مفاوضات عسيرة خاضتها امرأة في العقد الثالث من عمرها مع بائع المصوغات في منطقة "العقيبة" وسط العاصمة الجزائرية، من أجل أن يقبل بشراء بعض الحلي الذهبية. يبدو في الظاهر أنها بحاجة ماسة للمال. في النهاية، توصل الطرفان إلى حل أرضى السيدة على مضض، فهي خسرت الكثير من قيمة مصوغاتها، بينما ربح التاجر كثيراً.
"ماذا يفعل الميت في يد غسّاله؟" تقول السيدة سكينة لـ"العربي الجديد"، وتضيف "أنا بحاجة ماسة لقيمة تلك المصوغات، فالدخول المدرسي على الأبواب ولدي أربعة أطفال يدرسون، ووضعي المادي لا يكفي لنشتري أغراض الدراسة".
"كثير من النساء في الجزائر يلجأن لبيع ما يملكنه من الذهب، أو رهنه إلى أن تتحسن أوضاعهن لسد الحاجات الملحة"، يقول أحد تجار الذهب في العاصمة الجزائرية لـ"العربي الجديد"، ويضيف "يقال باللهجة الشعبية الجزائرية (الحدايد للشدايد) أي أن الذهب يترك لوقت الأزمة أو الضيق".
رحلة الجزائريات بين تجار الذهب طويلة، فالعديد من التجار ينتهزون فرصة الضائقة التي تجعلهن يبعن الذهب بأقل الأسعار، المهم بالنسبة لهن أن يجدن مخرجاً يحفظ ماء الوجه في المناسبات الاجتماعية التي تفرض عليهن بيع ما يملكنه من الذهب.
وترى بعض النساء أن شراء الذهب في المخيال الاجتماعي الجزائري يعني أنه مال مكنوز لوقت الشدة، أو كما يرددن "القرش الأبيض لليوم الأسود"، ويظهر أن "اليوم الأسود" تعيشه كثير من الأسر الجزائرية حالياً، فقد بدأت معالمه تتضح بحلول رمضان الماضي، ثم عيد الفطر، لتحل فترة العطلة الصيفية وانتظار الدخول المدرسي في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل، كما يحل عيد الأضحى المبارك، وكلها بالنسبة للعائلات فترات إنفاق للأموال، فضلاً عن أن الصيفية هي فترة أعراس ومناسبات عائلية تتطلب الهدايا وغيرها من المصاريف التي تثقل كاهل الأسر وتفرغ جيوب الجزائريين.
اقــرأ أيضاً
مصاريف الدخول المدرسي باهظة، خصوصا بالنسبة للأسر التي تضم أكثر من ثلاثة أطفال، وهي بعملية حسابية بسيطة، إن كان الثلاثة يدرسون في الابتدائي، تتعدى 70 ألف دينار جزائري (ما يعادل 400 يورو)، خصوصا مع غلاء الأدوات والكتب المدرسية فضلاً عن مصاريف "كبش العيد".
أما عملية رهن الحلي الذهبية لدى بعض البنوك، فليست سهلة، إذ إن غالبية النساء يجدن صعوبة في ذلك، وبينهن السيدة نبيلة (62 سنة)، والتي لجأت إلى بنك التنمية المحلية بديدوش مراد في العاصمة الجزائرية، اصطحبت معها حليها الذهبية بغرض رهنها والحصول في المقابل على مبلغ مالي تسدد به جزءاً من مصاريف عرس ابنتها التي تستعد للزواج في نهاية سبتمبر/أيلول المقبل.
لكن سعيها لإتمام عملية الرهن كانت نتيجته مخيبة لأملها، إذ كانت في حيرة من أمرها لأن كل القطع الذهبية التي اصطحبتها معها لرهنها لا تحمل الختم الجزائري، ما جعل المسؤول عن الرهن بالبنك يرفض طلبها، لأنه ومنذ فترة عامين منع رهن القطع الذهبية التي لا تحمل الطابع الجزائري بموجب قرار إداري.
وقالت نبيلة لـ"العربي الجديد": "كنت مرغمة على بيع قطعتين من مصوغاتي في ظل الحاجة الماسة للمال، والذي لم يبلغ حتى نصف سعرهما الحقيقي".
"الحاجة تدفع الأسر إلى بيع المصوغات الذهبية بأبخس ثمن"، يقول عمار لـ"العربي الجديد"، لأنه ليس باليد حيلة سوى ذلك على حد تعبيره، هو لجأ لمصوغات زوجته في وقت الأزمة، خصوصاً أن الدخول المدرسي على الأبواب وغلاء المعيشة يفرض ذلك.
وقالت إحدى النساء لـ"العربي الجديد"، إنها باعت كل ما تمكله من مصوغات من أجل دفع مصاريف المحامي، لأن ابنها مسجون في سجن الحراش بالعاصمة، ولا يمكنها أن تتركه وراء الأسوار من دون أن تتحرك لإنقاذه مهما كلفها الثمن.
كثيرون يلجأون إلى سوق "الدلالة" كما يسمى باللهجة الشعبية الجزائرية، وهو سوق يباع فيه الذهب من دون رقابة ومن طرف تجار صغار، والسوق تلجأ إليه كثير من النساء سواء من أجل بيع مصوغاتهن وتسهيل العملية عليهن، أو من أجل الشراء بأسعار منخفضة مقارنة مع سعر المحال.
"كثير من النساء في الجزائر يلجأن لبيع ما يملكنه من الذهب، أو رهنه إلى أن تتحسن أوضاعهن لسد الحاجات الملحة"، يقول أحد تجار الذهب في العاصمة الجزائرية لـ"العربي الجديد"، ويضيف "يقال باللهجة الشعبية الجزائرية (الحدايد للشدايد) أي أن الذهب يترك لوقت الأزمة أو الضيق".
رحلة الجزائريات بين تجار الذهب طويلة، فالعديد من التجار ينتهزون فرصة الضائقة التي تجعلهن يبعن الذهب بأقل الأسعار، المهم بالنسبة لهن أن يجدن مخرجاً يحفظ ماء الوجه في المناسبات الاجتماعية التي تفرض عليهن بيع ما يملكنه من الذهب.
وترى بعض النساء أن شراء الذهب في المخيال الاجتماعي الجزائري يعني أنه مال مكنوز لوقت الشدة، أو كما يرددن "القرش الأبيض لليوم الأسود"، ويظهر أن "اليوم الأسود" تعيشه كثير من الأسر الجزائرية حالياً، فقد بدأت معالمه تتضح بحلول رمضان الماضي، ثم عيد الفطر، لتحل فترة العطلة الصيفية وانتظار الدخول المدرسي في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل، كما يحل عيد الأضحى المبارك، وكلها بالنسبة للعائلات فترات إنفاق للأموال، فضلاً عن أن الصيفية هي فترة أعراس ومناسبات عائلية تتطلب الهدايا وغيرها من المصاريف التي تثقل كاهل الأسر وتفرغ جيوب الجزائريين.
مصاريف الدخول المدرسي باهظة، خصوصا بالنسبة للأسر التي تضم أكثر من ثلاثة أطفال، وهي بعملية حسابية بسيطة، إن كان الثلاثة يدرسون في الابتدائي، تتعدى 70 ألف دينار جزائري (ما يعادل 400 يورو)، خصوصا مع غلاء الأدوات والكتب المدرسية فضلاً عن مصاريف "كبش العيد".
لكن سعيها لإتمام عملية الرهن كانت نتيجته مخيبة لأملها، إذ كانت في حيرة من أمرها لأن كل القطع الذهبية التي اصطحبتها معها لرهنها لا تحمل الختم الجزائري، ما جعل المسؤول عن الرهن بالبنك يرفض طلبها، لأنه ومنذ فترة عامين منع رهن القطع الذهبية التي لا تحمل الطابع الجزائري بموجب قرار إداري.
وقالت نبيلة لـ"العربي الجديد": "كنت مرغمة على بيع قطعتين من مصوغاتي في ظل الحاجة الماسة للمال، والذي لم يبلغ حتى نصف سعرهما الحقيقي".
وقالت إحدى النساء لـ"العربي الجديد"، إنها باعت كل ما تمكله من مصوغات من أجل دفع مصاريف المحامي، لأن ابنها مسجون في سجن الحراش بالعاصمة، ولا يمكنها أن تتركه وراء الأسوار من دون أن تتحرك لإنقاذه مهما كلفها الثمن.
كثيرون يلجأون إلى سوق "الدلالة" كما يسمى باللهجة الشعبية الجزائرية، وهو سوق يباع فيه الذهب من دون رقابة ومن طرف تجار صغار، والسوق تلجأ إليه كثير من النساء سواء من أجل بيع مصوغاتهن وتسهيل العملية عليهن، أو من أجل الشراء بأسعار منخفضة مقارنة مع سعر المحال.