عادت الشبهات لتحوم من جديد حول وزير التنمية والاستثمار الخارجي ياسين إبراهيم، الذي يواجه اتهامات بتسهيل مناقصة مهمّة لصالح بنوك أجنبية.
وتتهم أطراف سياسية ومنظمات مدنية، المسؤول الحكومي، بمساعدة شركات أجنبية للفوز بمناقصة حكومية تتعلق بتسويق المخطط التنموي لتونس للفترة بين 2016 إلى 2020، تلك خطة مهم أن تُقنع المجتمع الدولي لدعم تونس، لكن مراقبين يقولون إن المصارف المحلية قادرة على تسويق المخطط، دون الحاجة للاستعانة بخبرات أجنبية، فيما يتهم برلمانيون، الوزير بالتربّح من الصفقة عبر تمريرها لمجموعات بعينها.
وأعلنت الحكومة قبل أيام، فوز مجموعة "أدموند روتشيلد" الإنجليزية بالمناقصة، رغم أنه لم يسبق لتونس أن استعانت بمجموعات أجنبية للتسويق لمخططاتها.
وكان وزير التنمية والتعاون الدولي قد تعاقد في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مع بنك "لازار" الفرنسي، من أجل المهمة ذاتها، دون تقديم طلب عروض لتكلفة تسويق الخطة، الشيء الذي تسبّب في موجة غضب عارمة داخل البرلمان، وتتالت الدعوات بإقالة المسؤول الحكومي، قبل أن يتدخل رئيس الحكومة الحبيب الصيد، الذي أعلن عن إلغاء المناقصة نهائياً وإعادة طرحها من جديد طبقاً لقانون الصفقات العمومية.
لكن رغم الغطاء القانوني لصفقة "روتشليد"، يعتبر العديد من المراقبين للشأن الاقتصادي أن إصرار وزير التنمية على التسويق لمخطط الاستثمار عبر بنك أجنبي، يطرح أكثر من نقطة استفهام.
ويعتبر الخبير المختص في المخاطر المالية مراد الحطاب، أن فكرة تسويق مخطط التنمية عبر بنك أجنبي في حد ذاتها خاطئة، وتحيل على شبهات عديدة حول استفادة أطراف من هذه الصفقة، لافتا إلى أن وزير التنمية ياسين إبراهيم، يتحمل القسط الأكبر من هذه المسؤولية.
وأضاف الحطاب في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة التونسية تمتلك الأجهزة الكافية للتسويق لمخططها القادم دون اللجوء إلى أي طرف أجنبي، لافتا إلى أن الاستعانة بهذا الصنف من البنوك سيجعل الدولة مجبرة على كشف كل معطياتها الخاصة والبقاء في حالة تبعية كاملة للبنوك للأجنبية.
وعبّر الخبير المختص في المخاطر المالية عن استغرابه من سياسة الحكومة الجديدة في التعامل مع مخططات التنمية، مشيراً إلى أنه لم يسبق لتونس أن سوّقت لمخططاتها عبر أطراف أجنبية.
ويتولى المصرف الإنجليزي بمقتضى الصفقة الجديدة، تحديد أولويات التنمية في الجهات التونسية والترويج للمشاريع الاستثمارية في السنوات الخمس القادمة.
وهو ما يراه برلمانيون "سابقة خطيرة في تاريخ تونس"، مشيرين إلى أن مخططات التنمية لا يتم إنجازها إلا من قبل الدولة، باعتبارها الطرف الوحيد القادر على تحديد الاحتياجات الاستثمارية الحقيقية لكل جهة.
وأثار نائب البرلمان مهدي بن غربية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي ضجة في البرلمان حول هذه الصفقة، قائلاً إن العقد يشوبه الفساد وتبديد المال العام، فيما طالبت عدة أحزاب سياسية ونواب في البرلمان بإقالة الوزير.
وجدد مؤخراً النائب ذاته، اتهاماته للوزير وحزبه "آفاق تونس" المشارك في الائتلاف الحاكم، بالوقوف ضد مصلحة البلاد.