ورأى محللون أن "المقصود في تصريحات السبسي والصيد هو حزب التحرير الإسلامي، والذي رفع علامات سوداء في مؤتمره الأخير في 13 يونيو/حزيران الماضي، والذي حمل شعار: شمال أفريقيا مرتكز لدولة كبرى.. أمن ورعاية بلا حدود". واعتبروا أن "هذا الشعار أثار جدلاً واسعاً في تونس، لسبب عدم خلّوه من التحريض وهو شبيه بشعارات التنظيمات المسلّحة". مع العلم أن حزب "التحرير" سبق أن أعلن صراحةً أنه "لا يعترف بالدستور ولا بالقوانين بل يؤمن بدولة الخلافة".
واعتبرت الباحثة رجاء بن سلامة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "إسناد رخصة إلى حزب التحرير، كان بمثابة الخطأ القاتل"، ورأت أن "الديمقراطية الناشئة والهشة، لا يمكنها أن تسمح بنيل أحزاب مثل حزب التحرير رخصة، خصوصاً أنه لا يعترف لا بالدستور ولا بالقوانين".
وأضافت أن "حزب التحرير ينشط في العلن، وتم منحه الفرصة لنشر فكرة الخلافة، والتي يشترك فيها مع التنظيمات المسلّحة، بالإضافة إلى كونه رفع راية الخلافة في بلاد جريحة، وديمقراطيتها ودولتها مهددتان". وذكرت أنها "مع قرار التنبيه على حزب التحرير ودعوته إلى تغيير خطابه، وإلا فإنه سيتم سحب الرخصة منه". واعتبرت أنّ "الحزب موجود في بلدان عربية عدة منذ الخمسينيات، ومعروف أنه يخالف قوانين البلاد". وأوضحت بن سلامة أنّ "الجمعيات الدينية في تونس أخطر بكثير من حزب التحرير"، مبينة أنها "مع حلّها ومع حلّ كل حزب أو جمعية تخالف القوانين". وشددت "صحيح أن حقوق الإنسان مكفولة بالدستور، ومن حق الأحزاب أن تنشط في ظل دولة ديمقراطية، ولكن الديمقراطية لا تعني العنف".
اقرأ أيضاً: تونس أمام امتحان الوحدة الوطنية لمحاربة الإرهاب
من جهته، يرى الباحث في الجماعات الإسلامية سامي براهم، أنّ "القانون يجب أن يُطبّق على الجميع، مهما كان حجم وموقع الحزب". وقال في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنه "طالما أن أداء الحزب وخطابه مخالف للقانون، فلا يوجد إشكال في إيقافه". وأضاف أنّ "عملية سحب الرخصة أو الإيقاف، لا يجب أن تكون مجرد قرار سياسي، بل إجراء قانوني". وتابع أنه "مثلما يمنح الترخيص بالقانون، فإن الحلّ يكون بالقانون". وكشف أنّه "إن كان المقصود بتصريح السبسي حزب التحرير، فإن الحزب ومنذ حصوله على الرخصة معروف بإيمانه بالخلافة".
وقال إنه "لا يجب أن نحاسب حزباً على أساس أيديولوجي، لأن معظم الأحزاب لديها أيديولوجيات"، موضحاً أن "الأحزاب القومية تؤمن بالوحدة العربية، والماركسية تؤمن بالعمالية... فالإيمان بالعقائد والأيديولوجيات، لا يبرّر حلّ الأحزاب". وذكّر بأن "قرار الحلّ يجب أن يكون بيد القضاء، وبعد أن يثبت أن الحزب يعتمد في خطابه على تصريحات أو ممارسات مخالفة للقانون". أما المتحدث الرسمي باسم حزب "التحرير" رضا بالحاج، فأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "لا أحد يقدر على سحب رخصة حزب التحرير طالما أنه يحترم القانون".
ولفت إلى أن "الحزب لم يحد عن الشعارات التي وضعها عند المطالبة برخصة، فمطلبه وشعاره منشور بالرائد الرسمي بثلاث لغات، والراية التي فيها عبارة: لا إله إلا الله، هي راية الحزب، فمثلما يختار كل حزب صورته، فإن من حقّ حزب التحرير اختيار الراية التي تناسبه". وكشف أن "السياسيين والإعلاميين يدركون جيداً أن حزب التحرير مختلف تماماً، بنحو 180 درجة عن التنظيمات المسلّحة".
ويقول بالحاج إن "الحكومة تبحث عن كبش فداء وشمّاعة تُعلّق عليها تقصيرها، فهي دائماً تجيب عن الأسئلة بأجوبة خاطئة، لإلهاء الرأي العام، في محاولة منها لتأدية دور البطولة، وهو ما اتضح في مسائل مختلفة". وأكدّ أن "حزب التحرير من أكثر الأحزاب احتراماً للقانون، ومستعدّ للمساءلة والإجابة عن أي تنبيه". أما عن موقفهم من الدستور، فقال إن "حزب التحرير قدّم تصوراً للمرحلة التأسيسية، ولكنه لم يتم إشراكهم فيها، وهذا هو سبب نقدنا للدستور، وهو نقد فكري وشكلي، وليس مبنياً على مشروع فوضى".
وأضاف أنّ "السلطة الحالية في تونس بصدد مغالطة الرأي العام واتباع سياسة الهروب إلى الأمام"، متسائلاً عن "إغلاق 80 مسجداً في منطقة نائية، فقط لأنها بُنيت من دون ترخيص". ورأى بالحاج أنه "لأننا دخلنا في عمق السياسة بدأوا يبحثون عن مسائل ثانوية". وانتقد بالحاج أداء السبسي، معتبراً أنه "جزء من الأزمة". واعتبر أن "تونس تعاني من أزمة إقليمية، فمن جهة تبدو علاقتها بالجزائر متوترة، كما أن علاقتها بجارتها ليبيا ما زالت غير واضحة، وهذه الملفات أهم بكثير من مراجعة رخصة حزب التحرير". وتابع "الإرهاب موجود ولكن عندما يصبح متواتراً فهذا يدفعنا إلى التساؤل أين الدولة؟"، محمّلاً إياها "مسؤولية حماية رعاياها وهي المسؤولة عن سلامتهم وأمنهم".
وكان حزب "التحرير" قد أصدر بياناً أكد فيه أن "العملية الإرهابية في سوسة، تأتي في ظرف خطير، وضع فيه الحكام الجدد تونس في مهب الأمم، وتأتي في وضع إقليمي محرج مع الجارة الجزائر ومع تعقيدات الوضع في ليبيا، ومع إدخال تونس في اتفاقيات عسكرية وأمنية غامضة، تولّاها من لا صفة له". وذكر البيان أن "الحكومات عجزت عن قول الحقيقة كاملة في مجال الإرهاب وأن هناك من سهّله أو استثمره"، مؤكداً أن "الإرهاب هذه المرّة أخطر وسيلتَهم الجميع، لأنّه يحصل تحت نظر حلف شمال الأطلسي، والذي يدبّر لليبيا والجزائر وضعية جديدة".
اقرأ أيضاً: تونس .. يريدون إجهاض الديمقراطية اليتيمة في العالم العربي