مع ترقب الأوساط السياسية في تونس لحسم حركة النهضة لقرار ترشحها في الانتخابات الرئاسية أو عدمه، يستمر الخلاف داخل الحركة حول ترشيح أحد أعضائها أو دعم مرشح من خارج أروقة الحركة.
ويبدو أن هناك تكتيكا جديدا لدى المترشحين في الانتخابات الرئاسية يقوم على انتظار موقف حركة النهضة، والتأكد ما اذا كانت الحركة ستقدم مترشحا من داخلها أو تزكي شخصية من خارجها، وهو ما أدى إلى قلة عدد المتقدمين بطلبات الترشح لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، حيث استقبلت الهيئة إلى اليوم 12 طلب ترشح في الانتخابات المزمع عقدها في 15 سبتمبر/أيلول القادم.
وكان من المقرر أن تعلن حركة النهضة اليوم عن الترشح للرئاسة أو عدمه، لكن رئيس مجلس شورى الحركة، عبد الكريم الهاروني، أكد خلال ندوة صحافية اليوم الأحد، أن مجلس شورى الحركة لم يحسم قراره بعد في مسألة مرشّحها للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وبيّن الهاروني أن مجلس شورى الحركة شهد اختلافا في الآراء بين مدافع عن ترشيح شخصية من داخل الحركة، وبين من يرى ضرورة مساندة مرشح من خارجها، مؤكدا أنّ مجلس شورى حركة النهضة سيبقى في اجتماع مفتوح إلى يوم الثلاثاء القادم.
وأكدت مصادر في الحركة لـ "العربي الجديد" أمس السبت وجود خلافات قوية بهذا الشأن، حيث يدفع البعض باتجاه ترشيح نائب رئيس الحركة، عبد الفتاح مورو، بينما يؤيد آخرون ترشيح شخصية من خارجها، حيث تنحصر المنافسة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، وبدرجة أقل مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي السابق ورئيس حزب التكتل.
وأوضح الهاروني أنّ نتيجة التصويت داخل مجلس شورى الحركة كانت لصالح الرأي المدافع على ترشيح شخصية من داخل الحركة بـ 45 صوتا مقابل 44 صوتا طالبوا بترشيح شخصية من خارج الحركة، مشيرا إلى أن الحركة ستتخذ قرارها في الوقت المناسب.
وأوضح القيادي بالحركة، العجمي الوريمي، لـ "العربي الجديد" أن اختلاف الأراء لا يعني وجود انقسام داخل الحركة، لافتا إلى أن هناك من يرى أن الحركة تمتلك حظوظا حقيقية في النجاح في الانتخابات بسبب تواجدها في المشهد العام في البلاد، وأن هناك من يرى أن دعم مرشح من خارجها يمكن أن يحقق أهداف الحركة إذا توفرت شروط النزاهة والكفاءة والدفاع عن الديمقراطية والتجربة التونسية بشكل عام لدى المرشح. وأشار الوريمي إلى أنه بسبب تكافؤ الرأيين أجلت الحركة قرارها لمزيد من النقاش بين أعضائها.
وكان رئيس مجلس الشورى، الهاروني، أكد أمس السبت، أن النهضة ستبحث عن رئيس يوحد التونسيين ويكون وفيا للثورة والديمقراطية وللهوية العربية الإسلامية، وأن الحركة ستواصل نهج التوافق.
وأوضح الوريمي لـ "العربي الجديد" أن المكتب التنفيذي الذي يرأسه راشد الغنوشي تقدم أمس السبت لمجلس الشورى بفكرة دعم شخصية من خارج الحركة، وهو ما يعني أن الغنوشي لا يفكر في الترشح أو اقتراح شخصية أخرى من داخل الحركة.
ويثير هذا الجدل قضية أساسية في النهضة، تتعلق بوجودها في المشهد السياسي التونسي عموما، وبمسألة تقاسم السلطات، فتقدم الغنوشي للانتخابات التشريعية بحظوظ وافرة جدا ربما يقود إلى حصولها على أغلبية وترؤس البرلمان القادم، وهو ما يعني أيضا إمكانية تشكيلها للحكومة القادمة.
وتبحث النهضة عن شراكة مستقبلية، وهو ما تؤكده إشارات الهاروني لمواصلة التوافق، لكن التساؤلات تدور حول الجهة التي ستتوافق النهضة معها، ومن هي القوة التي يمكن أن تحدث توازنا حقيقيا في البلاد، خصوصا بعد وفاة الرئيس السبسي وتراجع نداء تونس وعدم وضوح مواقف حزب تحيا تونس الذي يقوده الشاهد، وهل يمكن الحديث عن مشروع شراكة استباقية، بينما ينتظر الآخرون نتائج الانتخابات وإمكانية الاستغناء عن النهضة؟
وأمام تأجيل النهضة لموقفها، يبدو أن كثيرا من المرشحين أجلوا من ناحيتهم مواعيد تقديم ملفاتهم للهيئة، حيث أجل حزب مشروع تونس الذي يرأسه محسن مرزوق، قرار الترشح إلى ما بعد اجتماع المكتب السياسي، يوم الخميس القادم، وفق ما أكدته مصادر في الحركة لـ ”العربي الجديد”، بعد ان كان يُفترض إعلانه يوم امس السبت، كما قرّرت الهيئة السياسية لحركة تحيا تونس ترشيح رئيس الحركة يوسف الشاهد للانتخابات الرئاسية، ودعت المجلس الوطني الموسع للانعقاد في دورة استثنائية يوم الخميس القادم للمصادقة على ذلك.