حدَثَ في 1920

18 يناير 2020
عرفنا أن أستراليا تشهد حرائق (بول كروك/ فرانس برس)
+ الخط -
على الأرجح، لم تكن الطيور المهاجرة لتخبرنا أن في أستراليا حرائق مستمرة منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، أو أن طائرة تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية تحطّمت وراح ضحيتها 176 راكباً، وأن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" سيطر يوماً ما على مدينة الموصل التي تُعَدّ ثاني أكبر مدينة بعد العاصمة بغداد، وأن عدد النازحين من جراء الحروب والاضطهاد والصراعات حول العالم تجاوز 70 مليوناً، وأن عدد المشردين قسرياً حول العالم يقدّر بنحو 70.8 مليون مشرد. وكذلك، أنّ ما يقرب من 265 مليون طفل ومراهق في العالم لا تتاح لهم الفرصة للدراسة أو حتى إكمالها، وهم محبطون بسبب الفقر والتمييز والنزاعات المسلحة وحالات الطوارئ وآثار تغير المناخ.

لسنا هنا. نحن في عام 1920. ربّما قبل ذلك. مشاهد أخرى. مشاهد أضيق. الهجرة تعني غربة وقطيعة ورسائل. وكان ثمّة علاقة بين الناس والحيوانات. البقرة قريبة من الدار، لا بل تسكن في الدار... والدجاج والماعز. ثمة أرانب هنا وهناك. كل شيء في المنزل أو إلى جواره في الحقل أو لدى الجارة. البيض والحليب طازجان. والحدث؟ أبو سليمان توفّي فجأة. القرية حزينة ونساؤها ارتدين الأسود. كيف لا يفعلن؟ هذا أبو سليمان، جار العمر الطيب.

معيار "الخير" و"الشر" كان مختلفاً. سارق الدجاج قد يكون الأسوأ. خارج هذه الحدود غير موجود. لا عالم آخر بعيد عن هذا المكان. الرسائل قد تحمل القليل، والكتب. هناك أحداث لكنّها غير مرئية. حرائق؟ موت؟ جوع؟ ربّما. لكن هنا، مات أبو سليمان. وأم عبده تبحث عن عروس لابنها الذي بلغ 18 عاماً، وبات يجب عليه الزواج والاستقرار وإنجاب الأحفاد.



يصرخ الناس بعضهم لبعض من دون ضجيج. الحواس الخمس كانت أكثر حضوراً. وهناك وقت لكلّ حاسة، قبل أن تُسرق في زمن "العصرنة". كانت هناك "صبحية" و"عصرونية".
كلّما تقدّم زمن على آخر، نرغب في عودة إلى الوراء... إلى "زمنٍ" قال عنه آخرون إنه أكثر جمالاً وراحة. واليوم، ننظر إلى المستقبل برهبة. لم نعد قادرين على اللحاق بالسرعة. لا وقت لأي زمن. زمنٌ آخر على الباب. كأننا في محطة القطار. كأن الحمير والأحصنة أكثر هدوءاً، وكأن هناك تنسيقاً بينها وبين الناس. لغة العيون؟ ربما. "ولاد" (أبناء) قرية واحدة؟ ربّما. العودة لم تعد ممكنة. جرفنا التيار، وقد ابتعدنا كثيراً عن الشاطئ...

وفي كلّ مرة، سنقول إن الحياة في مكان آخر. العلماء يبحثون عن خلاص في كوكب جديد. ليس هذا رغبة في تلبية الحشرية العلمية وإغناء الأبحاث العلمية فحسب. يدركون أنه لا بد من العودة إلى بداية. مثل العلاقات. البداية دائماً أجمل. لا نعرف إلى أين يأخذنا التيار. وهذا ما كانت تقوله نساء القرية أيضاً... القرية نفسها.