توقف تهجير دوما يعيد المجازر بعد هدوء الأيام العشرة

07 ابريل 2018
تهجير دوما توقف مساء الخميس (زين الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -
عادت آلة القتل التابعة للنظام السوري ولداعمه الروسي لتحصد حيوات أهل دوما، أمس الجمعة، بعد عشرة أيام من توقفها، وهو ما يشير ربما إلى فشل الضغوط على "جيش الإسلام" للموافقة على شروط التهجير مثلما وضعتها روسيا ونفذتها في باقي مدن الغوطة الشرقية لدمشق وبلداتها. وبعد توقف عمليات التهجير، انطلاقاً من مدينة دوما أكبر مدن القطاع، بانتظار ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات التي يجريها "جيش الإسلام" الذي يسيطر على المنطقة مع الجانب الروسي، عادت الغارات لتقصف دوما عصر أمس، وهو ما أدى إلى مقتل 30 سورياً على الأقل وجرح عدد من المدنيين بأكثر من 200 غارة استهدفت أحياء دوما أمس. وكعادته عند ارتكابه مجازر بحق المدنيين، ادعى التلفزيون السوري النظامي بأن "جماعة جيش الإسلام تقصف مدنيين عند معبر قرب دوما" وذلك في تبريره للغارات. وبدأ جيش النظام محاولة اقتحام دوما من جهة مزارعها منذ عصر أمس.

حصل هذا في الوقت الذي وصلت فيه الدفعة الثالثة من مهجري مدينة دوما إلى مدينة أعزاز، شمالي مدينة حلب، يوم أمس الجمعة، والتي ضمت 13 حافلة أقلّت 685 شخصاً، بينهم 232 طفلاً، واستقرت في مركز للإيواء ضمن مدينة أعزاز، بعد عبورها من مدينة الباب شرقي حلب. وكان من المفترض وصول هذه الدفعة إلى مركز الإيواء في قرية شبيران قرب مدينة الباب، لكنها توجهت إلى أعزاز بسبب عدم قدرة المركز على استيعاب مهجرين جدد لانشغاله بمهجّري الدفعتين السابقتين.

في هذا السياق، قال عضو المكتب الإعلامي في حزب "الجمهورية"، ابن مدينة دوما ابراهيم الفوال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا تزال عمليات التهجير من مدينة دوما في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، متوقفة منذ مساء الخميس الماضي، بانتظار الرد الروسي على مفاوضي جيش الإسلام، الذين يطرحون موضوع ضمّ أماكن انتشار قواتهم في كل من مناطق القلمون وجنوب دمشق إلى المفاوضات في دوما". وأشار إلى أن "جيش الإسلام يسعى بكل ما بوسعه للعمل على الوصول إلى تفاهم مع الروس بأية صيغة شرط عدم الدخول بمتاهة الذهاب إلى الشمال السوري"، مضيفاً أن "جيش الإسلام قام بتهجير معارضيه من داخل دوما ضمن الدفعات الثلاث التي خرجت أخيراً من المدينة، وذلك من خلال إبلاغهم بالاسم بوجوب الخروج". وأضاف الفوال أن "جيش الإسلام شهد خلافات داخلية بين صقور وحمائم ضمن التنظيم أدت لاغتيال قياديين من جيش الإسلام من المتشددين تجاه التفاوض مع الروس، وعمليات الاغتيال تمّت على الأرجح كجزء من إعادة ترتيب البيت الداخلي لجيش الإسلام".

وأوضح الفوال أن "أهالي مدينة دوما  واقعون في حيرة من أمرهم بسبب عدم معرفتهم بحقيقة ما يفاوض عليه جيش الإسلام"، موضحاً أن "من يفاوضون الروس هم فقط قيادات عسكرية من جيش الإسلام، بعد أن تم إقصاء كل الوجهاء والفعاليات المدنية من التفاوض، وسط تكتم شديد على فحوى ما تم التفاوض عليه. وهو الأمر الذي فسّر عدم خروج المدنيين ضمن حافلات التهجير الأخيرة بسبب عدم معرفتهم بما ستؤول إليه أوضاعهم".


ورأى الفوال أن "إدخال جيش الإسلام مناطق أخرى ضمن العملية التفاوضية، قد يكون محاولة لكسب الوقت لحين ترتيب صيغة تفاوضية تكسبه ما أمكن من الأوراق التفاوضية مع الروس، خصوصاً أن جيش الإسلام يتمتع بعلاقة جيدة نسبياً مع الروس". في المقابل، ادّعت وسائل الإعلام القريبة من النظام، أن "سبب توقف عمليات الترحيل يعود إلى خلافات بين الراغبين بالخروج داخل جيش الإسلام"، ومن وصفتهم بـ"المتشددين الرافضين للخروج بشكل قطعي".

في هذا السياق، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "عملية تعليق عمليات الترحيل تأتي مع تواصل المفاوضات الرامية إلى التفاهم على تسوية جديدة تشمل دوما والقلمون الشرقي وريف دمشق الجنوبي وجنوب دمشق، تفضي بشكل خاص إلى بقاء جيش الإسلام مع سلاحه في دوما، بانتظار رد الجانب الروسي على هذه المقترحات. وهو رد من المنتظر أن يصل اليوم السبت. وفي حال رفض الروس المقترح، وانهارت المفاوضات بين الطرفين، فإنه من المتوقع أن تشهد دوما عملية عسكرية".

من جهته، ذكر موقع "روسيا اليوم"، أن "اجتماعاً موسّعاً عُقد بين ممثلي النظام السوري ومركز المصالحة الروسي من جهة، وقادة من جيش الإسلام من جهة أخرى. وأعطى الجانب الروسي وممثلو النظام، جيش الإسلام مهلة للخروج من مدينة دوما". واعتبر الموقع أن "هناك جناحا متشددا داخل جيش الإسلام يرفض الخروج بينما يقبل آخرون مبدأ الخروج، على أن تتوفر ضمانات تتعلق بتوفير الإقامة ومواضيع أخرى تتعلق بالسلاح والأموال".

وأوضحت مصادر مطلعة أن "مخاوف جيش الإسلام تعززت أيضاً بعد العراقيل التي برزت إثر توجه قوافل دوما إلى ريف حلب الشمالي، حيث كان هناك تدقيق إضافي من الجانب التركي على الآتين من دوما، فيما شددت حواجز فصيل هيئة تحرير الشام في الشمال السوري تدقيقها على المارة من مهجري الغوطة الشرقية ودوما. وعممت الهيئة أسماء وصور مطلوبين تابعين لفصيل جيش الإسلام على تلك الحواجز المنتشرة في مناطق مختلفة من محافظة إدلب وريفها".

وفي الجنوب السوري باشرت قوات النظام تصعيد قصفها على مدينة درعا وريفها في الأيام الأخيرة، كجزء من الضغوط الممارسة من قبل النظام وروسيا على منطقة الجنوب، بغية تهيئة الأجواء لطرح تسويات على غرار الغوطة الشرقية. وعلى الرغم من رفض معظم الفصائل العسكرية والمجالس المحلية وأطياف المعارضة السورية في مدينة درعا، الدخول في مفاوضات مع قوات النظام أو الروس، إلا أن القوات النظامية والروسية لا تزال تطلق التهديدات بشن عملية عسكرية على المنطقة بعد انتهاء ملف الغوطة الشرقية.


وقد أصيب عدد من المدنيين بجروح نتيجة قصف قوات النظام السوري يوم أمس الجمعة، لعدد من مناطق محافظة درعا استهدف كلاً من درعا البلد وحي السد في المدينة، فيما أصيب مدنيون أيضاً نتيجة قذائف أطلقتها فصائل المعارضة على حي المطار الخاضع لسيطرة قوات النظام بمدينة درعا. كما استهدفت قوات النظام بالقذائف والرشاشات الثقيلة بلدة النعيمة شرق درعا، إضافة إلى بلدة داعل في ريف درعا الأوسط.

وذكرت وسائل إعلام النظام أن "اشتباكات بدأت منذ صباح أمس بين قوات النظام وفصائل المعارضة على أطراف حي المنشية بدرعا البلد بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة. كما دارت اشتباكات بين الجانبين على جبهة الكتيبة المهجورة بالقرب من بلدة النعيمة بالريف الشرقي، بالتزامن مع قصف صاروخي وبالرشاشات الثقيلة على البلدة.

وفي شمال البلاد، قصفت قوات النظام بالمدفعية محيط قرية زيتان جنوب حلب من مقراتها في سد شغيدلة، فيما شنّ طيران النظام غارات مكثفة على بلدتي حرش عابدين والتمانعة بريف إدلب. كما استهدفت قوات النظام الموجودة في حلفايا بعشرات الصواريخ والقذائف مدن وبلدات اللطامنة وكفرزيتا والزكاة والأربعين واللحايا ومعركبة بريف حماه.

من جهتها، أعلنت "هيئة تحرير الشام" قتل وجرح عناصر من قوات النظام السوري بعمليتي تسلل جنوبي محافظة حماة. وقالت "الهيئة" عبر وسائل إعلامها إن "مجموعة من قوات النخبة التابعة لها تسللت إلى نقطة تمركز قوات النظام في محيط قرية تقسيس جنوبي مدينة حماة، وقتلت ثلاثة عناصر وجرحت آخرين كما عطبت جرافة عسكرية".

وكانت قوات النظام أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، سيطرتها على عشر قرى جنوب مدينة حماه، من بينها تقيسي، وأنها "عقدت مصالحات مع الأهالي  في تلك المناطق". الأمر الذي نفته فصائل المعارضة، وقالت إن "تلك القرى لم تكن تخضع لسيطرتها أصلاً".

وفي محافظة حمص، قصفت قوات النظام بعد منتصف ليل الخميس ـ الجمعة أماكن في ريف حمص الشمالي، حيث استهدفت مناطق في قرية تيرمعلة بالتزامن مع استهدافها بالرشاشات الثقيلة مناطق في القرية. وفي شرق البلاد، اندلع حريق في بئر الأحمر النفطي شمال غربي مدينة البوكمال بريف دير الزور، نتيجة قصف جوي رُجّح أنه روسي. وقالت مصادر محلية إن "البئر الموجود على الضفة الغربية لنهر الفرات، يحوي موقعا لتنظيم داعش، والقصف تسبب بمقتل عنصرين من التنظيم وجرح اثنين آخرين".