وبعد ارتباك أمني دام لعدة شهور، وعمليات استهداف وقصف بمدافع الهاون، تشهد البلدة حالياً استقراراً واضحاً، إذ تم الاتفاق على إخراج "الحشد"، من البلدة المحاذية لنهر ديالى وأن تتولى قوات الأمن العراقية النظامية الملف الأمني فيها.
وبحسب أهالي البلدة، الذين فقدوا عدداً كبيراً من أبنائهم خلال الفترة الماضية، بسبب استهداف المليشيات والجماعات المسلحة بالقصف أو الهجمات المسلحة، فإنّ عودة الحياة إليها متوقف على عودة الأهالي.
وقال أبو سلام وهو من أهالي البلدة لـ"العربي الجديد"، إنّ "خروج الحشد أسهم في حدوث استقرار نسبي في المخيسة. لم نشهد قذائف هاون ولا عمليات اغتيال وخطف منذ تم الاتفاق على خروجها"، مستدركاً: "لكن لم يستطع الأهالي العودة حتى الآن، بسبب عدم حصولهم على ضمانات كافية لتلك العودة".
وأوضح، أنّ "عودة الأهالي تحتاج إلى مصالحة وطنية بين أهالي البلدة والبلدات المجاورة ومنها أبو صيدا، لكن للأسف لا أحد يستطيع عقد المصالحة، إذ إنّ أي اتفاق لعقدها يصطدم بقصف الهاون أو عملية اغتيال"، مؤكداً أنّ "هناك جهات مسلحة وإن كانت خارج البلدة فهي لا تريد عودة الأهالي".
وتتمثل مشكلة البلدة في مطالبة مليشيات وعوائل ضحايا قتلهم تنظيم "داعش"، في اعتداءات إرهابية سابقة بدفع دية لهم، وذلك على اعتبار أن عناصر داعش ينطلقون من مناطقهم لاستهدافهم، وهو ما ينفيه سكان البلدة ويقولون إن هذه ذريعة لتفريغ البلدة وتهجير سكانها، وأن داعش لم يكن يحتاج إلى إذن من أحد ليهاجم أو يحتل بلدة ما في السنوات السابقة.
ويقيم المئات من عائلات البلدة في مخيمات بالصحراء، وبإقليم كردستان ويمنعون من العودة.
ويقول مسؤولون أمنيون في ديالى، إنّ ملف المدينة سياسي أكثر من كونه أمنياً، بسبب تدخل الحشد الشعبي ودعمه لحالة الارتباك الحالية. وقال ضابط في شرطة ديالى لـ"العربي الجديد"، إن "الشرطة لا تمتلك صلاحية الدخول في جدال أو أزمة مع الحشد، وهناك ارتباك في القانون نفسه فلا نعرف من السلطة العليا بالمحافظة نحن أم هم".
وأضاف: "السكان لا ذنب لهم، لكن يتم تحميلهم مسؤولية هجمات داعش على قرى مجاورة، والهدف هو طردهم والاستيلاء على منازلهم وأراضيهم الزراعية، والحكومة تعلم ذلك وكل الأحزاب تدري أن السكان حالهم كحال سكان الموصل والفلوجة ومدن أخرى، احتلها داعش بعد انسحاب الجيش منها بلا قتال عام 2014".
وكان النائب عن محافظة ديالى رعد الدهلكي، قد اتهم نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي مليشيات بقصف البلدة ومحاولتها بسط السيطرة عليها، وأوضح الدهلكي في بيان له أن "هناك جهوداً مستمرة لإعادة الاستقرار إلى جميع مناطق العراق عموماً وديالى خصوصاً، منذ عدة سنوات وقد كانت لها نتائج جيدة في وأد الفتنة، لكن بعض الجهات لا تريد إعادة الاستقرار وتسعى لخلق الفوضى من جديد في المحافظة، داعياً رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لإرسال قوات أمنية إلى ديالى لإنهاء حالة القصف، التي يشنّها بعض المجاميع المسلحة على مناطق أخرى".
مسؤول في مجلس محافظة ديالى أكد لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجماعات المسلحة مرتبطة بالمليشيات، وهي منتشرة في قرى مجاورة للمخيسة، وأنّ مخططها يهدف إلى منع عودة الأهالي وجعل البلدة محرّمة، لتسهيل عملية السيطرة عليها وإحداث تغيير ديموغرافي فيها".
ويطالب شيوخ عشائر المحافظة، بجهود حكومية تدعم محاولاتها لتفعيل مصالحة تعيد أهالي المخيسة.
وقال عادل المجمعي وهو أحد شيوخ المحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "شيوخ العشائر الذين يطمحون بالترتيب لمصالحة تعيد الأهالي، يخشون من تلك الجماعات"، مشيراً إلى أنّ "الأمر بقي معلقاً على إرادة تلك الجماعات التي تتحكم بمصير البلدة".
ومضى قائلاً: "لا يمكن بقاء البلدة على حالها في ظل هذا الترقب والخوف. يجب أن تتدخل الحكومة المركزية بالضغط على الجهات الرافضة لإعادة أهالي البلدة".