وأدت الخلافات وقتها إلى اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان، منتصف ديسمبر/كانون الأول 2013، التي خلّفت أكثر من عشرة آلاف قتيل وحوالي مليوني نازح. ووقّع على الاتفاق، الذي جاء بمبادرة من تنزانيا، كل من رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وزعيم المعارضة المسلّحة رياك مشار، والقيادي في "مجموعة المعتقلين" دينق ألور. وحضر رؤساء تنزانيا وأوغندا وكينيا ونائب رئيس جنوب افريقيا، مراسم توحيد الحركة.
ونصّت الاتفاقية، التي أُبرمت في العاصمة الاثيوبية، أديس أبابا، وفقاً لمبادرة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا "إيغاد"، التي أُقرّت الشهر الماضي، على الالتزام بموقف موحّد للأطراف الثلاثة، فيما يتصل بالقضايا السياسية والتنظيمية والقيادية، داخل الحركة. كما أقرّت اعلان وقف شامل لاطلاق النار، على جميع الجبهات.
وتمّ الغاء كافة الخلافات التنظيمية، التي كانت سبباً في اقدام سلفاكير على حلّ أجهزة الحزب والحكومة، واندلاع الحرب في الدولة الفتية. وقرر كل الأطراف تقديم اعتذار رسمي للشعب الجنوبي على الحرب، إلى جانب الالتزام بتحقيق مصالحة قومية وتحقيق الوحدة الوطنية بين مختلف أطياف الشعب الجنوبي.
ودعت الاتفاقية إلى الغاء كافة القرارات القاضية بفصل الكوادر القيادية من الحزب، بينهم أموم ومشار، وعودتهما للداخل. كما نصّت الاتفاقية على رفض كل من تمّت ادانته بارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية، في أي وظيفة حزبية او حكومية، وأقرّت مبدأ "العدالة الانتقالية".
وسيتم اصلاح الحزب والأجهزة الأمنية وكافة مؤسسات الدولة، واعادة هيكلة الأمانة العامة لـ"الحركة الشعبية"، واقرار ميثاق شرف داخل التنظيم، ومكافحة "القبلية" والتسلّح، بالإضافة إلى اقرار مبدأ المحاسبة والشفافية ومكافحة الفساد.
وبالنسبة للخلافات بشأن التصويت وتوسع سلطات الرئيس، فقد التزمت الأطراف بالحفاظ على "سرية التصويت"، والغاء نسبة الـ5 في المائة، التي كانت تسمح لرئيس الحركة، بتعيين من يراه داخل مؤسسات الحزب. واتفق الجميع على أن يتم اختيار الرئيس ونوابه عبر المؤتمر العام، لتُطوى بذلك صفحة كاملة من الخلافات، كانت بمثابة مهدد رئيسي لتماسكها. كما زاد عدد أعضاء المكتب السياسي من 27 عضواً إلى 35، لافساح المجال أمام تمثيل الشباب والمرأة.
ويقول رئيس "معهد دراسات السلام"، في جامعة جوبا، لوكا بيونق لـ"العربي الجديد"، إن "الخطوة تمثل دفعة قوية في اتجاه حل الأزمة في جنوب السودان". وأوضح "أن أمر الحقائب سيُحلّ داخل الحركة". وأكد أن "هناك جملة من العوامل تجبر الأطراف لتنفيذ الاتفاق، منها ترقب تقرير مفوضية الاتحاد الافريقي فيما يتصل بجرائم الحرب بالجنوب، وتدنّي أسعار النفط، الأمر الذي قد يقود جوبا للتفكير في جدوى الاستمرار في انتاج النفط".