فشل البرلمان التونسي، اليوم الثلاثاء، وللدورة الرابعة، في انتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين في عهدته من تركيبة المحكمة الدستورية، ولم يحصل أي من المرشحين الـ11 على ثلثي الأصوات بعد مخاضٍ طويل من التوافقات والجلسات بين الكتل البرلمانية.
ولا يمكن إرساء المحكمة الدستورية إلا بعد أن يتمّ البرلمان انتخاب أربعة أعضاء حتى يتسنى للمجلس الأعلى للقضاء ورئيس البلاد تعيين ثمانية أعضاء آخرين لتكتمل تركيبة المحكمة الدستورية من 12 عضواً، يشترط فيهم النزاهة والاستقلالية والحياد.ويشترط تصويت ثلثي أعضاء البرلمان 145 نائباً على الأقل، لينال المرشحون ثقة نواب الشعب وتزكيتهم لعضوية المحكمة الدستورية، في وقت لم يحصل المرشح العياشي الهمامي، إلا على 95 صوتاً، حصلت سناء بن عاشور على 36 صوتاً، وهما المرشحان اللذان من المفروض أنه تمّ التوافق بشأنهما في لجنة التوافقات.
أما بقية المرشحين، فهم عبد الرحمان كريم الذي حصل على 50 صوتاً وعبد الرزاق المختار الذي حصل على 21 صوتاً، وكمال العياري الذي حصل على 20 صوتاً، وماهر كريشان على 12 صوتاً، فيما حصل محمد العادل كعنيش على 51 صوتاً.
وبالنسبة لغير المختصين في القانون، فقد حصل المرشح التوافقي عبد اللطيف البوعزيزي على 95 صوتاً، وشكري المبخوت على 31 صوتاً، في حين حصل كل من محمد الفاضل الطرودي ومنية العلمي على 10 أصوات، وبالتالي لم يحصل أي من المرشحين على الـ145 صوتاً المطلوبة لنيل العضوية.
وكان مجلس النواب قد توصل إلى انتخاب عضو وحيد للمحكمة الدستورية، في جلسة 14 مارس/ آذار 2018، وهي القاضية روضة الورسيغني، في حين فشل في الدورتين المتبقيتين من إتمام انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، ما ألزمه قانونياً بفتح باب الترشحات لدورات ثلاث أخرى، أملاً في التوصل إلى نتيجة إيجابية.
ولا يزال البرلمان التونسي يتخبط عاجزاً عن إنهاء أزمة المحكمة الدستورية، بالرغم من مرور قرابة خمس سنوات على المصادقة على الدستور الجديد، الذي نصّ على ضرورة إرساء محكمة دستورية ضامنة لعلوية الدستور وحامية للنظام الجمهوري الديمقراطي.
وقال رئيس مجلس نواب الشعب، محمد الناصر، لدى انطلاق الجلسة، إنه عقد 14 جلسة توافقية وثلاث جلسات انتخابية لانتخاب الأعضاء في المحكمة الدستورية، محملاً المسؤولية التاريخية لجميع الكتل والنواب، وداعياً النواب للإلتزام بالتوافق والحضور والخروج بنتيجة إيجابية.
ويرى مراقبون أن هناك غياباً لإرادة سياسية لانتخاب المحكمة الدستورية، في حين وجه عدد من نواب المعارضة أصابع الاتهام للائتلاف الحاكم الراغب في إفشال العملية الانتخابية بهدف تمرير مبادرة قانون الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، التي تحط من الأغلبية المطلوبة في التصويت من الثلثين إلى أغلبية 109 أصوات، وفي حال تعذر ذلك، فبأغلبية النواب الحاضرين.
وتأجل الحسم في مصير المحكمة الدستورية الى دورة انتخابية ثانية، يصعب عقدها قبل العطلة البرلمانية التي ستنطلق مع بداية شهر آب/ أغسطس المقبل، وحتى شهر أكتوبر/تشرين الأول، وبالتالي فإن إرساء المحكمة مؤجل إلى موعد غير مسمى.
من جهة أخرى، أغلق البرلمان التونسي باب الترشح لرئاسة هيئة الانتخابات، حيث جاء في بلاغ رسمي، أنه تمّ تلقي ترشح العضوين في الهيئة، نبيل عزيزي ونبيل بفون، لخلافة رئيس هيئة الانتخابات المستقيل محمد التليلي المنصري، في حين أقر البرلمان جلسة عامة يوم السبت المقبل، قبل انطلاق العطلة البرلمانية بيوم واحد، وهو ما يرجح تأجيل انتخاب رئيس الهيئة بدوره الى موعد آخر، بحكم صعوبة التوافق بين الكتل والأحزاب اليوم.