وناقش المشاركون في مدرج مكتبة قطر الوطنية عدة محاور، من أبرزها آليات صناعة الترجمة بوصفها لغة عالمية، وكيف تكون الترجمة جسرا للتواصل الإنساني؟ ودور جوائز الترجمة العالمية في نقل الفكر الإنساني، ومشاريع الترجمات العلمية كنماذج في الريادة.
وفي مداخلته حول آليات صناعة الترجمة بوصفها لغة عالمية، قال كريم الماجري، صاحب ترجمة كتاب "العناصر الإسلامية لهوية أوروبا" من اللغة البوسنية، إنه "لا يوجد تعريف محدد وموثوق للترجمة، وإنما توجد توصيفات مختلفة، وربما تتفق كل تلك التعريفات على أن المعنى هو المقدّم في كل أنواع الترجمة، وليس الأسلوب أو بناء النص. ومع ذلك فلا شكّ أنه لا توجد طريقة أخرى غير الترجمة لدراسة العلاقات الحاكمة لمختلف الآداب، ولمعرفة تاريخ الحضارات والثقافات".
وقال أستاذ علم اللغة الاجتماعي في جامعة قطر، رضوان أحمد، إن "هناك ظلما في وصف الترجمة جسراً، بل هي أعظم من ذلك، فالترجمة أصبحت عنصراً أساسيا في تكوين النشأة الغربية، ووجود الترجمة ذات الجودة العالية تضمن التنوع اللغوي والثقافي، وتقف أمام هيمنة اللغة الإنكليزية التي قد تودي إلى اندثار اللغات واللهجات، فالترجمة كلغة عالمية تضمن استدامة اللغات والثقافات".
وقدم المتخصص في اللغات السامية المقارنة من جامعة مانشستر، منتصر الحمد، ثلاثة محاور، تركّز الأول حول المفاهيم والمنهجيات التي ينبغي أن تكون حاضرة عند تحليل التواصل الحضاري، مثل: "الأنا والآخر"، و"نظرية التصادم" التي بنى عليها صموئيل هننغتون "تصادم الحضارات"، و"نظرية الاتصال الاجتماعي"، ثم انتقل لمحور "اللغة باعتبارها قوة ناعمة" استقرأ فيه إحصائيات عالمية مختلفة حول "اقتصاد المعرفة" و"اقتصاد اللغة"، ثم انتهى للمحور الثالث بعرض وتحليل بعض مشاريع الترجمة الكبرى ومدى انسجامها مع المحورين السابقين.
وتأكيدا لأهمية الجوائز كونها إحدى أدوات القوة الناعمة، أكد أستاذ اللغة العربية بجامعة قطر، علاء عبد المنعم، أن "المترجم صاحب رسالة حضارية تدعم القيم الإنسانية السامية من محبة وإخاء وسلام، ويتحمَّل المترجم، وبخاصة في سياقنا العربي، أعباء إضافية نتيجة تراجع الدور المؤسسي، وهو ما يضاعف حاجته المتجددة إلى الدعم والمساندة والتحفيز، وهنا يتجلى الدور الأكبر لجوائز الترجمة بما تحمله من اعتراف بأهمية عمل المترجم واحترام منجزه".
واستعرضت المستشار الإعلامي لجائزة الشيخ حمد للترجمة، حنان الفياض، جهد الجائزة في مد جسور التعاون بين الأكاديميين المشتغلين بالترجمة، مشيرة إلى تاريخ الجائزة التي انطلقت دورتها الأولى في عام 2015، وتهدف إلى التواصل بين أمم العالم، ونشر ثقافة السلام، وتجويد عملية التعريب والترجمة.
وذكرت الفيّاض أن "الجائزة تعمل على اعتماد الترجمات من اللغة العربية وإليها بأكثر من لغة عالمية، لذلك يتم اعتماد لغة جديدة كل عام إلى جانب اللغة الإنكليزية، وقد تم اختيار اللغة التركية في العام الأوّل، والإسبانية في العام الثاني، ثم الفرنسية، وفي هذا العام سيتم اعتماد اللغة الألمانية، بجوائز تصل إلى مليوني دولار".