جماهير البوسنة: بدأنا من القاع.. الآن نحن هنا

لم يمل العالم على مدى العقود الماضية من ترديد مقولة المخترع الأمريكي توماس إديسون والتي ارتأى فيها بأن: "العبقرية قوامها 99% من العَرق، و1% من الإلهام" ففي معظم قصص النجاح يُوجد عنصر فارق يتعلق بالتفاني في العمل وبذل الجهد، فليس من المعقول أن يصل شخص ما إلى درجة عالية من النجاح من دون سعي أو اجتهاد، كما لا يمكن تحقيق الإنجازات إلا بالمجهود الجبّار.

وتنطبق هذه المقولة في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى على منتخب "البوسنة والهرسك" الذي يُشارك في بطولة كأس العالم 2014، للمرة الأولى في تاريخه، وذلك رغم أنّ عمره الكروي صغير نسبياً، فالمنتخب لعب مباراته الرسمية الأولى في عام 1995.

ويُحسب لمنتخب "البوسنة" جدّه واجتهاده في طريقه نحو كأس العالم، فبالرغم من أنّ البوسنة والهرسك قد عانت الأمرين من المجازر التي ارتكبتها القوات الصربية بحق مسلميها في عام 1995، والتي أزهقت خلالها أرواح نحو ثمانية آلاف منهم، ونزح على إثرها عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة.

إلا أنّ منتخب البوسنة الوطني لم يُفوت الفرصة هذه المرة حين سجّل 30 هدفًا في عشرة مباريات في إطار التصفيات المؤهلة لكأس العالم، ليحتل المركز الأول في مجموعته، وليضمن الصعود لبطولة كأس العالم بالبرازيل.

وحقّق منتخب "البوسنة" حُلم الصعود إلى كأس العالم، بعد الكثير من الصولات والجولات التي كادت تأخذه إلى القاع، لعل أبرزها ما حدث منذ ثلاث سنوات، حين نشبت صدامات عنيفة بين الجماعات العرقية الرئيسة الثلاث بالبوسنة، كادت تحرم الاتحاد البوسني لكرة القدم من عضوية الفيفا.

ولم يكتفِ المنتخب الذي يقوده الثلاثي الناري: إدين دجيكو، مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي، وداد إيبيسيفيتش مهاجم شتوتغارت الألماني، وميراليم بيانيتش لاعب وسط روما الإيطالي، بالتأهل، بل أثبت أيضاً خلال مباراته الأولى في كأس العالم، أنه قادم للمنافسة وليس للمشاركة الشرفية فحسب.

وأحرج منتخب "البوسنة" نظيره الأرجنتيني، خلال المباراة التي جمعتهما مساء أمس في أولى مباريات المنتخبين بالمجموعة السادسة على ملعب ماراكانا الأسطوري مساء الأحد، وذلك رغم خسارته بهدفين مقابل هدف، حيث قدّم أداء رائعاً نال به احترام الجماهير.

وبدا لافتاً خلال مباراة يوم أمس التي أقيمت على ملعب "ماراكانا" بريو دي جانيرو، أنّ منتخب البوسنة والهرسك، يُمني النفس بتخطي الدور الأول من بطولة كأس العالم وكتابة صفحة مجيدة في تاريخه الحديث بعد سنوات من القتل والتشريد.

وأجبر الأداء الراقي لمنتخب "البوسنة" جماهير كرة القدم في العاصمة "سراييفو" على التباهي بمنتخب بلادها، حيث عجّت مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" بصورة تناقلها المشجعون في البوسنة والهرسك كُتب عليها "بدأنا من القاع، الآن نحن هنا" في إشارة إلى تواجد المنتخب في كأس العالم، وذلك رغم أنه قد بدأ من القاع.