تقف أوروبا أمام الكابوس اليوناني مجدداً، والمشهد يعيد إلى الأذهان أزمة اليورو مرة أخرى مع تسلم رئيس الوزراء اليساري الجديد أليكسس تيسبيراس زمام الحكم في أثينا، ورفضه تنفيذ برنامج التقشف وتخصيص مؤسسات القطاع العام، وهو البرنامج الذي أنقذ اليونان من براثن الإفلاس في العام 2012.
ويتكون برنامج الانقاذ الذي وضعته كل من المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي من حزمة مالية قدرها 300 مليار دولار. وهي حزمة مالية مرتبطة بشروط لإعادة هيكلة الاقتصاد اليوناني.
وعلى رأس هذه الشروط، خطة تقشف، تقضي بخفض الانفاق، وزيادة الدخل عبر تخصيص أو بيع مشروعات حكومية وزيادة الضرائب على الدخل والاعمال التجارية في اليونان. وهي البرامج التي رفضها الرئيس اليوناني الجديد أليكسس تيسبيراس، واستند عليها في فوزه الساحق الذي حمله إلى رئاسة الوزراء يوم الأحد الماضي.
يقول رئيس الوزراء اليساري الجديد في رفضه، إن برنامج الإنقاذ زاد من معاناة المواطن اليوناني خلال الأعوام الثلاثة الماضية التي طبق فيها، وفي مقابل هذه المعاناة، لم يتحسن الوضع الاقتصادي لليونان بل زاد سوءاً. وبالتالي يطالب تيسبيراس بضرورة إعادة التفاوض حول ديون اليونان وبرنامج التقشف الذي وعد بإلغائه. لكنه لا يقدم برنامجاً مقبولاً لإنعاش الاقتصاد اليوناني رغم تعهداته بأن بلاده لن تتخلف عن خدمة ديونها.
وفي الواقع فإن البيانات اليونانية تصدق ما قاله تيسبيراس حول فشل خطة الانقاذ، حيث أن نسبة الديون الى الناتج المحلي في اليونان قبل اشتعال أزمة اليورو فى العام 2011، كانت 113%.
والآن، بعد ثلاث سنوات من تطبيق برنامج الإنقاذ الاقتصادي وكل الاعفاءات التي مُنحت لليونان، يبلغ حجم الديون اليونانية كنسبة من إجمالي حجم الاقتصاد حوالي 174%. وهذا بالتأكيد مؤشر خطير على أن اليونان لم تخرج بعد من نفق الإفلاس وأن برنامج الإنقاذ لم يحقق نجاحاً في إخراج البلاد من وهدة الإفلاس، رغم ما سببه من معاناة ومضايقات معيشية لحياة الناس.
ولكن في المقابل، يرفض الاتحاد الأوروبي التفاوض على بنود برنامج الإنقاذ ويقول إن البرنامج سينجح ويجب أن يعطى الوقت الكافي. ويرى العديد من أعضاء الاتحاد الاوروبي وعلى رأسهم ألمانيا أن "حكومة تيسبيراس ملزمة بتطبيق برنامج الانقاذ، لأنها مثلها مثل أية حكومة في الاتحاد الاوروبي يجب عليها تطبيق العهود والمواثيق التي وقعتها سابقتها".
ويبدو أن شقة الخلاف تتسع بين أثينا وبروكسل، مع شروع الحكومة اليونانية الجديدة عملياً في الغاء برنامج الانقاذ، وقرار مجلس الوزراء اليوناني يوم الأربعاء، بإلغاء خطط خصخصة ميناء بيرايوس، وشركة "هيلينك للنفط".
ما أشبه الليلة ببارحة الإفلاس
في أولى المؤشرات الخطيرة على تردي الوضع المالي اليوناني وأنه بات أشبه ببارحة الإفلاس في العام 2011، بدا المستثمرون يهربون من السندات والأسهم اليونانية، كما تواصلت سحوبات المودعين لأموالهم من البنوك التجارية اليونانية. وهو ما يهدد بحدوث أزمة سيولة إذا لم يواصل "المركزي الاوروبي" بضخ السيولة في القطاع المصرفي اليوناني.
وحسب مصادر مصرفية في لندن، فإن البنوك اليونانية الكبرى خسرت 30% من أسهمها حتى تعاملات أمس الخميس. كما تشير المصادر إلى أن حجم سحوبات المودعين من البنوك اليونانية بلغ حتى الآن 12.5 مليار دولار. وهذا معدل كبير يهدد النظام المصرفي اليوناني.
وفي سوق السندات، قفز العائد على السندات اليونانية لآجل 10 سنوات بأكثر من 43 نقطة أساس، ليتجاوز 11%، مسجلاً أعلى مستوى له منذ يوليو/تموز 2013. كما صعد العائد على السندات اليونانية لآجل 5 سنوات بنحو 129 نقطة أساس، لتقفز لمستوى 14.65%. وذلك حسب رويترز.
وفي لندن، يقول اقتصاديون إن المستثمرين في السندات اليونانية، وهي السندات التي تعتمد عليها الحكومة اليونانية في تمويل الإنفاق العام للدولة، ليسوا مستعدين لأخذ مزيد من المخاطر بشراء السندات اليونانية، وسط المستقبل الغامض حول تطور العلاقة بين حكومة تيسبيراس الجديدة والاتحاد الاوروبي. وبالتالي تتوالى موجة هروب المستثمرين من اليونان، خاصة وأن المستثمرين باتوا يتكبدون خسائر على صعيد ارتفاع تأمين سندات الديون التي يحملونها، مع تزايد مخاطر انعكاس الخلافات على الوضع المالي المتأزم في اليونان.
دول اليورو الضعيفة
ورغم أن اليونان دولة صغيرة ولا يشكل اقتصادها ثقلاً في أوروبا، لكن المخاوف تتركز على تداعيات أزمة اليونان على باقي دول اليورو الضعيفة.
في هذا الصدد يقول اقتصاديون في لندن "ما يزرع الرعب حقيقة في دول اليورو، ليس احتمال خروج اليونان من اليورو أو إفلاسها في حد ذاته، لأن الاقتصاد اليوناني صغير وغير مؤثر، مقارنة بالاقتصادات الأوروبية الأخرى، ولكن المخاوف تتركز حول التداعيات التي سيتركها حدوث مثل هذا الأمر على دول منطقة اليورو الثماني عشرة، خاصة الضعيفة منها".
ومن بين هذه التداعيات الخطيرة، تتركز المخاوف من هروب المستثمرين من شراء سندات دول اليورو الضعيفة، مثل البرتغال وقبرص وإسبانيا وباقي الدول الاوروبية ذات المديونية العالية. وتدريجياً ربما تفقد هذه الدول الأموال المطلوبة لتمويل ميزانيات الإنفاق، لتبدأ سلسلة من المتاعب المالية.
ومثل هذه التداعيات حدثت إبان أزمة اليورو في عامي 2110 و2012، حيث سحب المستثمرون أموالهم من سندات الديون في اليونان ثم بدأت الاستثمارات تهرب من بلدان اليورو الضعيفة. وكادت البنوك أن تفلس لولا الأموال التي واصل البنك المركزي الأوروبي ضخها في بنوك البرتغال وإسبانيا وقبرص.
وعلى رأس هذه الشروط، خطة تقشف، تقضي بخفض الانفاق، وزيادة الدخل عبر تخصيص أو بيع مشروعات حكومية وزيادة الضرائب على الدخل والاعمال التجارية في اليونان. وهي البرامج التي رفضها الرئيس اليوناني الجديد أليكسس تيسبيراس، واستند عليها في فوزه الساحق الذي حمله إلى رئاسة الوزراء يوم الأحد الماضي.
يقول رئيس الوزراء اليساري الجديد في رفضه، إن برنامج الإنقاذ زاد من معاناة المواطن اليوناني خلال الأعوام الثلاثة الماضية التي طبق فيها، وفي مقابل هذه المعاناة، لم يتحسن الوضع الاقتصادي لليونان بل زاد سوءاً. وبالتالي يطالب تيسبيراس بضرورة إعادة التفاوض حول ديون اليونان وبرنامج التقشف الذي وعد بإلغائه. لكنه لا يقدم برنامجاً مقبولاً لإنعاش الاقتصاد اليوناني رغم تعهداته بأن بلاده لن تتخلف عن خدمة ديونها.
وفي الواقع فإن البيانات اليونانية تصدق ما قاله تيسبيراس حول فشل خطة الانقاذ، حيث أن نسبة الديون الى الناتج المحلي في اليونان قبل اشتعال أزمة اليورو فى العام 2011، كانت 113%.
والآن، بعد ثلاث سنوات من تطبيق برنامج الإنقاذ الاقتصادي وكل الاعفاءات التي مُنحت لليونان، يبلغ حجم الديون اليونانية كنسبة من إجمالي حجم الاقتصاد حوالي 174%. وهذا بالتأكيد مؤشر خطير على أن اليونان لم تخرج بعد من نفق الإفلاس وأن برنامج الإنقاذ لم يحقق نجاحاً في إخراج البلاد من وهدة الإفلاس، رغم ما سببه من معاناة ومضايقات معيشية لحياة الناس.
ولكن في المقابل، يرفض الاتحاد الأوروبي التفاوض على بنود برنامج الإنقاذ ويقول إن البرنامج سينجح ويجب أن يعطى الوقت الكافي. ويرى العديد من أعضاء الاتحاد الاوروبي وعلى رأسهم ألمانيا أن "حكومة تيسبيراس ملزمة بتطبيق برنامج الانقاذ، لأنها مثلها مثل أية حكومة في الاتحاد الاوروبي يجب عليها تطبيق العهود والمواثيق التي وقعتها سابقتها".
ويبدو أن شقة الخلاف تتسع بين أثينا وبروكسل، مع شروع الحكومة اليونانية الجديدة عملياً في الغاء برنامج الانقاذ، وقرار مجلس الوزراء اليوناني يوم الأربعاء، بإلغاء خطط خصخصة ميناء بيرايوس، وشركة "هيلينك للنفط".
ما أشبه الليلة ببارحة الإفلاس
في أولى المؤشرات الخطيرة على تردي الوضع المالي اليوناني وأنه بات أشبه ببارحة الإفلاس في العام 2011، بدا المستثمرون يهربون من السندات والأسهم اليونانية، كما تواصلت سحوبات المودعين لأموالهم من البنوك التجارية اليونانية. وهو ما يهدد بحدوث أزمة سيولة إذا لم يواصل "المركزي الاوروبي" بضخ السيولة في القطاع المصرفي اليوناني.
وحسب مصادر مصرفية في لندن، فإن البنوك اليونانية الكبرى خسرت 30% من أسهمها حتى تعاملات أمس الخميس. كما تشير المصادر إلى أن حجم سحوبات المودعين من البنوك اليونانية بلغ حتى الآن 12.5 مليار دولار. وهذا معدل كبير يهدد النظام المصرفي اليوناني.
وفي سوق السندات، قفز العائد على السندات اليونانية لآجل 10 سنوات بأكثر من 43 نقطة أساس، ليتجاوز 11%، مسجلاً أعلى مستوى له منذ يوليو/تموز 2013. كما صعد العائد على السندات اليونانية لآجل 5 سنوات بنحو 129 نقطة أساس، لتقفز لمستوى 14.65%. وذلك حسب رويترز.
وفي لندن، يقول اقتصاديون إن المستثمرين في السندات اليونانية، وهي السندات التي تعتمد عليها الحكومة اليونانية في تمويل الإنفاق العام للدولة، ليسوا مستعدين لأخذ مزيد من المخاطر بشراء السندات اليونانية، وسط المستقبل الغامض حول تطور العلاقة بين حكومة تيسبيراس الجديدة والاتحاد الاوروبي. وبالتالي تتوالى موجة هروب المستثمرين من اليونان، خاصة وأن المستثمرين باتوا يتكبدون خسائر على صعيد ارتفاع تأمين سندات الديون التي يحملونها، مع تزايد مخاطر انعكاس الخلافات على الوضع المالي المتأزم في اليونان.
دول اليورو الضعيفة
ورغم أن اليونان دولة صغيرة ولا يشكل اقتصادها ثقلاً في أوروبا، لكن المخاوف تتركز على تداعيات أزمة اليونان على باقي دول اليورو الضعيفة.
في هذا الصدد يقول اقتصاديون في لندن "ما يزرع الرعب حقيقة في دول اليورو، ليس احتمال خروج اليونان من اليورو أو إفلاسها في حد ذاته، لأن الاقتصاد اليوناني صغير وغير مؤثر، مقارنة بالاقتصادات الأوروبية الأخرى، ولكن المخاوف تتركز حول التداعيات التي سيتركها حدوث مثل هذا الأمر على دول منطقة اليورو الثماني عشرة، خاصة الضعيفة منها".
ومن بين هذه التداعيات الخطيرة، تتركز المخاوف من هروب المستثمرين من شراء سندات دول اليورو الضعيفة، مثل البرتغال وقبرص وإسبانيا وباقي الدول الاوروبية ذات المديونية العالية. وتدريجياً ربما تفقد هذه الدول الأموال المطلوبة لتمويل ميزانيات الإنفاق، لتبدأ سلسلة من المتاعب المالية.
ومثل هذه التداعيات حدثت إبان أزمة اليورو في عامي 2110 و2012، حيث سحب المستثمرون أموالهم من سندات الديون في اليونان ثم بدأت الاستثمارات تهرب من بلدان اليورو الضعيفة. وكادت البنوك أن تفلس لولا الأموال التي واصل البنك المركزي الأوروبي ضخها في بنوك البرتغال وإسبانيا وقبرص.