تواصل الأمم المتحدة اتصالاتها مع الأطراف اليمنية، في إطار جهود حثيثة لإعلان هدنة تبدأ بـ72 ساعة قابلة للتمديد، في وقت تواجه فيه السلطات التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها في حزب المؤتمر الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أزمة اقتصادية غير مسبوقة تنذر بتصاعد الاحتجاجات بسبب تأخير دفع الرواتب، خصوصاً وزارة الدفاع، في ظل غموض حول الجهة المسؤولة عن دفع الرواتب الشهرية بعد إقرار الحكومة نقل المصرف المركزي إلى عدن.
وأفادت مصادر سياسية يمنية مقربة من الحكومة وأخرى من الانقلابيين لـ"العربي الجديد" بأن "المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، يتواصل مباشرة، وعبر فريقه المتواجد في عواصم بالمنطقة، مع الحكومة اليمنية ووفد الحوثيين وحلفائهم، في إطار ترتيبات لإعلان استئناف اتفاق وقف إطلاق النار، وفقاً للمقترح المذكور في البيان الأخير للجنة الرباعية، والذي يحدد أن تبدأ الهدنة لمدة 72 ساعة، قابلة للتمديد".
وأشارت المصادر إلى أن "الجهود تسعى لاستئناف الهدنة مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وذلك لإتاحة الفرصة للمبعوث الأممي لبدء تحريك الجهود السياسية الخاصة بتحضيرات استئناف مشاورات السلام".
وأكدت مصادر حكومية أن "الرئيس عبدربه منصور هادي، وخلال لقاءاته مع المبعوث الأممي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك الأيام الماضية، وافق مبدئيا على مقترح الهدنة لثلاثة أيام، غير أن موقف الانقلابيين من الدعوة لا يزال غامضاً حتى اليوم".
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، خلال الـ48 الساعة الماضية اجتماعاً للرئيس هادي بهيئته الاستشارية، جرت خلاله مناقشة المستجدات في ضوء التطورات الأخيرة ولقاءات الرئيس أثناء زيارته الولايات المتحدة، كما شهدت لقاءً جمع المستشار العسكري للمبعوث الأممي، بنائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، والذي عاد إلى الرياض بالتزامن مع عودة الرئيس إليها.
وفي صنعاء، أكدت مصادر في أمانة العاصمة لـ"العربي الجديد" أن "الانقلابيين يواجهون أزمة اقتصادية غير مسبوقة تهدد بانتفاضة الموظفين الذين لم يتسلم بعضهم حتى اليوم راتب شهر أغسطس/آب الماضي"، في حين تتحدث أنباء عن أن الحوثيين وحلفاءهم قد يعجزون عن دفع مستحقات الشهر الجاري لقطاعات حكومية مختلفة.
وشهدت صنعاء في اليومين الماضيين احتجاجات لمئات من الجنود أفراد الأمن، وكذلك لموظفين في وزارة الاتصالات، احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم.
وأكد جنود موظفون في وزارة الدفاع لـ"العربي الجديد"، أنهم لم يتسلموا حتى اليوم رواتب الشهر الماضي، الأمر الذي من شأنه تصاعد الاحتجاجات في القطاع العسكري الذي يستهلك نسبة كبيرة من الميزانية الخاصة بالرواتب الشهرية للموظفين في البلاد.
وعلى الرغم من أن التحذيرات عن عجز المؤسسة المالية عن دفع الرواتب الموظفين بدأت منذ شهور مع نضوب الاحتياطي الخاص بالمصرف المركزي، إلا أن القرار الأخير للحكومة بنقل مقر المصرف من صنعاء إلى عدن، رفع من حدة الأزمة التي يواجهها الانقلابيون، مع توقعات بتصاعدها الفترة المقبلة.
وكان الحوثيون الذين سيطروا على العاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر/أيلول 2014 يتحكمون في المصرف المركزي خلال الفترة الماضية، ومؤخراً أصدرت الحكومة الشرعية قراراً بنقل المصرف وتغيير إداراته، بعد أن اتهمت الانقلابيين بالاستفادة من أنشطته خلال الفترة الماضية.
ولم يُعرف حتى اليوم ما إذا كانت الحكومة التي عادت إلى عدن منذ أيام، ستتكفل بدفع الرواتب، على الأقل في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين، والذين أظهروا ارتباكاً تجاه التطورات الاقتصادية ودشنوا حملة شعبية لدعم "البنك المركزي" دعوا فيها للتبرع للبنك، الأمر الذي أثار ردود فعل ساخرة من خصومهم.