أعلن رئيس الكونفدرالية العامة للمؤسسات الاقتصادية، التي تمثل أكثر من 1500 مؤسسة جزائرية، حبيب يوسفي، أنه حان موعد الحد من الاستيراد المفرط، ودعا في مقابلة مع "العربي الجديد"، إلى دعم المؤسسات المحلية وعدم الدخول في اتفاقات إغراقية.
وهذا نص المقالبة:
وهذا نص المقالبة:
*ما هي أبرز المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد الجزائري حالياً؟
يمكن القول إن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى دعم من خارج قطاع المحروقات، من أجل تحقيق النمو الشامل، كما أن مطلب تنويع مصادر العملة الصعبة بالنسبة للجزائر، كان ولا يزال مطلباً ملحّاً من طرف الكونفيدرالية، لأن اعتماد البلاد على البترول فقط كمصدر للعملة الصعبة يجعل اقتصادنا رهينة تقلّبات السوق العالمية.
*تواجه الجزائر حالياً أزمة تراجع أسعار النفط، كيف يمكن الفكاك من هذه المشكلة؟
الجزائر ماضية الآن في مسار بناء اقتصاد وطني متنوّع خارج قطاع المحروقات، بدليل الكم الهائل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشطة حالياً والبالغ عددها أكثر من 600 ألف مؤسسة. لكن الطريق ما زال طويلاً بالنظر إلى الإمكانات الاستثمارية الهائلة التي تتوفر في الجزائر، خاصة في قطاع الفلاحة، من حيث الصناعات التحويلية الغذائية، وكذا الصناعة والسياحة، بالإضافة إلى الإمكانات الجامعية التي يحب استغلالها وإشراكها بقوة في العملية الاقتصادية. ومن بين الاقتراحات التي قدمناها ووافقت عليها الحكومة مشروع تعزيز الصناعات الميكانيكية في الجزائر بإقامة مصنع لصناعة قطع غيار المركبات المُنتَجَة محلياً.
*ولكن، هل ترون أن المؤسسات الجزائرية الخاصة قادرة فعلاً على تخليص الاقتصاد من التبعية لقطاع المحروقات؟
نعم، ولكن لا بد من توفر شروط، أهمها أن تكتسب الخبرة الكافية من الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، والاستفادة من أحدث تكنولوجياتها المستخدمة في الإنتاج. ونحن نطالب بإشراك المؤسسة الاقتصادية الخاصة بنسبة 25 %على الأقل، في جميع المشاريع الاقتصادية الموكلة بالجزائر إلى شركات أجنبية. فالشركات الوطنية اليوم دون المستوى المطلوب من حيث التنافسية العالمية، نظراً لاعتماد الدولة على مداخيل المحروقات واستغلالها في الاستيراد.
الدولة الآن مطالبة بأن تستغل كل إمكاناتها الاقتصادية، من فلاحة وسياحة وصناعة، بالنظر إلى ما تزخر به من طاقات في هذه المجالات. فكما هو معلوم، إن الجزائر قبل الاستعمار الفرنسي، كانت تنتج القمح بالاعتماد على المحراث الخشبي التقليدي، ومع ذلك كانت من أهم مصدّري القمح في العالم. وبالمقابل الآن تتوفر فيها كل وسائل التكنولوجيا الحديثة، ومع ذلك تبقى من أكبر مستوردي القمح في العالم. ولذلك، أرى أنه من الضروري أن نشمّر عن سواعدنا ونستعين بالجامعات لدعم المؤسسات الاقتصادية بالتكنولوجيات والأفكار الجديدة، لتحسين نوعية وكمية الإنتاج. كما يجب الحد من سياسة الاستيراد المتوحش، بالإضافة إلى تغيير بعض القوانين الاقتصادية التي ما زالت تنتمي إلى عهد الاقتصاد الموجّه، وتطوير النظام المصرفي الوطني. فالجزائر قادرة على أن تكون دولة رائدة اقتصادياً وفي الطليعة بالنظر إلى ما يتوفر فيها من مقومات اقتصادية، لو تم استغلالها على أحسن وجه.
*تعكف وزارة التجارة على إعداد مشروع قانون تجارة جديد من شأنه الحد من الاستيراد، هل ترون فيه مصلحة للمؤسسة الاقتصادية الوطنية؟
بالفعل القانون حالياً هو في طور الصياغة، وأرى أنه في صالح المؤسسات الاقتصادية الوطنية، إذ توجد العديد من المؤسسات الوطنية لا شغل لها سوى الاستيراد، وبالأخص من تركيا، وهذا ما أسهم في "تكسير" الإنتاج الوطني، وإغراق سوقنا بسلع تنافسية قضت على العديد من المؤسسات الاقتصادية الوطنية. وفكرة الوزير الحالي، من خلال مشروع القانون هذا، هي إنقاذ المؤسسات الاقتصادية الوطنية والحد من نزيف العملة الصعبة إلى الخارج.
*تسارعت التصريحات الحكومية الداعية إلى دعم المؤسسات لتطوير الإنتاج الوطني خارج قطاع المحروقات. هل ترون أن الحكومة جادة في هذا الأمر، أم هي فقط تصريحات ظرفية تنتهي بعودة ارتفاع أسعار النفط؟
لا أعتقد أنها تصريحات ظرفية، بل هو توجّه محتّم على الحكومة أن تخوضه الآن، بل قد تأخرت في ذلك، لأنه كان من الأجدر أن تتخذ مثل هكذا قرار قبل وقوع الأزمة الحالية، نظراً لتوفر السيولة المالية لديها، وقد شرعت في هذا التوجه حقيقة قبل الأزمة بقليل، لكنه كان متأخراً، ما جعله في الوقت الراهن غير مكتمل، سواء على مستوى البنية التحتية والهياكل القاعدية أو على المستوى الاجتماعي.
*وقّعت الجزائر منذ 2002 اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وبموجبه تم رفع الحواجز الجمركية جزئياً، في انتظار رفعها نهائياً في 2020. كيف تقيّمون ذلك من ناحية التأثير على الاقتصاد الوطني؟
أولاً دعني أقول إننا في بداية الأمر كمنظمة أرباب عمل، قدمنا احتجاجاً رسمياً للحكومة على هذا الاتفاق الذي شرعت في المفاوضات حوله دون إشراكنا أو استشارتنا بشأنه، لأن اقتصادنا لم يكن جاهزاً لخوض هذه المغامرة، كوننا خرجنا لتونا من اقتصاد موجّه إلى اقتصاد السوق. ولذلك ضغطنا على الحكومة، وكان التوقيع على الاتفاق يؤجل في كل مرة.
ولذلك أدعو إلى مراجعة هذا الاتفاق، لأنه في غير صالح المؤسسة والاقتصاد الوطنيين، فمؤسساتنا الاقتصادية ما زالت لم تصل إلى مستوى التنافسية المطلوبة. فبرأيي هذا اتفاق بلا فائدة، حتى أن بنوده لم تطبّق بشأن مساعدة الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الاقتصادية الوطنية على تطويرها وتحسين أدائها الاقتصادي.
*أيضاً تسعى الحكومة إلى انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية، فهل تدعمون توجّه الحكومة بهذا الشأن؟
أنا لست موافقاً إطلاقاً على هذا الانضمام في الوقت الحالي، لأن هذا سيقضي على المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي لم تصل بعد إلى مستوى التنافسية العالمية. وأرى أن على الحكومة التريّث في هذا الصدد، حفاظاً على المصلحة الاقتصادية للبلاد.
*ترأس حالياً كونفدرالية أرباب العمل الأفارقة للعهدة الثانية على التوالي، وبما أن الجزائر حالياً تسعى إلى الوجود في السوق الأفريقية بقوة، هل ترون أن من السهل اختراق هذه السوق من طرف السلع والمنتجات الجزائرية؟
لقد سعيت مع العديد من منظمات أرباب العمل الأفارقة إلى تعزيز الشراكة والتعاون، لكن للأسف اصطدمنا بغياب الإرادة السياسية الأفريقية في إرساء هذه الشراكة، لعدة أسباب، منها الصراع الثلاثي في أفريقيا بين النفوذ الفرنسي والانكليزي والعربي. ومع ذلك أقول إن هناك آفاق تعاون كبيرة بالنظر إلى استفاقة أفريقيا وبالنظر إلى الموارد الأولية والثروات الطبيعية التي تتوفر في القارة، ولو تحقق هذا التعاون سنتمكن من الضغط على الدول الكبرى التي تتصارع للسيطرة على مقدّرات أفريقيا الاقتصادية.
إقرأ أيضا: تكنولوجيا إدارة المشاريع
يمكن القول إن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى دعم من خارج قطاع المحروقات، من أجل تحقيق النمو الشامل، كما أن مطلب تنويع مصادر العملة الصعبة بالنسبة للجزائر، كان ولا يزال مطلباً ملحّاً من طرف الكونفيدرالية، لأن اعتماد البلاد على البترول فقط كمصدر للعملة الصعبة يجعل اقتصادنا رهينة تقلّبات السوق العالمية.
*تواجه الجزائر حالياً أزمة تراجع أسعار النفط، كيف يمكن الفكاك من هذه المشكلة؟
الجزائر ماضية الآن في مسار بناء اقتصاد وطني متنوّع خارج قطاع المحروقات، بدليل الكم الهائل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الناشطة حالياً والبالغ عددها أكثر من 600 ألف مؤسسة. لكن الطريق ما زال طويلاً بالنظر إلى الإمكانات الاستثمارية الهائلة التي تتوفر في الجزائر، خاصة في قطاع الفلاحة، من حيث الصناعات التحويلية الغذائية، وكذا الصناعة والسياحة، بالإضافة إلى الإمكانات الجامعية التي يحب استغلالها وإشراكها بقوة في العملية الاقتصادية. ومن بين الاقتراحات التي قدمناها ووافقت عليها الحكومة مشروع تعزيز الصناعات الميكانيكية في الجزائر بإقامة مصنع لصناعة قطع غيار المركبات المُنتَجَة محلياً.
*ولكن، هل ترون أن المؤسسات الجزائرية الخاصة قادرة فعلاً على تخليص الاقتصاد من التبعية لقطاع المحروقات؟
نعم، ولكن لا بد من توفر شروط، أهمها أن تكتسب الخبرة الكافية من الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، والاستفادة من أحدث تكنولوجياتها المستخدمة في الإنتاج. ونحن نطالب بإشراك المؤسسة الاقتصادية الخاصة بنسبة 25 %على الأقل، في جميع المشاريع الاقتصادية الموكلة بالجزائر إلى شركات أجنبية. فالشركات الوطنية اليوم دون المستوى المطلوب من حيث التنافسية العالمية، نظراً لاعتماد الدولة على مداخيل المحروقات واستغلالها في الاستيراد.
الدولة الآن مطالبة بأن تستغل كل إمكاناتها الاقتصادية، من فلاحة وسياحة وصناعة، بالنظر إلى ما تزخر به من طاقات في هذه المجالات. فكما هو معلوم، إن الجزائر قبل الاستعمار الفرنسي، كانت تنتج القمح بالاعتماد على المحراث الخشبي التقليدي، ومع ذلك كانت من أهم مصدّري القمح في العالم. وبالمقابل الآن تتوفر فيها كل وسائل التكنولوجيا الحديثة، ومع ذلك تبقى من أكبر مستوردي القمح في العالم. ولذلك، أرى أنه من الضروري أن نشمّر عن سواعدنا ونستعين بالجامعات لدعم المؤسسات الاقتصادية بالتكنولوجيات والأفكار الجديدة، لتحسين نوعية وكمية الإنتاج. كما يجب الحد من سياسة الاستيراد المتوحش، بالإضافة إلى تغيير بعض القوانين الاقتصادية التي ما زالت تنتمي إلى عهد الاقتصاد الموجّه، وتطوير النظام المصرفي الوطني. فالجزائر قادرة على أن تكون دولة رائدة اقتصادياً وفي الطليعة بالنظر إلى ما يتوفر فيها من مقومات اقتصادية، لو تم استغلالها على أحسن وجه.
*تعكف وزارة التجارة على إعداد مشروع قانون تجارة جديد من شأنه الحد من الاستيراد، هل ترون فيه مصلحة للمؤسسة الاقتصادية الوطنية؟
بالفعل القانون حالياً هو في طور الصياغة، وأرى أنه في صالح المؤسسات الاقتصادية الوطنية، إذ توجد العديد من المؤسسات الوطنية لا شغل لها سوى الاستيراد، وبالأخص من تركيا، وهذا ما أسهم في "تكسير" الإنتاج الوطني، وإغراق سوقنا بسلع تنافسية قضت على العديد من المؤسسات الاقتصادية الوطنية. وفكرة الوزير الحالي، من خلال مشروع القانون هذا، هي إنقاذ المؤسسات الاقتصادية الوطنية والحد من نزيف العملة الصعبة إلى الخارج.
*تسارعت التصريحات الحكومية الداعية إلى دعم المؤسسات لتطوير الإنتاج الوطني خارج قطاع المحروقات. هل ترون أن الحكومة جادة في هذا الأمر، أم هي فقط تصريحات ظرفية تنتهي بعودة ارتفاع أسعار النفط؟
لا أعتقد أنها تصريحات ظرفية، بل هو توجّه محتّم على الحكومة أن تخوضه الآن، بل قد تأخرت في ذلك، لأنه كان من الأجدر أن تتخذ مثل هكذا قرار قبل وقوع الأزمة الحالية، نظراً لتوفر السيولة المالية لديها، وقد شرعت في هذا التوجه حقيقة قبل الأزمة بقليل، لكنه كان متأخراً، ما جعله في الوقت الراهن غير مكتمل، سواء على مستوى البنية التحتية والهياكل القاعدية أو على المستوى الاجتماعي.
*وقّعت الجزائر منذ 2002 اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وبموجبه تم رفع الحواجز الجمركية جزئياً، في انتظار رفعها نهائياً في 2020. كيف تقيّمون ذلك من ناحية التأثير على الاقتصاد الوطني؟
أولاً دعني أقول إننا في بداية الأمر كمنظمة أرباب عمل، قدمنا احتجاجاً رسمياً للحكومة على هذا الاتفاق الذي شرعت في المفاوضات حوله دون إشراكنا أو استشارتنا بشأنه، لأن اقتصادنا لم يكن جاهزاً لخوض هذه المغامرة، كوننا خرجنا لتونا من اقتصاد موجّه إلى اقتصاد السوق. ولذلك ضغطنا على الحكومة، وكان التوقيع على الاتفاق يؤجل في كل مرة.
ولذلك أدعو إلى مراجعة هذا الاتفاق، لأنه في غير صالح المؤسسة والاقتصاد الوطنيين، فمؤسساتنا الاقتصادية ما زالت لم تصل إلى مستوى التنافسية المطلوبة. فبرأيي هذا اتفاق بلا فائدة، حتى أن بنوده لم تطبّق بشأن مساعدة الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الاقتصادية الوطنية على تطويرها وتحسين أدائها الاقتصادي.
*أيضاً تسعى الحكومة إلى انضمام الجزائر لمنظمة التجارة العالمية، فهل تدعمون توجّه الحكومة بهذا الشأن؟
أنا لست موافقاً إطلاقاً على هذا الانضمام في الوقت الحالي، لأن هذا سيقضي على المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي لم تصل بعد إلى مستوى التنافسية العالمية. وأرى أن على الحكومة التريّث في هذا الصدد، حفاظاً على المصلحة الاقتصادية للبلاد.
*ترأس حالياً كونفدرالية أرباب العمل الأفارقة للعهدة الثانية على التوالي، وبما أن الجزائر حالياً تسعى إلى الوجود في السوق الأفريقية بقوة، هل ترون أن من السهل اختراق هذه السوق من طرف السلع والمنتجات الجزائرية؟
لقد سعيت مع العديد من منظمات أرباب العمل الأفارقة إلى تعزيز الشراكة والتعاون، لكن للأسف اصطدمنا بغياب الإرادة السياسية الأفريقية في إرساء هذه الشراكة، لعدة أسباب، منها الصراع الثلاثي في أفريقيا بين النفوذ الفرنسي والانكليزي والعربي. ومع ذلك أقول إن هناك آفاق تعاون كبيرة بالنظر إلى استفاقة أفريقيا وبالنظر إلى الموارد الأولية والثروات الطبيعية التي تتوفر في القارة، ولو تحقق هذا التعاون سنتمكن من الضغط على الدول الكبرى التي تتصارع للسيطرة على مقدّرات أفريقيا الاقتصادية.
إقرأ أيضا: تكنولوجيا إدارة المشاريع