تبحث تونس مع جارتها الغربية الجزائر إمكانيات توسيع التعاون بمجال الطاقة في إطار سعي حكومة يوسف الشاهد إلى خفض فاتورة استيراد الطاقة وتحسين تغطية البلاد من الغاز الطبيعي المسال.
وكان التعاون في مجال الطاقة بين البلدين على جدول أعمال اللجنة العليا المشتركة، أمس، في تونس برئاسة وزيري طاقة البلدين خالد قدور ومصطفى قيطوني.
ويأتي اجتماع اللجنة العليا المشتركة التونسية الجزائرية للطاقة مباشرة على إثر إعلان الحكومة التونسية الدخول في مفاوضات جديدة مع إيطاليا حول تجديد عقود نقل الغاز الجزائري إلى روما عبر الأراضي التونسية.
وتسعى تونس إلى رفع حصتها من الغاز الجزائري العابر لأراضيها في اتجاه إيطاليا في إطار مخطط حكومي لتوسيع تغطية المحافظات الداخلية بشبكة الغاز الطبيعي المسال واستبدال أسطوانات غاز الطهو في محافظات الشمال الغربي المتاخمة للحدود الجزائرية.
كما يتضمن الاتفاق الجديد مع الجزائر تمكين تونس بما يقارب من 200 ميغاواط من الكهرباء لسداد حاجيات البلاد في فترات الذروة على امتداد فصل الصيف إلى جانب تحسين التبادل الصناعي في مجال الطاقة ودراسة بعث مشاريع مشتركة في الطاقات المتجددة.
ويرى الخبير الدولي في الطاقة رضا مأمون أن اجتماع اللجنة العليا للطاقة التونسية الجزائرية يفترض أن يكون مناسبة لتنفيذ اتفاقات سابقة تراخت الحكومة التونسية في المطالبة بتنفيذها تتعلق بتمليك الدولة لأنبوب الغاز الناقل للغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر أراضيها.
وأشار مأمون في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه كان يفترض أن تحال ملكية هذا الأنبوب إلى الدولة التونسية منذ سنة 2008 غير أن السلطات أرجأت حينها هذا الاتفاق إلى سنة 2018 لافتا إلى أن السلطات رغم حلول المواعيد المتفق عليها لم تطالب بهذا الحق.
وقال إن حصة تونس من الغاز الجزائري العابر لأراضيها لا تتجاوز 5.7% في الوقت الذي تحصل فيه المغرب على حصة لا تقل عن 7%، مشددا على ضرورة عمل السلطات التونسية على مراجعة الاتفاقيات من أجل رفع الحصة وتحسين عائدات البلاد من الموارد الطاقية.
وبحسب إحصاءات حكومية، تتلقى تونس رسوما مقابل نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر أراضيها تراوح نسبتها بين 5.25% و6.75% من حجم الغاز المنقول.
وتتوقع حكومة تونس هذا العام تحصيل عائدات بقيمة 473 مليون دينار، أي نحو 197 مليون دولار كرسوم لعبور الغاز الجزائري إلى إيطاليا، مقابل 440 مليون دينار تعادل 183 مليون دولار العام الماضي.
وأوضح الخبير الدولي في الطاقة أن من النقاط السوداء في اتفاق عبور الغاز الجزائري للأراضي التونسية نحو إيطاليا غياب عداد على أراضي تونس يمكن من معرفة الحجم الحقيقي للغاز المنقول عبر أراضيها، مشيرا إلى أن تقرير دائرة المحاسبات التونسية نبه إلى هذه الظاهرة.
ودعا مأمون الحكومة التونسية ولجنة الطاقة في البرلمان إلى الدفاع عن حقوق تونس والكشف عن مآل العائدات المالية التي تحصلها الدولة التونسية مقابل عبور الغاز في أراضيها.
ومن جانبه، قال عضو لجنة الطاقة في البرلمان التونسي زياد الأخضر في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن البرلمان يدفع نحو تجديد عقود الطاقة مع الجزائر ببنود تكون أكثر حفاظا على ثروات تونس ومصالحها.
وأضاف الأخضر أن مجالات التعاون المرتقبة في الطاقة بين البلدين متنوعة ومنها الطاقات المتجددة، مشددا على ضرورة تعزيز العلاقات ليس في الغاز فقط ولكن في مجالات أخرى إذ يمتلك البلدان ثروة هائلة من الطاقة الشمسية على سبيل المثال.
وأضاف الأخضر أن الطاقات المتجددة هي مستقبل الطاقة في العالم، مؤكدا أن تطويرها سيحقق السبق في الفوز بالأسواق التصديرية التي تحتاج هذه الطاقة.
وتمتد منشآت نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا في تونس على حوالي 400 كيلومتر انطلاقا من الحدود التونسية الجزائرية، حتى مدينة الهوارية (أقرب نقطة حدودية إلى إيطاليا) وتمتد عبر البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى إيطاليا. ومنذ ستينيات القرن الماضي، تؤمن تونس عبر أراضيها نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا، في إطار عقود الاستغلال المبرمة مع شركة "إيني".
وينتهي عقد الجزائر مع شركة "إيني" الإيطالية خلال العام الجاري، بينما تنتهي العقود المبرمة بين باريس والجزائر، وبين مدريد والجزائر، بين عامي 2019 و2022.
وكشف تقرير سابق للبنك الدولي أن تونس تواجه بعض الخيارات الاستراتيجية الصعبة لتلبية احتياجاتها المستقبلية من الطاقة مع توقعات ببدء تراجع إنتاج الغاز اعتبارا من عام 2020.
وبيّن التقرير أن توقعات الطلب على الطاقة ومصادر إمداداتها الحالية تشير إلى احتمال حدوث نقص في إنتاج الطاقة الرئيسية بحلول عام 2020 تقريبا، مؤكدا على أن هناك فرصا سانحة لتطوير حقول غاز جديدة في تونس.