25 أكتوبر 2017
تونس.. مبادرة أم مناورة؟
قيس بن نصر (تونس)
يعيش المجتمع التونسي، منذ خطاب الرئيس الباجي قايد السبسي الشهر الماضي، نقاشا عاما على وقع طرح مسألتي التساوي في الميراث بين الرجل والمرأة وزواج التونسية المسلمة بغير المسلم.
النقاش متواصل بين التونسيين في الفضاء العام، إذ انقسم الرأي العام بين مؤيد ورافض، اعتبارا للإيديولوجية الدينية من جهة، ولموضوع إمكانية الإجتهاد في النص القرآني خدمة لمصالح البشر ومقتضيات العصر من جهة أخرى.
يعتبرون الرافضون للأفكار المقترحة ما صدر من أفكار اجتهادا خارج الموضوع في مسألة الميراث والزواج في الإسلام، أما المؤيدون فيعتبرونها أفكارا سبّاقة لتأويل النص القرآني تأويلا ملائما لمصلحة تطور الحياة البشرية، وتغيير وضعياتها الثقافية والإجتماعية، وحتى الدينية ما دام هناك اجتهاد ممكن مع النص القرآني.
علم تحليل الخطاب يعتبر التاريخ والسياق الذي جاء فيه خطاب رئيس الجمهورية مهم جدا، حيث تضمّن الخطاب تشخيصاً بالأرقام والنسب الإيجابية لإنجازات المرأة في مختلف المجالات، كالصحة والقضاء والتعليم.. وتضمّن توصيات للسلطتين، التنفيذية والتشريعية، من أجل أخذ التدابير القانونية اللازمة فيما يخص المرأة الريفية العاملة التي تعمل في وضعيات مزرية وغير قانونية وبمقابل مادي محدود.
المثير للجدل، والذي أسال حبر كتابٍ عديدين، وأحدث نقاشا متواصلا بين التونسيين في الفضاء العام، هو اعتبار أنّ الميراث والتصرّف فيه من الممكن شرعا أنّ يكون من مشمولات البشر، اعتبارا لمبدأ المساواة التي أقرّها الدستور وللتغيرات الاجتماعية التي تطرأ على حياة الإنسان من حقبة إلى أخرى.
كنت ذكرت عاملي تاريخ وسياق الخطاب وعلاقتهما بالهدف المنشود، والمقصود هنا بالتاريخ اليوم الوطني للمرأة أو عيد المرأة الذي أحدث بتاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية عام 1956، والذي استهل رئيس الجمهورية بالحديث عن مرور 61 سنة عليه، وعن بعض التفاصيل المتعلقة بأولوية مكانة المرأة بصدور المجلة بعد تاريخ الإستقلال بأربع أشهر.
وفيما يخص السياق، لا يمكن أن نفصل مضامين الخطاب عن الحدث السياسي الحالي، وهو الاستعدادات لحملة الإنتخابات البلدية أولا، والحديث في الكواليس السياسية عن رئاسة 2019، كما جاء على لسان رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، في آخر حوار تلفزي له، ما أثار جدلا واسعا في المشهد السياسي.
جمع خطاب رئيس الجمهورية بين المبادرة السياسية والمناورة الإنتخابية، المبادرة السياسية الضمنية التي هي من الصلاحيات التي منحها له الدستور، وتمثلت في تكوين لجنة للبحث في مدى إمكانية الإجتهاد في مسألة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وفي مسألة إمكانية زواج التونسية المسلمة بغير المسلم. أما على مستوى المناورة الإنتخابية المستبطنة لا يكمن فصل ما جاء من أفكار مقترحة في اليوم الوطني للمرأة من توصيات لتحسين وضعية المرأة عن السياق السياسي الذي يعيشه الشعب التونسي، وخصوصا الأحزاب السياسية، وهو الإستعداد لخوض الحملة الإنتخابية وإجراء انتخابات المجلس البلدي في ديسمبر/ كانون الأول 2017، خصوصا وأن حزب نداء تونس الذي أسّسه الباجي قايد السبسي فقد مكانته الحقيقية عند نسبة كبيرة من التونسيين، بعد تصدعه والتشتت والإنقسامات التي حصلت فيه، بسبب حسابات مصلحية ضيقة، وعدم تطبيقه برامجه الإنتخابية السابقة.
لن أخوض في مسألة الإجتهاد الخاص بالميراث والزواج بالنسبة للتونسية المسلمة، لأن هذه المسائل ستكون أساسا من مشمولات اللجنة المكلفة في البحث في هذه المواضيع. أما ما يستحق التساؤل في الموضوع في اعتقادي هو: هل فكرة الإجتهاد في مسألة التساوي في الميراث وزواج التونسية المسلمة بغير المسلم غير المشرك، هي جرأة مدروسة وسبّاقة نحو تغيير وضعية المرأة نحو الأفضل في إطار الإجتهاد المسموح به شرعا وقانونا، أم هي من أشكال المناورة السياسية التي يريد أن يتهيأ بها رئيس الدولة إلى المحطات الإنتخابية المقبلة، خصوصا أن التصويت النسوي أحدث الفارق في المحطات الإنتخابية التشريعية والرئاسية السابقة؟
الإجابة عن السؤال هو الإحتمالان معا: المبادرة السياسية أساسا لصالح المرأة، وفي الوقت نفسه، الإستعداد من أجل الأهداف الإنتخابية في سياق إنتخابي بامتياز، من أجل رصيد إنتخابي نسوي أساسا، وهذا مشروع جدا في العمل السياسي.
استمد رئيس الجمهورية كل من مبادرته السياسية الضمنية والإستعداد للأهداف الإنتخابية من شجاعة مدروسة معتمدة على مشروعية الإجتهاد مع النص القرآني أولا، والتزام الدولة بتطبيق الدستور ثانيا على مستوى مبدأ المساواة والحريات الفردية، معتمدا على الفصل الثاني الخاص بمدنية الدولة، والفصل السادس المتعلق بحرية المعتقد والضمير والفصل الواحد والعشرين في مبدأ المساواة.
وفي انتظار ما سيصدر من ردود أفعال وتعليقات وتفاعلات عن ذلك كله من الأحزاب السياسية، خصوصا منها المشاركة في مجلس نواب الشعب والمؤسسات الرسمية الدينية والمجتمع المدني، لتتحدد بذلك التوجهات والرؤى.
النقاش متواصل بين التونسيين في الفضاء العام، إذ انقسم الرأي العام بين مؤيد ورافض، اعتبارا للإيديولوجية الدينية من جهة، ولموضوع إمكانية الإجتهاد في النص القرآني خدمة لمصالح البشر ومقتضيات العصر من جهة أخرى.
يعتبرون الرافضون للأفكار المقترحة ما صدر من أفكار اجتهادا خارج الموضوع في مسألة الميراث والزواج في الإسلام، أما المؤيدون فيعتبرونها أفكارا سبّاقة لتأويل النص القرآني تأويلا ملائما لمصلحة تطور الحياة البشرية، وتغيير وضعياتها الثقافية والإجتماعية، وحتى الدينية ما دام هناك اجتهاد ممكن مع النص القرآني.
علم تحليل الخطاب يعتبر التاريخ والسياق الذي جاء فيه خطاب رئيس الجمهورية مهم جدا، حيث تضمّن الخطاب تشخيصاً بالأرقام والنسب الإيجابية لإنجازات المرأة في مختلف المجالات، كالصحة والقضاء والتعليم.. وتضمّن توصيات للسلطتين، التنفيذية والتشريعية، من أجل أخذ التدابير القانونية اللازمة فيما يخص المرأة الريفية العاملة التي تعمل في وضعيات مزرية وغير قانونية وبمقابل مادي محدود.
المثير للجدل، والذي أسال حبر كتابٍ عديدين، وأحدث نقاشا متواصلا بين التونسيين في الفضاء العام، هو اعتبار أنّ الميراث والتصرّف فيه من الممكن شرعا أنّ يكون من مشمولات البشر، اعتبارا لمبدأ المساواة التي أقرّها الدستور وللتغيرات الاجتماعية التي تطرأ على حياة الإنسان من حقبة إلى أخرى.
كنت ذكرت عاملي تاريخ وسياق الخطاب وعلاقتهما بالهدف المنشود، والمقصود هنا بالتاريخ اليوم الوطني للمرأة أو عيد المرأة الذي أحدث بتاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية عام 1956، والذي استهل رئيس الجمهورية بالحديث عن مرور 61 سنة عليه، وعن بعض التفاصيل المتعلقة بأولوية مكانة المرأة بصدور المجلة بعد تاريخ الإستقلال بأربع أشهر.
وفيما يخص السياق، لا يمكن أن نفصل مضامين الخطاب عن الحدث السياسي الحالي، وهو الاستعدادات لحملة الإنتخابات البلدية أولا، والحديث في الكواليس السياسية عن رئاسة 2019، كما جاء على لسان رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، في آخر حوار تلفزي له، ما أثار جدلا واسعا في المشهد السياسي.
جمع خطاب رئيس الجمهورية بين المبادرة السياسية والمناورة الإنتخابية، المبادرة السياسية الضمنية التي هي من الصلاحيات التي منحها له الدستور، وتمثلت في تكوين لجنة للبحث في مدى إمكانية الإجتهاد في مسألة المساواة في الميراث بين المرأة والرجل، وفي مسألة إمكانية زواج التونسية المسلمة بغير المسلم. أما على مستوى المناورة الإنتخابية المستبطنة لا يكمن فصل ما جاء من أفكار مقترحة في اليوم الوطني للمرأة من توصيات لتحسين وضعية المرأة عن السياق السياسي الذي يعيشه الشعب التونسي، وخصوصا الأحزاب السياسية، وهو الإستعداد لخوض الحملة الإنتخابية وإجراء انتخابات المجلس البلدي في ديسمبر/ كانون الأول 2017، خصوصا وأن حزب نداء تونس الذي أسّسه الباجي قايد السبسي فقد مكانته الحقيقية عند نسبة كبيرة من التونسيين، بعد تصدعه والتشتت والإنقسامات التي حصلت فيه، بسبب حسابات مصلحية ضيقة، وعدم تطبيقه برامجه الإنتخابية السابقة.
لن أخوض في مسألة الإجتهاد الخاص بالميراث والزواج بالنسبة للتونسية المسلمة، لأن هذه المسائل ستكون أساسا من مشمولات اللجنة المكلفة في البحث في هذه المواضيع. أما ما يستحق التساؤل في الموضوع في اعتقادي هو: هل فكرة الإجتهاد في مسألة التساوي في الميراث وزواج التونسية المسلمة بغير المسلم غير المشرك، هي جرأة مدروسة وسبّاقة نحو تغيير وضعية المرأة نحو الأفضل في إطار الإجتهاد المسموح به شرعا وقانونا، أم هي من أشكال المناورة السياسية التي يريد أن يتهيأ بها رئيس الدولة إلى المحطات الإنتخابية المقبلة، خصوصا أن التصويت النسوي أحدث الفارق في المحطات الإنتخابية التشريعية والرئاسية السابقة؟
الإجابة عن السؤال هو الإحتمالان معا: المبادرة السياسية أساسا لصالح المرأة، وفي الوقت نفسه، الإستعداد من أجل الأهداف الإنتخابية في سياق إنتخابي بامتياز، من أجل رصيد إنتخابي نسوي أساسا، وهذا مشروع جدا في العمل السياسي.
استمد رئيس الجمهورية كل من مبادرته السياسية الضمنية والإستعداد للأهداف الإنتخابية من شجاعة مدروسة معتمدة على مشروعية الإجتهاد مع النص القرآني أولا، والتزام الدولة بتطبيق الدستور ثانيا على مستوى مبدأ المساواة والحريات الفردية، معتمدا على الفصل الثاني الخاص بمدنية الدولة، والفصل السادس المتعلق بحرية المعتقد والضمير والفصل الواحد والعشرين في مبدأ المساواة.
وفي انتظار ما سيصدر من ردود أفعال وتعليقات وتفاعلات عن ذلك كله من الأحزاب السياسية، خصوصا منها المشاركة في مجلس نواب الشعب والمؤسسات الرسمية الدينية والمجتمع المدني، لتتحدد بذلك التوجهات والرؤى.