18 اغسطس 2020
ثورات الربيع العربي كشفت "اليسار"... مأزوماً وخانعاً (1-2)
أمل كثيرون، استشرافاً وتدقيقاً في الثورات العربية، بدءاً من تونس 2010، بأن يقرأ اليسار التقليدي العربي لحظته التاريخية. بيد أن من عرف هشاشة بنية بعض اليساريين، وجنوحهم نحو التنظير لتجميل الحالة الذاتية أكثر من الفعل، عرف أيضاً أننا سنخوض لسنوات في الخيبة المعبر عنها في إحباط متوال لـ"جيل اليسار التقليدي الرسمي العربي".
هروب بعض "اليسار" نحو ما نشهده اليوم، منذ انطلاق ثورات الربيع العربي، برفع لواء بعبع "الإخوان المسلمين"، وبتلاق مثير في هذا مع السعودية وإمارة أبوظبي، ليس بجديد.
ففي مذبحة حماة السورية، فبراير 1982، صفق وهتف بحماسة لنظام "التقدمية والاشتراكية" أيام حافظ الأسد، باستثناء بعض قوى اليسار القومي و"رابطة العمل الشيوعي"، ونشرتهم "الراية الحمراء" شاهدة. وكذبة وتزوير "الاشتراكية العربية" لا يجهلها السوريون في يافطة ولازمة: "لا حياة في هذا القطر(سورية) إلا للتقدم والاشتراكية".
كذبة فضحتها تخمة النخب وغرقها في كماليات "الغرب الإمبريالي"، فيما الأغلبية علقت في ذراع صنم حافظ في الصالحية علبة سمن لإيصال شيفرة وعيها، عما يعنيه تغييب أبسط الحقوق؛ فقد أبدع محمد الماغوط في نقل حقيقة "التقدمية".
من تأمل مطالب الثورات في الحرية والعدالة الاجتماعية لا بد أن يسأل محتاراً عن دور اليسار التقليدي، بحركاته وأحزابه و"جبهاته".
لا يمكن لتصفيق هذا "اليسار" للثورات، في بدايتها، حجب المواقف التاريخية القريبة المخزية والتالية لثورة 25 يناير؛ وبالمناسبة فعلها حليفاهما، "حزب الله" في بيروت، وخامنئي في طهران. أبدى هؤلاء حماسة كبيرة لـ"سقوط نظام كامب ديفيد"، بينما قرأها الحليفان "صحوة إسلامية"، بديكور أعلام الدول كخلفية لخطاب حماسي انتهازي، قبل المباشرة بحفلات البكاء على سقوط الاستبداد، مع هبوب نسمات الحرية من القاهرة إلى حوران.
من أكثر الشعارات الاتهامية للثورات الشبابية، في سياق خطاب التزوير، التي ساقها هذا "اليسار"، ومعه بعض أدعياء القومية، أنها "خريف عربي".
بل ليس بغريب، في سياقات تزوير الوعي، أن يقال:انظروا إلى ما حدث من تخريب في العواصم العربية. الأمر ليس مرتبطا بقلة وعي، بل بتصميم مقصود في اعتبار تحريك الشباب العربي وكشفه المزابل التاريخية المتراكمة هو المصيبة لا ما تسبب بتراكمها؛ من غياب بنى تحتية حقيقية وآفة الفساد والمحسوبيات إلى الأمية ونشر التخلف وغياب أية رؤية تطويرية للدمقرطة، مع الحفاظ على نمط النظم الاستبداية، بحجة الأمن والأمان، وتحويل المواطنين في الخطاب والثقافة إلى قطيع لا هم له سوى المأكل والملبس والعودة إلى الحظائر.
بمعنى من المعاني نحن أمام تزوير مستبد يقول لك ولي: كل شيء كان "تمام التمام" في حياتنا لولا أن "المؤامرة" لم تجد طريقها. يعني، تحريك تراكمات الموبقات والكشف عن التزييف وانتشار الرائحة، هو المشكلة، وليس تراكمها بالشكل المهين لأمة تتغنى بماض على أطلال حضارة باتت الطفيليات تتحكم حتى بكيفية عرض تاريخها والتفكر فيها.
ومن عجائب هذا "اليسار" التقاؤه في الثورات المضادة، تحت يافطة "مؤامرة كونية"، مع قوى غارقة في الخطاب الديني، تلك المحرمة الخروج على "ولي الأمر"، والمقابلة المنطلقة باتهام شباب وشابات سلميين في سوق الحميدية وساحة المرجة بدمشق (15 مارس 2011) بأنهم "يستهدفون السيدة زينب"، بما أتبعه الشعار المتخلف من إراقة دماء تقوم على مذهبة مصالح ضيقة؛ كان يمكن أن تستمر دون عناء الزج بالشباب العربي لقتل آخرين وتعميق خنادق الدم معه، خصوصا بمعرفتهم من استخدم الإسلاميين في سجونه لإيصال سورية إلى مذهبة ثورتها.
السؤال الجوهري الآخر، وبعد أكثر من 6 سنوات من هراء الحديث عن "مؤامرة كونية - إمبريالية - صهيونية - غربية - قطرية - صربية"، إلى آخره من هرطقات "نخب اليسار" عن ثورات المساجد، أين هم الآن من كل هذا؟
هل صدق بعضهم أن حزبا شيوعيا سوريا مارس بنفسه التوريث، حتى الأنسباء، يمكن أن يقف ضد التوريث في بلد كسورية؟ بالطبع من يعرف بنية هذه الأحزاب التقليدية جدا يدرك بأنها لا تفقد "الزعيم" سوى حين يهال عليه تراب القبر، وبالمناسبة يصير "خالدا"، مثل حافظ الأسد، يحكم من قبره ويسترشد بنظرياته باعتبارها "سنّة ملزمة"، وتسألون لماذا يحبون سلالة كيم في كوريا الشمالية؟
الأشد مقتا في مشهد بعض "اليسار" أن يعتبر هؤلاء "ميدفيدف" و"بوتين" أبوين روحيين للشيوعية.. فحتى الأمس القريب برز بوضوح التباس علاقة موسكو مع الأنظمة الاستبدادية، فاعتبر هذا "اليسار" أن من دار في فلكها مدعاة للسكوت، وحتى التحالف معها، في اشتداد الاستبداد الذي يفترض أنهم يحاربونه ثوريا، وخصوصا في المشرق العربي.
هروب بعض "اليسار" نحو ما نشهده اليوم، منذ انطلاق ثورات الربيع العربي، برفع لواء بعبع "الإخوان المسلمين"، وبتلاق مثير في هذا مع السعودية وإمارة أبوظبي، ليس بجديد.
ففي مذبحة حماة السورية، فبراير 1982، صفق وهتف بحماسة لنظام "التقدمية والاشتراكية" أيام حافظ الأسد، باستثناء بعض قوى اليسار القومي و"رابطة العمل الشيوعي"، ونشرتهم "الراية الحمراء" شاهدة. وكذبة وتزوير "الاشتراكية العربية" لا يجهلها السوريون في يافطة ولازمة: "لا حياة في هذا القطر(سورية) إلا للتقدم والاشتراكية".
كذبة فضحتها تخمة النخب وغرقها في كماليات "الغرب الإمبريالي"، فيما الأغلبية علقت في ذراع صنم حافظ في الصالحية علبة سمن لإيصال شيفرة وعيها، عما يعنيه تغييب أبسط الحقوق؛ فقد أبدع محمد الماغوط في نقل حقيقة "التقدمية".
من تأمل مطالب الثورات في الحرية والعدالة الاجتماعية لا بد أن يسأل محتاراً عن دور اليسار التقليدي، بحركاته وأحزابه و"جبهاته".
لا يمكن لتصفيق هذا "اليسار" للثورات، في بدايتها، حجب المواقف التاريخية القريبة المخزية والتالية لثورة 25 يناير؛ وبالمناسبة فعلها حليفاهما، "حزب الله" في بيروت، وخامنئي في طهران. أبدى هؤلاء حماسة كبيرة لـ"سقوط نظام كامب ديفيد"، بينما قرأها الحليفان "صحوة إسلامية"، بديكور أعلام الدول كخلفية لخطاب حماسي انتهازي، قبل المباشرة بحفلات البكاء على سقوط الاستبداد، مع هبوب نسمات الحرية من القاهرة إلى حوران.
من أكثر الشعارات الاتهامية للثورات الشبابية، في سياق خطاب التزوير، التي ساقها هذا "اليسار"، ومعه بعض أدعياء القومية، أنها "خريف عربي".
بل ليس بغريب، في سياقات تزوير الوعي، أن يقال:انظروا إلى ما حدث من تخريب في العواصم العربية. الأمر ليس مرتبطا بقلة وعي، بل بتصميم مقصود في اعتبار تحريك الشباب العربي وكشفه المزابل التاريخية المتراكمة هو المصيبة لا ما تسبب بتراكمها؛ من غياب بنى تحتية حقيقية وآفة الفساد والمحسوبيات إلى الأمية ونشر التخلف وغياب أية رؤية تطويرية للدمقرطة، مع الحفاظ على نمط النظم الاستبداية، بحجة الأمن والأمان، وتحويل المواطنين في الخطاب والثقافة إلى قطيع لا هم له سوى المأكل والملبس والعودة إلى الحظائر.
بمعنى من المعاني نحن أمام تزوير مستبد يقول لك ولي: كل شيء كان "تمام التمام" في حياتنا لولا أن "المؤامرة" لم تجد طريقها. يعني، تحريك تراكمات الموبقات والكشف عن التزييف وانتشار الرائحة، هو المشكلة، وليس تراكمها بالشكل المهين لأمة تتغنى بماض على أطلال حضارة باتت الطفيليات تتحكم حتى بكيفية عرض تاريخها والتفكر فيها.
ومن عجائب هذا "اليسار" التقاؤه في الثورات المضادة، تحت يافطة "مؤامرة كونية"، مع قوى غارقة في الخطاب الديني، تلك المحرمة الخروج على "ولي الأمر"، والمقابلة المنطلقة باتهام شباب وشابات سلميين في سوق الحميدية وساحة المرجة بدمشق (15 مارس 2011) بأنهم "يستهدفون السيدة زينب"، بما أتبعه الشعار المتخلف من إراقة دماء تقوم على مذهبة مصالح ضيقة؛ كان يمكن أن تستمر دون عناء الزج بالشباب العربي لقتل آخرين وتعميق خنادق الدم معه، خصوصا بمعرفتهم من استخدم الإسلاميين في سجونه لإيصال سورية إلى مذهبة ثورتها.
السؤال الجوهري الآخر، وبعد أكثر من 6 سنوات من هراء الحديث عن "مؤامرة كونية - إمبريالية - صهيونية - غربية - قطرية - صربية"، إلى آخره من هرطقات "نخب اليسار" عن ثورات المساجد، أين هم الآن من كل هذا؟
هل صدق بعضهم أن حزبا شيوعيا سوريا مارس بنفسه التوريث، حتى الأنسباء، يمكن أن يقف ضد التوريث في بلد كسورية؟ بالطبع من يعرف بنية هذه الأحزاب التقليدية جدا يدرك بأنها لا تفقد "الزعيم" سوى حين يهال عليه تراب القبر، وبالمناسبة يصير "خالدا"، مثل حافظ الأسد، يحكم من قبره ويسترشد بنظرياته باعتبارها "سنّة ملزمة"، وتسألون لماذا يحبون سلالة كيم في كوريا الشمالية؟
الأشد مقتا في مشهد بعض "اليسار" أن يعتبر هؤلاء "ميدفيدف" و"بوتين" أبوين روحيين للشيوعية.. فحتى الأمس القريب برز بوضوح التباس علاقة موسكو مع الأنظمة الاستبدادية، فاعتبر هذا "اليسار" أن من دار في فلكها مدعاة للسكوت، وحتى التحالف معها، في اشتداد الاستبداد الذي يفترض أنهم يحاربونه ثوريا، وخصوصا في المشرق العربي.