لا يخلو أي بلد اليوم في الاتحاد الأوروبي من المهاجرين العرب، الذين قصدوا أوروبا إما بحثًا عن فرصة عمل وتحسين ظروف حياتهم، أو بقصد الدراسة في جامعاتها. وكثير من هؤلاء استقر بهم المطاف في النهاية بالعمل في جامعات ومستشفيات وشركات أوروبية عديدة، وقد اجتاحت القارة العجوز، كما يحلو للعديد تسميتها، موجة كبيرة من الشباب العربي المهاجر، وكذلك العائلات الفتية الهاربة من ويلات الحرب التي عصفت بعدد من دول الوطن العربي بعد الثورات التي ووجهت ببطش لا يحتمل دفع بهم إلى البحث عن مكان أكثر أمناً واستقراراً.
وينتظم هؤلاء المهاجرون في مؤسسات وجمعيات الفضاء المدني الذي يعيشون فيه، وغالباً ما يتم انتسابهم إلى ما يُعرف بـ"الجاليات العربية"، المسجلة وفق القوانين والقواعد المتبعة في دول الاتحاد الأوروبي، التي تعطي لكل خمسة أفراد حق تشكيل جمعية مدنية، وحرية ممارسة أعمالها الموضحة في دستورها.
والواقع أن ازدياد أعداد المهاجرين العرب إلى الاتحاد الأوروبي الذي يشكل فضاءً مفتوح الحدود يسهل الحركة، والعمل المدني فيه يتطلب العمل من قبل رؤساء الجاليات العربية على تنظيم مؤتمر عام على مستوى الاتحاد الأوروبي، وتحقيق نوع من التنسيق والتواصل والتشبيك في العمل والوقوف على معاناة عدد كبير من المهاجرين، والخروج بتوصيات عامة تسهم في دفع عجلة التكامل والاندماج الحقيقي لأبناء الجاليات العربية، أو على أقل تقدير التنسيق في ما بينها وإصدار نشرة معلومات أو صفحة إلكترونية على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. ويكون هدفها، من بين أخريات، عرض أهم المواقع والجمعيات والمؤسسات العربية العاملة في أوروبا ونشاطاتها والخدمات التي تقدمها. ولا سيما أن هناك عدداً كبيراً من أبناء الوطن العربي يسعى لإكمال دراساته العليا، على سبيل المثال، في إحدى الجامعات الأوروبية، وعدداً كبيراً من رجال الأعمال والتجار ممن هم بحاجة لدليل عمل اقتصادي أيضاً، يساهم في تسهيل تجارتهم وأعمالهم، فضلاً عن معاناة المهاجرين الذين ينتقلون بين دول الاتحاد الأوروبي ويتعرضون لعمليات النصب والاحتيال خلال رحلتهم للوصول إلى دول الشمال الأوروبي.
إن الحاجة باتت ماسة لنوع من التنظيم الأكثر فعالية بين الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا وهي مسؤولية كل رؤساء الجمعيات والجاليات العربية، وإلا ستبقى جزراً مفصولة متباعدة.