهر البيانات المالية والاقتصادية البريطانية تأثيراً يذكر من تداعيات استفتاء" البريكست"، لكن من المتوقع أن تبدأ ظهور التداعيات السالبة خلال العام المقبل، ومع بدء المفاوضات بين الجانبين. وهي مفاوضات يرى خبراء في أميركا، أنها يجب أن تكون متأنية وتتسم بالحكمة والنظر إلى المصالح المشتركة على الصعد السياسية والدفاعية، وليست مقتصرة على المصالح الاقتصادية فحسب.
ومن المتوقع وحسب تصريحات رئاسة الوزراء البريطانية الأخيرة أن تبدأ في أعقاب توقيع بريطانيا على الفقرة 50 من اتفاقية لشبونة، خلال العام المقبل.
ويشير خبراء معهد بيترسون إلى ضرورة السماح في المفاوضات لكل من الاقتصاد البريطاني واقتصادات منطقة اليورو من استيعاب التغييرات في القوانين بشكل تدريجي.
ويذكر أن معدل التضخم في بريطانيا استقر أمس، على غير المتوقع في بيانات أغسطس/ آب، بما يبقي على احتمال إقدام بنك إنكلترا المركزي على خفض أسعار الفائدة مجدداً، رغم الزيادة الكبيرة في تكاليف المواد الخام عقب التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال مكتب الإحصاءات البريطاني أمس، إن المعدل السنوي لتضخم أسعار المستهلكين استقر دون تغيير عند 0.6% في أغسطس/آب مقارنة مع توقعات خبراء اقتصاديين بارتفاعه إلى 0.7%. وبدد انخفاض أسعار الملابس والفنادق والنبيذ إثر صعود أسعار الوقود والأغذية وتذاكر الطيران.
ونسبت رويترز إلى مايك بريستوود الخبير بمكتب الإحصاءات الوطنية البريطانية قوله: "تكاليف المواد الخام ارتفع للشهر الثاني على التوالي، وهو ما يرجع لأسباب منها انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني، وإن لم تكن هناك مؤشرات تذكر على تأثر أسعار المستهلكين بذلك حتى الآن".
وكان بنك إنكلترا المركزي قد قال الشهر الماضي إن هبوط الإسترليني 10% أمام الدولار واليورو بعد الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سيفرض على الأرجح ضغوطاً تصاعدية على الأسعار على مدى عدة سنوات وسيدفع التضخم إلى تجاوز المستوى المستهدف البالغ اثنين في المائة.
لكن البنك المركزي قال إن معظم صناع السياسات ما زالوا يتوقعون خفض الفائدة مجدداً في وقت لاحق هذا العام، لكن ليس من المتوقع اتخاذ إجراء جديد في اجتماع لجنة السياسة النقدية هذا الأسبوع.
وكان مسح لمديري المشتريات نشرت نتائجه في وقت سابق هذا الشهر، أظهر أن الشركات العاملة في قطاع الخدمات تواصل رفع الأسعار بأسرع وتيرة منذ أوائل 2014، بينما كشف المصنعون عن أكبر زيادة في تكاليف المدخلات في خمس سنوات.
وأظهرت بيانات أسعار المنتجين من معهد الإحصاءات الوطنية أمس الثلاثاء أن تكاليف مدخلات المصنعين زادت 7.6% مقارنة مع مستواها قبل عام في أكبر زيادة لها منذ ديسمبر/كانون الأول 2011.