تونس: في شيطنة النقابة

19 ابريل 2015
من أحد اعتصامات الاتحاد التونسي للشغل في 2011(فرانس برس)
+ الخط -
سبحان الذي غيّر مواقف بعض التونسيين من اتحاد الشغل، من منظمة أنقذت البلاد من السقوط في الهاوية، إلى منظمة تسعى إلى تدميرها. فبعدما كانت كل الألسن تلهج بما أنجزته المنظمة النقابية خلال الحوار الوطني الذي فرضته على جميع الأطراف السياسية المتناحرة، وعبرت بالبلاد من خطر المواجهة المحدق إلى حوار وطني وصل بها إلى انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة، وبالاتحاد إلى التنافس على جائزة نوبل للسلام، وبتونس إلى ما يسمى اليوم بـ "الاستثناء التونسي"، بعد كل ما كانت الأقلام تردده في كل زاوية من العالم، تحوّلت المنظمة النقابية إلى "شيطان" يعرقل الحياة الاقتصادية ولا هم له إلا مواجهة الحكومة وتعطيل إنجازاتها العبقرية.

ولئن تزايدت الإضرابات بالفعل وتكثفت في الفترة الأخيرة وشملت أكثر من قطاع حيوي، كالصحة والتعليم والفوسفات وغيرها، ولئن كانت النقابة تتحمل بالفعل جزءا من هذه المسؤولية في بعض القطاعات، لأسباب تنافسية نقابية بحتة استعدادا للمؤتمر المقبل، وعلى الرغم من المبالغة في إطالة الصراع بين بعض النقابات والوزارات، فإن تتالي وتواتر هذه الإضرابات يعكس في الواقع قلقا تونسيا عاما من عدم ظهور نهاية النفق، وفشلاً حكومياً في إنتاج الأمل وتراجعا في منسوب التفاؤل لدى التونسيين الذين كانوا يتصورون أن مرورهم من حكم المؤقت قبل الانتخابات الى الدائم بعدها، سيغير حياتهم الصعبة والمضنية بسرعة.

غير أن خيبة الأمل واضحة، رغم أنها غير مبررة بشكل كامل، فهذه الحكومة لم تنه بعدُ أشهرا قليلة منذ توليها المسؤولية، ولا يمكن لها أن تغير في لمح البصر، وضعا يعرف الجميع تعقيده وصعوبته، ولكن فشلها الكبير اتصالي بالأساس، لأنها لم تنجح في إقناع التونسيين إلى حد الآن بتصور واضح قادر على تحريك جينات الأمل في المستقبل. لكن هذا الفشل المشترك لا يمكن أن يُلقى بالكامل على منظمة تستميت في الدفاع عن "الغلابة"، وترفض أن يتحمل عموم الشعب التونسي فاتورة الإصلاحات والصعوبات وحده.

اتحاد الشغل كما يقول المثل التونسي الشعبي "كلحمة الكرومة (قطعة اللحم في رقبة البعير)، مأكولة ومذمومة"، الويل لها إن تكلمت ويا ويلها إن صمتت.