هذه الرغبة يواجهها وضع اقتصادي صعب تمر به البلاد، ترافق مع تراجع القدرة الشرائية للعملة الوطنية، لكن الأمر لم يمنع مواطنين تونسيين، من السعي إلى اقتناء مستلزمات العيد مع الاقتصار على الضروري منها، أو الشراء من السوق الموازي (الباعة الجائلين)؛ حيث تكون السلع فيها أقل سعرا من تلك التي تُباع في المحلات المرخّصة.
المواطن شكري الغربي، يشتكي من صعوبة الأوضاع المادية التي يواجهها المواطنون، قائلا "التونسي أصبح غير قادر على تلبية متطلبات أفراد عائلته، خاصة في مثل هذه المناسبات؛ فأسعار الملابس باهظة".
ويلفت إلى أنه، في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وغلاء الأسعار مع تراجع قيمة الدينار، سيشتري قطعة واحدة من ملابس العيد لأطفاله بدلا من قطعتين لكل واحد منهم، كما اعتاد في السابق.
وعن رأيه في السلع "الموازية" يقول الغربي، "التونسي أصبح كذلك مضطرا للإقبال على هذه الأسواق نتيجة غلاء الأسعار".
بدورها تشتكي المتسوقة عفاف الحبيبي، من غلاء أسعار مستلزمات العيد، وتقول "اليوم يستعصي علينا شراء كل شيء، صرنا نقتصر على شراء كل ما هو ضروري دون النظر إلى أشياء أخرى".
وتضيف أنها قد تلجأ إلى شراء بعض السلع من الأسواق الموازية، لكنها تؤكد ضرورة "الاحتياط وعدم اقتناء كل ما يثير الشّك لدينا" في هذه الأسواق.
ومع استعدادات الأسر التونسية لشراء مستلزمات العيد، تشهد أسواق العاصمة حركة ونشاطا على خلاف الركود الذي يضربها في الأيام العادية؛ فهناك محلات عجّت بالمتسوقين، وشوارع كادت تغلق من شدّة الازدحام.
لكن الحركة والنشاط لا يعنيان بالضرورة زيادة أرباح التجار؛ حيث يلجأ كثير من التونسيين، في ظل غلاء الأسعار، إلى الشراء من الأسواق الموازية، بدلا من المحلات المرخص لها بالعمل يوميا.
قبالة محلات الملابس والأحذية، اتخذت مجموعة من الباعة الجائلين أماكن لعرض منتجاتهم وسلعهم من ملابس وأحذية وألعاب للأطفال؛ الأمر الذي يثير استياء الكثير من أصحاب المحلات؛ إذ اعتبر بعضهم، في أحاديث منفصلة مع "الأناضول"، أنّ هذه التجارة الموازية من شأنها أن تؤثر سلبا على محلاتهم التّي "كادت تُهجر شيئا فشيئا".
ويحذر هؤلاء التجار الزبائن من الشراء من الأسواق الموازية؛ "فكثير من سلعها غير مطابقة للمواصفات، وغير صحيّة؛ وهو ما يفسر بيعها بأبخس الأثمان على قارعة الطرق"، بحسب التجار.
وعن ظاهرة السلع الموازية، يقول نائب رئيس "منظمة الدّفاع عن المستهلك" (تونسية غير حكومية)، أكرم الباروني، "أسواقنا لا تزال تشكو من انفلات كبير، باعتبار أن جزءا كبيرا من البضائع الموجودة فيها اليوم غير مراقبة ومهربّة؛ فمسألة التهريب إلى اليوم لم تتم معالجتها، وحتى الرقابة تبقى ضعيفة".
وحسب الباروني، فإن "أكثر من 50 في المائة من التجارة الموجودة في الأسواق التونسية اليوم تنضوي ضمن ما يعرف بالتجارة الموازية؛ فأغلبها مواد مهربة وغير مراقبة، وهو أمر خطير، ويدعو إلى القلق، ودورنا كمنظمة ومجتمع مدني هو إحاطة المستهلك التونسي وتوعيته وتنبيهه إلى خطورة بعض البضائع".
وحاولت السلطات التّونسية تطويق ظاهرة التهريب التي تؤدي بدورها إلى "أسواق التجارة الموازية" عبر إجراءات من بينها إحداث منطقتين للتجارة الحّرة؛ الأولى على الحدود الجنوبية مع ليبيا، والأخرى غربا مع الجزائر، من أجل المساهمة في تنظيم قطاع التجارة في البلاد، والحدّ من التهريب والتجارة الموازية؛ وما يترتب عنها من مشاكل اقتصادية، فضلا عن خلق سوق شغل جديدة وتوفير مواطن عمل للشباب التونسي.
ويستدرك الباروني قائلا "المنظمة لا تستطيع منع هذه الأسواق أو غلقها، ولا منع هؤلاء المواطنين من الشراء منها، لكنها دائما ما تنبه إلى ضرورة التحقق من سلامة وصحة هذه المنتوجات قبل شرائها".
ويتمثل دور "منظمة الدّفاع عن المستهلك"، التي تأسست عام 1989، في الرقابة على السلع والمنتخبات، والتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية، وتوعية المواطنين بسبل الغش التجاري.