بعد شهور ما بين العلاج ثم الدخول في غيبوبة بمستشفى الجلاء العسكري في القاهرة، توفي صباح اليوم الروائي المصري جمال الغيطاني (1945 – 2015).
للغيطاني - الذي حققت له صيته العربي ووضعته في مصاف الروائيين الفارقين روايته "الزيني بركات"- أكثر من خمسين مؤلفاً، تولى لسنوات، رئاسة تحرير صحيفة" أخبار الأدب"، وكانت علاقته "المقربة"، كما يصفها البعض، من السلطة الحاكمة آنذاك، سبباً دائماً لانتقاده وإثارة الجدل حوله.
الغيطاني الذي بنى علاقة استكشافية مع التاريخ وأثر التاريخ على الحاضر وتقاطعات الاثنين، فكك عنف السلطة من خلال شخصية الزيني بركات التي عاد فيها إلى تاريخ ابن إياس بدائع الزهور، واستنطق وأنطق شخصيات مثل "كبير البصاصين" الشهاب الأعظم زكريا بن راضي ووالي الحسبة الزيني بركات.
اعتبر الغيطاني في حديثه عن "الزيني بركات" (1974) أنه لجأ إلى تاريخ مصر في العهد المملوكي لاعتقاده أن التماثلات بين هذا العهد في القرن السادس عشر وبين ما حدث بعد هزيمة 67 كان وسيلة لقراءة الراهن وتقديمه في رواية تاريخية كاشفة.
جاءت الرواية بعد فترة الستينيات التي عانى فيها المصريون الأمرين مع الجهاز الأمني والقهر والبوليسي في ظل حكم عبد الناصر، حتى أن الكاتب نفسه اعتقل في العام 1966 قبل أن يطلق سراحه في 1967 ويلتحق في ما بعد مراسلاً حربياً لصحيفة "أخبار اليوم".
في لقاء معه يقول الغيطاني عن تلك الفترة: "بدأت التعلق بعبد الناصر بعد رحيله"، ويضيف "ثم جاء أنور السادات. مع عبد الناصر أنت كنت تختلف على نفس الأرضية، وخلاف مع فتوة عادل كبير وجميل لكن مع أنور السادات أنا مرت عليّ أيام في حكم السادات كانت أسوأ من أيام المعتقل أيام عبد الناصر".
منذ أول كتاب له "أوراق شاب عاش منذ ألف عام" (1969)، تتالت أعمال الغيطاني التي كرسته واحداً من أهم الروائيين العرب، فكتب "شطح المدينة" و"المسافر خانة" و"الرفاعي" و"رسالة في الصبابة والوجد" و"هاتف المغيب" و"وقائع حارة الطبلاوي" وهو الحي الذي عاش فيه الغيطاني طفلاً في القاهرة بعد أن انتقلت إليها أسرته قادمة من سهاج.
وضع الغيطاني أيضاً مؤلفات تقاطع فيها مع إبداعات لكتاب مصريين فجاءت سلسلة بدأت بـ "نجيب محفوظ يتذكر" ثم تلاها "مصطفى أمين يتذكر" و"توفيق الحكيم يتذكر".
اقرأ أيضاً: يحيى الطاهر عبدالله.. حقائق قديمة صالحة لإثارة الدهشة