حذّر باحثون وخبراء تونسيون من خطورة الحرب المرتقبة على ليبيا، وتهديداتها لأمن المنطقة، بخاصة تونس، ما يمكن أن يؤدي إلى "زعزعة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها، وضرب الاستقرار النسبي في تونس، وإرباك الانتقال الديمقراطي".
وعن تداعيات الحرب في ليبيا إقليمياً، نظم "مركز مسارات للدراسات الفلسفية والإنسانيات بتونس"، ندوة حوارية بعنوان "الحرب الأطلسية على ليبيا وسورية: المخاطر والتهديدات لتونس والمنطقة"، تعرضت لمتابعة تطورات المشهد الإقليمي المنتظرة على ليبيا "تحت ذريعة الحرب ضد الإرهاب والجمعات المتطرفة"، حضرتها وجوه أكاديمية وسياسية ونقابية ووطنية.
واعتبر رئيس المركز الدكتور فوزي العلوي، أن "ليبيا لا تزال تعاني إلى اليوم، من العدوان الأطلسي السابق، وسيكون للعدوان الجديد نتائج أكثر كارثية من الأول".
وقال العلوي: "انتهى العدوان الأول بتقويض الدولة وتشتيت النسيج التقليدي للمجتمع الليبي، وستكون نتائج العدوان المحتمل على الشعب الليبي كارثية، لعل أبرزها مصادرة خيارات الشعب في الاستقلال وتقرير المصير، ومصادرة القرار الاقتصادي والقرار السيادي، وربما تقسيم المنطقة وفق أجندات مذهبية وطائفية وعرقية".
اقرأ أيضاً: المحاصصة الجغرافية تهيمن على الحكومة الليبية
كما أشار إلى أن "تونس مهددة أيضاً بشكل مباشر، نظراً لما عانته من العدوان السابق من تأثيرات اقتصادية وسياسية وأمنية مباشرة، ما زلنا نعيش على صداها إلى اليوم، بخاصة الانفلاتات الأمنية وما نتج عنها من تسلل للمسلحين".
وأورد العلوي في حديثه، أنهم ينددون بكل مظاهر التطرّف من قبل "داعش"، وذهب حد القول، إن "مثل هذه الظواهر هي صنيعة غربية أطلسية بامتياز، فليتركوا الشعب الليبي القادر على نبذ كل مظاهر التطرّف والإرهاب، وباستطاعته أن ينجز ذلك متى وقع تحييد كل القوى الغريبة عن المنطقة".
من جهته، اعتبر رئيس وحدة الدراسات الفلسطينية بمركز مسارات، عابد الزريعي، أنه "عندما تتعدد بؤر التوتر على الصعيد العالمي، نجد أنفسنا أمام سلسلة طويلة، وحتى نستطيع فهم ذلك، علينا أن نمسك بالحلقة المركزية في هذه السلسلة".
وأوضح الزريعي، أن "الحلقة المركزية الأساسية في سلسلة التوتر على المستوى العالمي الآن هي الحلقة السورية"، وذلك لمجموعة من الأسباب، ذكر من بينها "ارتباط سورية بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية في المنطقة، والموقع الجيوسياسي لسورية، وما يمكن أن تشكله نتيجة الصراع من تأثير على صورة العالم. إما أن يستمر أحادي القطب، أو ينتج نظاماً جديداً متعدد الأقطاب، ومن سينتصر في سورية سيكون قادرًا على رسم خريطة العالم المقبلة".
اقرأ أيضاً: الجزائر وتونس تتمسكان بموقف موحد لإيجاد حل سياسي بليبيا
كما رأى أن "الحديث عن تدخل أطلسي في ليبيا الآن، هو أحد تداعيات الصراع الدائر في الحلقة المركزية السورية، أي اكتمال لما يحدث في الأخيرة، وبالتأكيد إذا حصل التدخل العسكري في ليبيا، فسيترتب عنه انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية واجتماعية على دول الجوار.. أولها أزمات إنسانية نتيجة احتمال إفراز التدخل لموجات جديدة من الهجرة التي عادة ما ترافق الحروب، ثانياً تداعيات أمنية سببها قوى الإرهاب التي ستحرك خلاياها النائمة، عبر دفع بعضها من خلال المهاجرين لتوسيع دائرة التوتر. وأخيراً الجانب الاقتصادي الذي سيتأثر كثيراً في تونس، بخاصة أنه يرتكز أساساً على القطاع السياحي".
واعتبر أمين عام الحزب الاشتراكي محمد الكيلاني، في حديث لـ"العربي الحديد"، أن "الهجوم على ليبيا هو احتلال من جديد، وهو ما خطط له منذ سنة 2000"، مضيفاً أنه "عندما ظهر مخطط مشروع إصلاح الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان الهدف تغيير الأنظمة العربية وجعلها تتماشى ومخططات الغرب، بهدف استهداف الدولة الوطنية وإضعافها، من أجل فرض حكام جدد يقبلون بكل الإملاءات، وهذا حصل في سورية واليمن ولبنان وليبيا والانقضاض على ثرواتها لإعادة صياغة العلاقات الدولية".
اقرأ أيضاً: طوارئ إغاثية في تونس استعداداً لتدخُّل عسكري في ليبيا
كذلك، شدد المشاركون على ضرورة ان تتخذ الدولة التونسية موقفاً يحفظ أمن تونس، باعتباره من أمن ليبيا والجزائر، ويحفظ أمن المنطقة، وعدم إقحام البلاد في لعبة "تقودها دول الاستخبار الأطلسية تحت عناوين مغلوطة، بهدف مصادرة القرار الوطني وفرض الإملاءات الأجنبية، وحرمان شعوب المنطقة وقواها الصاعدة من كل توجه تحرري استقلالي ووطني".
كما حذروا من "صرف النظر عن الأولويات الحقيقية للأمة، المتمثلة في مواجهة الصهيونية والإمبريالية وأدواتها الرجعية التكفيرية بالمنطقة العربية".
اقرأ أيضاً: الجزائر وتونس تبحثان حلا للأزمة الليبية تجنبا للتدخل الأجنبي