غير أن اللافت هو اشتعال حرب البيانات بين بعض الأطراف السياسية، التي تبادلت الاتهامات حول تأجيج الإحتجاجات ومحاولة الركوب على المطالب المشروعة للمحتجين، واستغلالها لأغراض سياسية.
وبادرت حركة النهضة ببيان جدّدت فيه دعمها لحكومة الشاهد و لمسار التوافق، و دعت فيه "إلى التخلي عن تغذية الصراعات وزرع الإحباط وتكوين الكيانات السياسية على أساس المضادة لطرف معين.. و التحلي بالمسؤولية والتخلي عن محاولات ضرب التوافق السياسي"، محذرة من أن "البديل عن ذلك هو الذهاب إلى المجهول وإلى انهيار الاجتماع السياسي لا سمح الله أو العودة إلى الاستبداد والتخلف".
ثم أردفها بيان مطول للاتحاد العام التونسي للشغل، سجّل فيه "بروز مؤشرات أزمة سياسية خطيرة مع تصاعد منسوب التوتُّر الاجتماعي على وجه الخصوص"، مؤكدا وقوفه المبدئي مع كلّ التحرّكات الشعبية والاجتماعية السلمية من أجل المطالب المشروعة في التشغيل والتنمية". وجدد تحذيره من "محاولة بعض الأطراف الركوب على هذه التحرّكات لغاية بث الفوضى لصالح الشبكات الفاسدة ومراكز النفوذ المشبوهة أو لتصفية الحسابات السياسوية أو لخدمة أجندات انتخابية انطبعت بازدواجية الخطاب وتعارض الممارسة مع التصريحات المعلنة".
و دعت المنظمة النقابية، الحكومة، إلى "محاورة جدّية للمحتجّين تفضي إلى حلول عملية ملموسة، وإلى الإسراع بوضع استراتيجية استباقية للنهوض بالجهات المحرومة والمهمّشة وعدم انتظار الاحتجاجات للاستجابة الى المطالب الاجتماعية حتّى لا يبقى دورها إطفاء الحرائق وتقديم الوعود".
و اعتبر البيان "أنّ ملامح أزمة سياسية هي في طور التَّشكُّل ممّا يستوجب مبادرات تمنع السقوط في التجاذبات والتناحرات".
إلى ذلك، أصدر حزب "حراك تونس الإرادة" بيانا على خلفية ما وصفه بـ "تزايد الحملة الإعلامية من قبل عدد من الأطراف المناصرة لمنظومة الحكم الحالية بالتهجم والثلب ضد الحراك... وإثر عدد من التسريبات التي تخص إحدى القنوات الخاصة والجدال الذي أثاره قرار هيئة الاتصال السمعي البصري إزاءها". وجدد الحزب دعمه "لكافة الاحتجاجات السلمية المطالبة بالشغل والكرامة وعدم التراجع عن ذلك تحت أية ضغوط سياسية أو إعلامية".
وعبّر الحزب في المقابل عن استعداده "للمساهمة في تقديم حلول بديلة في خصوص السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة الحالية، التي تقوم باجترار سياسات وأساليب قديمة".
و حمّل الحزب "مسؤولية أي ثلب ضد الحزب وقياداته وتشويه منخرطيه، للقائمين على بعض وسائل الاعلام وشركات الإنتاج الذين لايزالون متمسكين بمنظومة إعلام فاسدة تأبى الإصلاح وتصر على أن تكون ذراعا إعلامية لبعض أنصار منظومة سياسية قديمة ترفض مكافحة الفساد".
واعتبر "حراك تونس الإرادة" أن ما ورد في تسريبات لأحد مالكي القنوات الخاصة يبين "ما أكدناه مرارا عديدة حول اختراق المنظومة الاعلامية من قبل لوبيات فساد وعمل عدد من شبكاتها كـ”غرف عمليات” لتشويه الخصوم وتخريب مبدأ النزاهة في أية عملية انتخابية".
وكان تسريب صوتي منسوب لما يبدو أنه اجتماع لهيئة تحرير في قناة "نسمة" التلفزيونية أثار موجة من ردود الفعل الكبيرة، اعتبره الحزب الجمهوري في بيان له، أنه "تحول إلى ما يشبه اجتماع عصابة مفسدين تتداول في كيفية هتك الأعراض وتشويه نشطاء في المجتمع المدني من خلال استهداف منظمة "أنا يقظ" و اعضائها".
وقال بيان للحزب الجمهوري إنه "نظرا لخطورة ما ورد في هذه التسريبات على الحريات الشخصية ومسها من مكانة حرية الإعلام... فإنه يطالب النيابة العمومية بفتح تحقيق فوري في محتوى الشريط المسرب و إحاطة الرأي العام علما بنتائجه"، مطالبا الهيئة العليا للإعلام السمعي والبصري "باتخاذ كل الاجراءات المتاحة لتنظيم قطاع الاعلام و تطهيره من سيطرة اللوبيات و تحريره في اتجاه النهوض بدوره كسلطة رابعة حررتها الثورة و لا يجب أن تفقد استقلاليتها".