مع اقتراب الاستحقاقين الانتخابيين البرلماني والرئاسي، تسارعت ديناميكية إعادة الهيكلة تنظيمياً وسياسياً داخل حزب "حراك تونس الإرادة" الذي أدخل عدة تغييرات هيكلية، بانتظار إعلانه عن ملامح مبادرة سياسية تجمعه بأحزاب وشخصيات مستقلة ستجتمع على أرضية محددة، وهي "مناصرة الحراك الثوري ومؤسسات دولة القانون وحقوق الإنسان".
ولئن لم يكشف الحزب عن المراجعات التي أجريت داخله، لاسيما التجربة التي خاضها قياديوه في إطار الحزب الأم "المؤتمر من أجل الجمهورية" الذي شارك في الحكم زمن الترويكا، فإنه من المؤكد قد قيم تجربته، والهزيمة التي مني بها مرشحه للرئاسيات المنصف المرزوقي. وإن خسر هذا الأخير آنذاك مقعد الرئاسية فإن النتيجة التي حققها حينها كانت عالية وجمعت حوله عدداً هاماً من الأنصار والقواعد.
ويعتبر التغيير الأول الذي وقع إدخاله على الحزب على مستوى التسمية، من "حراك تونس الإرادة" إلى حزب "الحراك"، وهو تغيير برره قياديو الحزب بأن التسمية الجديدة تعد الأكثر رواجاً وتختزل قيم الحزب، وهي "مناصرة الحراك الثوري والحراك التحرري في الوطن العربي".
ولن يدخل الحزب الانتخابات المقبلة منفرداً وبقائماته الخاصة، إذ انطلقت منذ مدة مشاورات مع الأحزاب الاجتماعية التي تلتقي معه على قاعدة الإيمان بالثورة وبضرورة تحقيق مطالبها، من أجل تشكيل تحالفات لخوض الانتخابات. وتتواصل المشاورات خلال هذه المرحلة لتوضيح أشكال التنسيق بين هذه الأحزاب والشخصيات والمبادرات القريبة من "الحراك".
وأوضح القيادي بحزب "الحراك" وعضو مكتبه التنفيذي، بشير النفزي، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "هذه المبادرة كما عرفها المبادرون بها تهدف لتجميع شتات العائلة الديمقراطية الاجتماعية والقوى التي تؤمن بتونس الثورة، وضرورة خلق بديل يواجه تحدي الاستحقاقات الانتخابية القادمة بشقيها التشريعي والرئاسي".
ووفق ما أكده النفزي فإن هذه المبادرة قد خرجت إلى النور بإعلان بادرت به نخبة من الشخصيات المستقلة والتي عملت جاهدة على خلق مناخات الالتقاء، مشدداً على أن ذلك "سيتعزز خلال الأيام القادمة بإلحاق بعض الأحزاب وكذلك شخصيات وطنية لتخلق أفق عمل مشترك ينطلق للعلن فور إعلان التحاق الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية بهذه المبادرة".
ويبدو أن "الحراك"، الذي يصبو إلى الفوز بعدد من المقاعد في التشريعية بشكل يسمح له بتشكيل كتلته البرلمانية، يطمح إلى أبعد من ذلك أيضاً وهو خلق "حزام سياسي" داخل البرلمان المقبل يتقاسم الأفكار والرؤى وقادر على تغيير القرار والتصدي لخيارات الأغلبية البرلمانية المقبلة، التي تشير عمليات سبر الآراء إلى أنها لن تخرج من إطارها الحالي وسيتقاسمها كل من حركة "النهضة" و"نداء تونس" أو إحدى تفريعاته.
واعتبر النفزي في تصريحه لـ"العربي الجديد" أن الحديث عن ضعف "الحراك" حالياً ومحاولته العودة بمبادرة سياسية تجميعية من أجل إكسابه وزناً أكبر في الانتخابات المقبلة مغلوط، قائلاً "نحن مقتنعون أن قوتنا في وحدتنا وعليه عبرنا عن استعدادنا المبدئي للالتحاق بهذه المبادرة مع، طبعاً، مواصلة بنائنا الحزبي والذي عاد مؤخراً للظهور في عمليات سبر الآراء مما يترجم صحة تمشينا العام" على حد قوله.
ومع ذلك فإن "الحراك" يواجه تساؤلات عدة خاصة نوعية الأحزاب التي ستجتمع حوله، في ظل المبادرة التي يقودها "التيار الديمقراطي" لتجميع القوى الاجتماعية، ومع ظهور عدة مبادرات تتموقع في الخط السياسي ذاته، وتتبنى طرح تجميع القوى الوسطية الاجتماعية أيضاً.