يسعى الحراك الجنوبي إلى استغلال التطورات في اليمن، في ظل عمليات تحالف "عاصفة الحزم"، لترتيب أوراقه وتجميع قواه، في مسعى لفرض واقع جديد باتجاه تحقيق هدفه بالانفصال، وهذا ما ظهر في بيان للمجلس الأعلى للحراك دعا فيه "إلى التحرك نحو التمكن من الاستيلاء على كافة المعسكرات في المحافظات الجنوبية".
وأكد المجلس الأعلى لـ"الحراك الثوري السلمي لتحرير واستقلال الجنوب"، ترحيبه بعمليات "عاصفة الحزم"، محمّلاً من سماه "مجرم الحرب الأول" الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وزعيم "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، ومن معهما وخلفهما، "كامل المسؤولية الدينية والجنائية والسياسية والأخلاقية، التي تترتب على حرب الاحتلال الجديدة، وتداعياتها وسفك الدماء الطاهرة".
وطالب المجلس المجتمع الدولي، وتحالف دعم الشرعية، "بإرسال قوات برية تتمركز في الحدود بين الشمال والجنوب"، داعياً مكونات الحراك الجنوبي، وكافة القوى السياسية الجنوبية، ومنظمات المجتمع المدني كافة، "إلى الانضمام للمقاومة الجنوبية، والتحرك للاستيلاء على كافة المعسكرات في المحافظات الجنوبية، والحفاظ على المقرات والمنشآت الحكومية وحمايتها، وتشكيل اللجان الأمنية، للحفاظ على الأمن العام في المدن وتسيير حركة الناس".
لكن مصدراً قيادياً في الحراك الجنوبي، شكك في حديث لـ"العربي الجديد" في قدرة الحراك على الانفصال حالياً، لا سيما أن الأوضاع في اليمن والدول الإقليمية والدولية، في ظل عمليات "عاصفة الحزم"، لن تسمح بذلك، وفي ظل غياب جيش جنوبي منظّم.
ورأى المصدر أن "دخول قوات برية عربية لدحر الحوثيين وقوات صالح من الجنوب، قد يساعد الجنوب على فرض سيطرته على الأرض الجنوبية، وتقرير مصيره بدعم دولي"، محذراً من "دخول دعم إيراني للحوثيين إلى الجنوب، عبر سلطنة عمان، المجاورة لليمن من جهة الشرق".
وتتفاوت الآراء حيال قدرة الجنوبيين على فرض انفصال الأمر الواقع، واستغلال الأوضاع القائمة يمنياً وإقليمياً ودولياً.
واستبعد الكاتب والمحلل السياسي الجنوبي زيد السلامي، في حديث لـ"العربي الجديد"، "أن يكون هناك توجه لفرض الانفصال كأمر واقع، واستغلال الأوضاع القائمة"، معتبراً أن "القضية لم تعد قضية جنوب وشمال، وإنما باتت صراعاً عربياً إيرانياً، فالمسألة الآن أصبحت أكبر من الجنوب ومن اليمن".
ورأى أن "موضوع الجنوب أصبح حتى لدى الجنوبيين أنفسهم أمراً ثانوياً، بعد الانقلاب الحوثي والتمدد الإيراني في اليمن بشكل مخيف"، مشيراً إلى أن "أولوية الجنوبيين باتت كيفية التصدي للغزو الحوثي، وحماية مدنهم من المليشيات الحوثية".
اقرأ أيضاً: الدوحة: الحوار اليمني مؤجل ولا ترتيبات له حالياً
يأتي هذا مع التطورات الميدانية على الأرض، والمعارك التي تجري في عدد من مناطق جنوب اليمن، بين الجنوبيين من لجان وأهال من جهة، ومسلحين حوثيين وقوات موالية لصالح من جهة أخرى.
وتشهد عدن حرب شوارع، لا سيما في مدن المنصورة ودار سعد والشيخ عثمان، وبالقرب من مطار عدن، في خور مكسر، وسط سقوط عشرات القتلى والجرحى، أغلبهم من الحوثيين.
وقالت مصادر طبية لـ"العربي الجديد"، إن عشرات الجثث لمسلحين حوثيين، ما زالت مرمية في الشوارع، ولم تتمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليهم، بسبب الاشتباكات العنيفة.
وكانت اللجان الشعبية الجنوبية قد أعلنت حالة الطوارئ وحظر التجوال ليلاً في عدن، وهددت بالضرب بيد من حديد على أي تحركات تشهدها المدن، وتخدم القوات الحوثية.
في المقابل لا زالت المعارك جارية في منطقة صبر في محافظة لحج، المحاذية لعدن، ولم تتمكن القوات الموالية لصالح والمسلحون الحوثيون حتى هذه اللحظة من السيطرة على لحج بشكل كامل، كما أفاد مسؤول في السلطات المحلية في لحج لـ"العربي الجديد".
وأكد أن "مناطق طور الباحة ورأس العارة، وأجزاء كبيرة من العند الذي تعرض مرتين لقصف طائرات عاصفة الحزم، إضافة إلى مدينة صبر وتبن، ومديريات ردفان الأربع، ومثلها مديريات يافع الأربع التابعة لمحافظة لحج، لا زالت خارج سيطرة الحوثيين".
في المقابل فإن مسلحي القبائل من ردفان ويافع، وصلوا إلى مثلث العند المحيط بالقاعدة في المنطقة، بقيادة القيادي في الحراك ورئيس المجلس العسكري والأمني الجنوبي، العميد محمد صالح طماح، وقاموا بتمشيط المواقع التي يتمركز فيها المسلحون الحوثيون، ووقعت معارك عنيفة بين الطرفين.
وفي جبهة أبين، أفشلت اللجان الشعبية في مدينة لودر، لليوم الثاني على التوالي، تقدّم المسلحين الحوثيين وقوات موالية لصالح، حاولت التقدّم عن طريق مكيراس في البيضاء.
وفي الضالع استمر قصف اللواء 33 مدرع، على عدد من مناطق الضالع، على الرغم من القصف الذي شنّته طائرات "عاصفة الحزم"، فيما عجزت التعزيزات الحوثية عن التقدم، بسبب المقاومة المستميتة من القوات الجنوبية، التي تمكّنت من السيطرة على معسكر الجرباء، التابع للقوات الموالية لصالح.
وقالت مصادر في الضالع لـ"العربي الجديد"، إن مسلحين حوثيين وقوات موالية لصالح يتمركزون في مبنى المحافظة والسجن المركزي ومقر القوات الخاصة بمنطقة سناح، قاموا بقصف سوق سناح المركزي المجاور، ما أدى إلى سقوط تسعة قتلى من المدنيين.