على الضفة الجنوبيّة لنهر السنغال، شمالي شرق إقليم سانت لويس؛ تقع محميّة دجودج للطيور التي توفّر مجموعة من المواطن الطبيعية ذات الأرض الرطبة التي تفضّلها الطيور المهاجرة بكثرة، إذْ تصل إلى ما يقارب 400 نوع من الطيور، تلجأ إلى المحميّة بعد رحلة طويلة عبر الصحراء.
تحتلُّ المحميّة مساحة 16000 هكتار أو 160 كم مربعا من دلتا نهر السنغال، وهي مساحة تستوعب أكثر من مليون ونصف من الطيور المهاجرة. والمكان مكون من بحيرات وأراض رطبة محاطة بالجداول المائية، وتُعدُّ ملاذاً حيوياً لأنواع مثل البجع الأبيض وطائر ملعة البحر الأفريقي والغاق والفلامنغو الوردي والبلشون العظيم، والبلشون الليلي والبجع الأرجواني، كما تلجأ إليها الطيور المائية المهاجرة من أوروبا سعياً للدفء في فصل الشتاء بعيداً عن صقيع الغرب.
أيضاً، هناك مساحة واسعة من الحياة البرية تستوطن المحمية التي تعد من مواقع التراث العالمي التابعة لـ(يونسكو). وكانت المحمية أو الحديقة كما يسميها السنغاليون، قد أضيفت إلى قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة لخطر الضياع والتدمير في عام 2000 بسبب غزو نباتات السالفينيا العملاقة للموقع. وهو ما يهدد بخنق النباتات المحلية في الحديقة. فنبات السالفينيا ينمو بسرعة فائقة، ويملأ الممرات المائية، ويحجب الشمس التي تحتاجها النباتات والطحالب الأخرى للنمو داخل الماء، ويمنع التبادل الطبيعي للهواء مع الماء. فتتحلل النباتات والكائنات المائية ويتسمم الماء وتموت الأسماك والحشرات.
قدرة ذلك النبات على النمو، وتغطية مساحات واسعة بالضرر، جعلته كالوباء الذي يُهدّد التنوع البيولوجي، ويشكل مصدرًا كبيراً لإصابة الطيور المهاجرة التي لا تكون قادرة على التعرُّف على الممر المائي الملوث، عندما تحلق فوقه وتهبط عليه وتُصاب بالمرض والموت. لكن، بعد معالجة غزو السالفينيا بإشراف اليونسكو والمنظمات المعنية بالبيئة مع الحكومة السنغالية، تمّت إزالة الموقع من القائمة السوداء في عام 2006.
كما جرت الكثير من التحسينات التقنية بالمحميّة لتحسين ظروف استقبال الطيور المهاجرة، مثل بناء صناديق تصلح أعشاشاً جيدة للطيور لمساعدتها على التكاثر، وهو ما أسهم في زيادة أعداد الطيور المهاجرة بشكلٍ كبير. وتُعدّ حديقة دجودج الوطنية، الملاذ الأكبر للطيور المهاجرة من المنطقة القطبية الشمالية القديمة "بالايركتيك" (Palaearctic)، وتشكل واحة في قلب الصحراء بسلسة بحيراتها وبركها المائية.
ورغم التحسينات والمتابعة من الدولة السنغالية والمنظمات الدولية و(يونسكو)، فما زال خطر المواد الكيميائية المستخدمة في الزراعة والتي تتسرب إلى نهر السنغال، وتشكل مصدر تلوث للمياه؛ يهدد التوازن الدقيق للسلسلة الغذائية بالمكان. كذلك تؤثر السدود التي أقيمت أعلى النهر وأسفله على تدفق المياه بالكم المطلوب لتحسين جودة الحياة المائية بالمكان.
ويوجد بالمحمية العديد من الحيوانات البرية مثل الخنازير البرية والقرود والذئاب والثعالب، وتماسيح المياه العذبة. كما يقطن المنطقة المحيطة بالمحمية عدد كبير من المزارعين الذين يعتمدون على النهر في الزراعة والشرب وصيد الأسماك، وكذلك الاستفادة من صيد الحيوانات البرية، والطيور المهاجرة والتي قد تنزل بالخطأ في الأماكن المأهولة بالسكان.