وبيّن عدد من الفنيين في هيئة النقل العام بالقاهرة، أن تلك الحافلات تعاني مشكلات فنية خطرة، من بينها عدم قدرتها على السير مسافات طويلة، فضلاً على كثرة أعطالها المتكررة، وعدم وجود قطع غيار لها داخل قطاع التشغيل في هيئة النقل العام، ما أدى إلى تحوّل أكثر من 60% من تلك الحافلات إلى خردة، وبيع قطع مختلفة من محركاتها وقطع الغيار القديمة الخاصة بها إلى تجار الخردة.
وأشار عدد من عمال الهيئة إلى أن أحداً لا يعرف شيئاً عن تلك الحافلات المستوردة من الإمارات، وما إذا كانت هدية من الحكومة الإماراتية، كما هو مدون على هيكل الحافلات من الخارج، أم مديونيات جديدة تُضيف أعباء على الحكومة المصرية لصالح الإمارات.
هذه المخاوف عبّر عنها موظف في الهيئة، إذ قال إن "هناك تعليمات لا تتدخل في ما لا يعنيك.. اشتغل وخلاص"، وهو شعار مسؤولي الهيئة، موضحاً أن تلك الحافلات أصبحت "مصيبة جديدة" تضاف إلى أعطال حافلات القاهرة الكبرى المتكررة بصفة يومية، نتيجة المشكلات ذاتها في عدم وجود قطع غيار أصلية.
وأشار إلى أن كثيراً من السائقين يرفضون استلام سياراتهم في الصباح نتيجة وجود مشكلات فنية في الحافلات، إذ يخشى السائق على نفسه من المساءلة القانونية في حال حصول أي حادثة، انطلاقاً من حرصه على حياته وحياة الركاب.
وأضاف سائق، فضّل عدم ذكر اسمه خوفاً من بطش المسؤولين، أن مشكلات الهيئة "تزكم الأنوف"، إذ هناك فساد داخل هذا القطاع بالملايين، مثله مثل بقية القطاعات التي تشهد فساداً كل يوم.
وقال إن الهيئة تتعرض للنهب من قياداتها، والبعض يرفض استيراد قطع الغيار من الخارج بحجة أن الميزانية لا تسمح، وهو ما يؤكد أن هناك فشلاً حكومياً متعمداً لإفشال هيئة النقل العام بالقاهرة في القيام بدورها، على حد زعمه. ولم يتسن الحصول على رد من مسؤول في هيئة النقل العام بالقاهرة على هذه المزاعم.
وأوضح السائق أن الضحية هو الفقير والموظف والطالب، الباحث يومياً عن وسيلة نقل في حدود إمكاناته المادية، معتبراً أن عدم توفر قطع غيار للعديد من حافلات الهيئة، سواء القديم منها أو الحديث، أدى إلى تكدّسها داخل الكراجات، كما أن تلك الأعطال أعطت فرصة كبيرة للاعتماد على الشركات الخاصة.
وفي الآونة الأخيرة، خاصة مع دخول فترة الصيف في القاهرة الكبرى، تشهد الحافلات أعطالا يومية في شوارع القاهرة، خاصة وسط البلد، ما يؤدي إلى ازدحامات مرورية خانقة.
وتسبب تلك الأعطال نقصا شديدا في عدد الحافلات، ما يؤدي إلى ازدحام شديد على بقية خطوط هيئة النقل العام في القاهرة الكبرى، ويؤدي إلى تعرّض الركاب للسرقة والاختناق، وتعرّض الفتيات والسيدات للتحرش والاعتداء.
وأمام نقص الحافلات، طرحت محافظة القاهرة أخيراً "أوتوبيس بدورين" يبلغ سعر تذكرته 10 جنيهات وسعته 70 راكباً، وهناك وسيلة أخرى من الهيئة بـ5 جنيهات.
ويرى البعض في هذه الظاهرة بداية لخصخصة هذا المرفق المهم الذي يخدم ملايين المواطنين في القاهرة الكبرى يومياً، وبداية لإلغاء حافلة فئة الجنيه ونصف، وحافلة أخرى بجنيهن ونصف.
ويطالب كثيرون، الحكومة، بضرورة إيلاء أسطول النقل العام وتطويره الاهتمام اللازم، قبل أن ينقرض، ثم لا يجد الفقراء وسيلة نقل تلائم أوضاعهم المادية ومداخيلهم المتواضعة.