ربما تكونُ الأرقام صادمة للمجتمع السعودي، لكنها رسمية وصادرة عن وزارة العدل. فقد بلغ عدد حالات الطلاق التي سُجلت في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي 33954 حالة، في مقابل 11817 حالة زواج فقط. وللمرة الأولى، تكون حالات الطلاق ثلاثة أضعاف الزواج في السعودية، بواقع 7.75 حالات طلاق في الساعة الواحدة، في مقابل 2.69 حالة زواج. فيما بلغت حالات الخلع في مختلف المناطق 434، وهي أرقام يؤكد باحثون اجتماعيون أنها تنبئ بخطر اجتماعي كبير.
وزادت حالات الطلاق بمعدل أكثر من 8371 حالة عن نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت حالات الخُلع بنسبة كبيرة جداً.
في السياق، يقول المأذون الشرعي، ومسؤول موقع "زواج" على الإنترنت، الشيخ خالد الهميش، إن هذه الأرقام تعد خطراً كبيراً يهدد المجتمع. يضيف لـ "العربي الجديد" أنه عاماً بعد عام، ترتفع نسب الطلاق في السعودية، موضحاً أن الطلاق يؤثر سلباً على المجتمع.
ويشدد الهميش على أن "المشكلة مضاعفة. فمع ارتفاع حالات الطلاق، نلاحظ انخفاضاً في معدلات الزواج"، لافتاً إلى أن هناك عزوفا من الشباب عن الزواج بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها. يتابع أنه "لا يوجد وظائف مناسبة للشباب ولا حتى مساكن. لهذا، نجد أن الشاب السعودي قد يصبح في الـ 35 من عمره من دون أن يتمكن من الزواج". ويتخوّف من أن يؤثر الأمر على استقرار الأسر السعودية.
اقرأ أيضاً: العدل السعوديّة نحو إطلاق برنامج للحدّ من الطلاق
كذلك، تؤكد الأرقام الرسمية أن أكثر من 1.5 مليون فتاة سعودية لم تتزوج بعد. ويقدر باحثون في شؤون الأسرة أن الرقم مرشح للارتفاع خلال السنوات العشر المقبلة إلى نحو أربعة ملايين فتاة بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية، في ظل تفشي البطالة، علماً أن 26 في المائة من الشباب السعوديين عاطلين عن العمل.
ويرى الهميش أن عدم الاختيار الصحيح هو أساس المشكلة. فيما يعزو رئيس لجنة التكافل الأسري في إمارة المنطقة الشرقية والمأذون غازي الشمري ارتفاع تلك الأرقام إلى "انتشار الأجهزة الذكية بين النساء، واستقلاليتهن المادية"، محذراً من "خطورة ارتفاع تلك الأرقام في حال قيادة المرأة السيارة". يضيف أن "خروج المرأة للعمل من دون تخطيط أدى إلى تمردها"، مشيراً إلى أن "هذه الأرقام سترتفع في السنوات المقبلة، وخصوصاً لو سُمح للمرأة بقيادة السيارة لأنه سيزيد الشك بين الأزواج. نحن مجتمع محافظ ولا يسمح بمثل هذا التحرّر".
وتتصدر منطقة مكة المكرمة نسب الطلاق والخلع في السعودية (9954 حالة طلاق و405 حالات خلع). أيضاً، تصدرت جدة المدن السعودية بـ 5306 حالات طلاق، تلتها مدينة مكة المكرمة بـ 2326 حالة، ثم مدينة الطائف بـ 1459 حالة، لتتوزع بقية الحالات البالغة 863 حالة على باقي مدن ومحافظات منطقة مكة المكرمة.
في السياق، يشرح باحثون اجتماعيون أن "أسباب ارتفاع نسب الطلاق في السعودية ترتبط بفارق العمر، في ظل انتشار زواج القاصرات، علماً أن السلطات رفضت سن قانون للحد منه. والسبب الثاني هو عدم التوافق الاقتصادي، وخصوصاً حين تكون الزوجة معتادة على مستوى معيشي معين في منزل أهلها".
بدوره، يشير المأذون الشرعي والمستشار الأسري الشيخ محمد عثمان الفلاج بابا إلى أسباب أخرى لزيادة نسبة الطلاق، أهمها "زواج المسيار، وهو زواج مؤقت لا يشترط تأمين مسكن أو نفقة شرعية للمرأة". يضيف لـ "العربي الجديد" أن "الطلاق زاد بسبب زيادة زواج المسيار. وعادة ما يحرص الزوج على ألا تعلم زوجته الأولى بهذا الزواج. لذلك، يختار الطلاق في وقت لاحق". ويلفت إلى أن "كثيرا من الرجال يعتبرون هذا النوع من الزواج مؤقتاً، وحتى أنهم لا يسجلونه في الأحوال المدنية".
ويشدد الفلاج بابا، وهو مؤلف كتابي "هديتي لابني العريس" و"هديتي لابنتي العروس"، اللذين يناقشان الحياة الزوجية، على "ضعف الثقافة الزوجية لدى الشباب، وسيطرة الأمهات على الأسر". ويقول إن "غالبية الشباب يريدون الحفاظ على حريتهم حتى بعد الزواج، وكأنه لم يتغير شيء في حياتهم، وهذا أمر صعب. من جهة أخرى، فإن سطوة الأمهات تزداد في البيوت، ويمكن القول إنها تدير حياة الأسرة، وتتدخل في حياة ابنها وابنتها. وفي الغالب، لا يكون هذا التدخل سليماً". يضيف أن "فتيات كثيرات يكشفن لأمهاتهن أدق أسرار حياتهن الزوجية، وفي الغالب لا تكون الأم عقلانية، بل تأمر ابنتها بطلب الطلاق عند أول مشكلة، ولا تحثها على الصبر كما كانت الأمهات في الماضي".
اقرأ أيضاً: %70 من زيجات السعوديين تنتهي بالطلاق