يعتبر سانتوس بمثابة الترمومتر لكرة القدم البرازيلية، هو ذلك النادي الذي قدم للعالم أجمع الجوهرة السوداء بيليه، بعد أن التقطته أعين الكشافين في سن السادسة عشر، وحولته سريعاً إلى قلعة النادي الكبير، ليصبح الفتى الصغير واحداً من أعظم نجوم المستديرة على مر تاريخها، إذا لم يكن الأعظم على الإطلاق من وجهة نظر شريحة غير قليلة من متابعي الكرة. ولم يكتف سانتوس بتقديم بيليه، بل ساهم الفريق بشكل دائم على إنتاج خيرة المواهب البرازيلية في السنوات الأخيرة.
مصنع المواهب
لا يلعب سانتوس في ملعب عملاق كمعظم فرق البرازيل، ولا يهتم كثيراً بالحصول على البطولة المحلية في كل عام، لكنه يعرف كيف يُنتج المواهب الصغيرة، ويجيد بشدة بيعها إلى الأندية الأوروبية، حيث أن جزءاً كبيراً من دخل النادي يعود إلى مبالغ الصفقات التي يبرمها مسؤولو النادي مع مختلف الفرق الغنية.
ورغم أن البرازيل لا تشتهر بمدربي الفئات السنية الصغيرة، إلا أنها الدولة رقم 1 في عدد الكشافين، لذلك يعتمد سانتوس على شبكة عملاقة من أبرز الكشافين الذين يجوبون شوارع وأزقة البرازيل، من أجل التقاط صغار الأسماء، ونقلهم إلى معسكرات سانتوس التدريبية، حتى يتم صقل موهبتهم وتدرجهم في الفئات السنية حتى الفريق الأول، ومن ثم يبدأ البحث عن نادي أوروبي لعملية الشراء.
نيمار ليس الوحيد
يُعرف صغار سانتوس في الملاعب البرازيلية بأطفال القرية، وذلك لأن الفريق يضم لاعبين من معظم المناطق في البرازيل. يأتي اللاعب الصغير إلى مركز التدريب، ويتم الاعتناء به وتعليمه جيداً، مع الحفاظ على صحته وتوفير نظام غذائي متكامل، مع متابعة كاملة من جانب أطباء علم النفس وخبراء الاجتماع، لإنتاج نجم يعرف كيف يتعامل مع كافة الضغوط الصعبة.
وأدخل سانتوس نظام "مواهب اليوتيوب" إلى الكرة البرازيلية، حيث أن بإمكان أي ناشئ صغير تسجيل مقطع فيديو له، وإرساله إلى كشافي ومسؤولي الفئات السنية بالفريق، وإذا تم القبول يأتي الطفل إلى ملاعب النادي، ويتحول تدريجياً إلى نجم كرة قدم من العيار الثقيل، فتّش عن العين الخبيرة والصبر حتى النجاح.
يعتقد البعض أن نجم برشلونة الحالي نيمار دا سيلفا هو نجم سانتوس الوحيد في السنوات الأخيرة، وبعيداً عن الموهبة القديمة روبينيو، فإن الفريق البرازيلي قدم مؤخراً أكثر من لاعب لكرة القدم، منهم نجم لاتسيو الحالي فيلبي أندرسون، بالإضافة إلى النجوم الصغار فيكتور أندرادي، والاسم القادم بقوة إلى سماء التألق والنجومية، جابرييل باربوسا.
باربوسا
حصل اللاعب الشاب جابرييل باربوسا على عروض احترافية من جانب عمالقة الدوري الانجليزي، حيث يراقبه كلٌّ من تشيلسي ومانشستر سيتي وآرسنال، ويريد الثلاثي الكبير الحصول على خدمات نجم سانتوس، بسبب قدراته الكروية الكبيرة مقارنة بسنه الصغيرة، وتألقه اللافت مع سانتوس في كل البطولات المحلية والقارية، خصوصاً أنه حمل لواء نجومية الفريق بعد رحيل نيمار إلى برشلونة منذ قرابة العامين.
ومع الاهتمام الانجليزي، يراقب مسؤولو ريال مدريد اللاعب أيضاً، مع عين أخرى من برشلونة، النادي الذي يرتبط بعلاقات مميزة مع سانتوس، ويحصل على أولوية الشراء لمعظم مواهب الفريق، لذلك من المتوقع نشوب معركة جديدة على بارسوسا، كما حدث سابقاً مع النروجي أوديجارد، اللاعب الذي انتقل مؤخراً إلى ريال مدريد براتب خيالي.
رقمياً، يمتاز باربوسا بمعدل تهديفي مميز، على مستوى تسجيل الأهداف وصناعتها، وخلال 31 مباراة بالدوري البرازيلي بالموسم الماضي، سجل جابرييل تسعة أهداف وصنع خمسة رغم عمره الصغير، ليلفت الأنظار بشدة خصوصاً أنه يمتاز بأسلوب لعب مغاير لنيمار، أي نحن أمام نجم جديد معتز بذاته، وبعيد تماماً عن عباءة سلفه الراحل إلى اسبانيا.
أسلوب اللعب
من الممكن تصنيف باربوسا على أنه مهاجم صريح أو Out and Out Striker، لأنه يلعب كثيراً في العمق، ويميل إلى التحرك في ظهر المدافعين باتجاه عمودي نحو المرمى، لذلك يعتبر نجم سانتوس بمثابة الهداف الحقيقي واللاعب الذي يقف بمحاذاة آخر مدافع للخصم، من أجل القطع السريع إلى الأمام، والحصول على الكرة أمام الحارس والتسديد في الشباك.
يمتاز أيضاً جابرييل بقدم يسرى حريرية، تساعده على التحكم بالكرات ورمي التمريرات بدقة يُحسد عليها، لذلك تجده أيضاً على أطراف الملعب، في اليمين واليسار من أجل استلام اللعب بحرية، وإيصال رفاقه إلى المرمى بتمريرة ذكية من الخط الجانبي إلى عمق منطقة الجزاء، وبالتالي يملك اللاعب عدداً لا بأس به من "الأسيست" الخاص بصناعة الأهداف.
من مميزات اللاعب أيضاً شخصيته الكبيرة وتألقه اللافت في جميع المباريات الكبيرة بالدوري البرازيلي، لذلك يُعرف عن باربوسا تسجيله للأهداف الغالية أمام منافسي سانتوس، لكنه يعاني أيضاً من سلبية واضحة، تكمن في ضعف بنيانه الجسدي مقارنة بمدافعي العصر الحالي، لذلك سيعاني بعض الشيء عند انتقاله إلى أوروبا، لكن هذا الأمر يستطيع التغلب عليه مستقبلاً كما فعل نيمار مع برشلونة.
الصيف المقبل سيكون حاسماً ومحورياً في مسيرة باربوسا، إما الاستمرار لعام آخر مع فريق سانتوس، أو اتخاذ القرار الجريء بالهجرة إلى القارة العجوز، وسيكون الدوري الانجليزي هو التحدي القادم، إن لم يدخل عملاقا الليجا في السباق، برشلونة ينتظر وريال مدريد في الواجهة كعادته، فقط علينا الرصد والمتابعة.