ما شهدته مدن جنوب غربي السويد من حرق متعمّد لنحو 120 سيّارة، زاد من الشعور بالخوف والقلق بين المواطنين، ما قد يؤدي إلى اعتماد سياسة أكثر تشدداً حيال المهاجرين
بعدما أحصت السويد عدد السيارات التي احترقت مساء الإثنين الماضي وفجر الثلاثاء الذي تلاه، وهو 120 سيارة في مدن جنوب غربي البلاد، والإعلان فجر أمس عن اعتقال مشتبهين بهما (16 و21 عاماً) في غوتيبورغ، عادت وأفادت شرطة المدينة بأنّ الشرطة التركية اعتقلت أحد الشبان المشتبه بهم في المشاركة في عمليات حرق سيارات في عدد من مدن جنوب غربي السويد. والشاب المعتقل في التاسعة عشرة من عمره ومن مواليد غوتيبورغ، فر من السويد باتجاه تركيا. وأضافت: "بعدما علمنا من مصادر في الضاحية أنه سافر إلى تركيا، أصدرنا مذكرة طلبنا فيها من شرطة حرس الحدود في تركيا منعه من الدخول وتسليمه".
وبالتوازي، بدأ حزب ديمقراطيي السويد اليميني المتشدد يحصد ما أنتجته هذه الأعمال من خوف وقلق بين السويديين. آخر الاستطلاعات تضعه في مقدمة الأحزاب السويدية، وقد ارتفعت نسبة تأييده من 13 في المائة إلى 26 في المائة.
زعيم الحزب المتشدد جيمي أوكسون حضر شخصياً إلى إحدى الضواحي التي تأثرت بحرق سيارات على يد شبان من مثيري الشغب من أصول إثنية غير سويدية. وقف أمام السيارات المحترقة ليتحدث إلى الصحافة، وقال: "هذه ليست المرة الأولى. على الشرطة الآن القيام بكل شيء لإظهار فعاليتها. خلال 20 عاماً، زادت نسبة حرق السيارات في بلدنا بنسبة 360 في المائة، ما لا يعرفه جيراننا في فنلندا والنرويج".
وكرّر أوكسون شهادات السكان: "العمل كان منظماً ويشبه العمل العسكري"، وذلك قبل أقلّ من شهر على الانتخابات العامة في السويد. واتهم جهاز الشرطة بـ "الضعف وعدم القدرة على مكافحة الجريمة المنظمة. لهذا، اقترح الاستعانة بالجيش. لا أتحدث عن الدبابات التي تجوب الضواحي الأكثر تأثراً. وإذا كانت الشرطة تحتاج إلى مساعدة الجيش، فيجب منحها هذه المساعدة".
ويجد رئيس وزراء السويد (يسار الوسط الديمقراطي)، ستيفان لوفين، الذي زار الضواحي المتأثرة، نفسه تحت ضغوط هائلة قبل الانتخابات. وبحسب استطلاعات الرأي، لن يحصد الحزب الاجتماعي الديمقراطي أكثر من 23.7 في المائة. كما أن حزب يمين الوسط "الاعتدال"، الذي ترأس الحكومة السابقة حتى عام 2014، قد يحصل على 19 في المائة فقط.
اقــرأ أيضاً
وفي ظلّ تزايد أعمال العنف وحرب العصابات بين أبناء المهاجرين، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات على مدى السنوات الماضية، باتت مواقف وتحليلات وسائل الإعلام أكثر ربطاً بسياسة الهجرة واللجوء.
كما أنّ مراجعة أرقام اللاجئين الذين تدفقوا إلى السويد منذ عام 2015، تزامناً مع "إرهاق الأحزاب التقليدية"، تجعل اليمين المتشدد أكثر ميلاً لتشكيل بديل عمّا هو قائم، وسن سياسات هجرة مختلفة. وتظهر استطلاعات الرأي تراجع التعاطف مع ديمقراطيي السويد، والخجل من إعلان الميول المتشددة.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة استوكهولم تومي مولر، إن "احتمال أن يتحول ديمقراطيو السويد إلى أكبر الأحزاب قائم وبقوة". مولر، الخبير في تطور الأحزاب السياسية في السويد، يرى أن "أحد العوامل الأخرى لتقدم اليمين المتشدد هو تراجع يسار الوسط في كل الانتخابات منذ عام 1994. وربّما تكون خسارتهم هذه المرة الأكبر منذ 100 عام".
في السياق، حاول رئيس الوزراء لوفين مساء أول من أمس، في مناظرة حزبية انتخابية، مجاراة شهادات السويديين في المناطق المتضررة، مبدياً استغرابه من أسباب عمليات الحرق. "يبدو الأمر منسقاً جداً، كأنك أمام عملية عسكرية".
الناس في تلك المناطق يرددون الأمر نفسه. "رأيت كيف تجري عمليات الحرق. العملية كانت منظمة وكل شخص يؤدي مهمة. هؤلاء الشبان الذين يقطنون في المنطقة يثيرون الخوف ليلاً ويمنعون التجول بسبب الخوف منهم"، تقول إيفا لوتا أكس (57 عاماً) من سكان فرولوند تورغ في غوتيبروغ، لإحدى وسائل الإعلام السويدية. وقد نشرت الأخيرة صوراً وفيديوهات تظهر عمليات الحرق بين السويديين العاديين.
السويديّون الغاضبون لا ينتمون فقط إلى الطبقات الاجتماعية الفقيرة. وسائل الإعلام تنشر مواقف للنخب السويدية، كرؤساء أقسام في مستشفيات. ويقول رئيس قسم أحد المستشفيات أندرس لصحيفة "بوليتيكن" الدنماركية: "من المحزن أن الأمور تسير في اتجاه خاطئ. أسباب ذلك متداخلة ولا يتعلق الأمر بالهجرة من يوغسلافيا السابقة، بل من الشرق الأوسط. الجميع يعرف ذلك على مدى السنوات الماضية، ولا أحد يقول الحقيقة". يضيف: "أنت مضطر لتبقى مجهولاً ولا تدلي باسمك الحقيقي بسبب الخوف ليس من الشباب المهاجرين، بل من خسارة الوظيفة وعزلة اجتماعية في ظروف لا يتطرق فيها الناس إلى الوقائع كما هي. طيلة 25 عاماً، كنت أصوّت ليسار الوسط. لكن في الوقت الحالي، سأمنح صوتي لديمقراطيي السويد في الانتخابات المقبلة".
اقــرأ أيضاً
ويدعم أندرس برنامج ديمقراطيي السويد بشكل قوي. ويقول: "أولئك الذين يخالفون القوانين يجب ترحيلهم فوراً. أعرف أن بعضهم يحمل الجنسية السويدية، لكن كثيرين يحملون جنسيات مزدوجة، ويمكن أن يكونوا البداية".
ولم تعد غالبية وسائل الإعلام والصحف السويدية تتردّد في ربط أعمال العنف والجرائم بالمهاجرين، على عكس السنوات الماضية، إذ كان يُشار فقط إلى المنطقة والفئة، كشباب في منطقة مالمو أو غوتيبورغ أو أوبسالا وغيرها. وما يعزّز من اندفاع اليمين المتشدد لحصد الأصوات، هو أن الشعور بالأمان والطمأنينة يتضاءل بين المواطنين. وأفاد المجلس الوطني السويدي للوقاية من الجرائم، والمعروف بـ "برو" (Brå)، بأن غياب الشعور بالأمان يتزايد، خصوصاً بين النساء القلقات من أي اعتداءات جديدة. ويبدي نحو ثلث الشعب قلقه من أعمال العنف في البلاد، وفقا لتقرير القياس الصادر في وقت سابق هذا العام، علماً أنها لم تكن تتجاوز 2.5 في المائة خلال سنوات سابقة.
بعدما أحصت السويد عدد السيارات التي احترقت مساء الإثنين الماضي وفجر الثلاثاء الذي تلاه، وهو 120 سيارة في مدن جنوب غربي البلاد، والإعلان فجر أمس عن اعتقال مشتبهين بهما (16 و21 عاماً) في غوتيبورغ، عادت وأفادت شرطة المدينة بأنّ الشرطة التركية اعتقلت أحد الشبان المشتبه بهم في المشاركة في عمليات حرق سيارات في عدد من مدن جنوب غربي السويد. والشاب المعتقل في التاسعة عشرة من عمره ومن مواليد غوتيبورغ، فر من السويد باتجاه تركيا. وأضافت: "بعدما علمنا من مصادر في الضاحية أنه سافر إلى تركيا، أصدرنا مذكرة طلبنا فيها من شرطة حرس الحدود في تركيا منعه من الدخول وتسليمه".
وبالتوازي، بدأ حزب ديمقراطيي السويد اليميني المتشدد يحصد ما أنتجته هذه الأعمال من خوف وقلق بين السويديين. آخر الاستطلاعات تضعه في مقدمة الأحزاب السويدية، وقد ارتفعت نسبة تأييده من 13 في المائة إلى 26 في المائة.
زعيم الحزب المتشدد جيمي أوكسون حضر شخصياً إلى إحدى الضواحي التي تأثرت بحرق سيارات على يد شبان من مثيري الشغب من أصول إثنية غير سويدية. وقف أمام السيارات المحترقة ليتحدث إلى الصحافة، وقال: "هذه ليست المرة الأولى. على الشرطة الآن القيام بكل شيء لإظهار فعاليتها. خلال 20 عاماً، زادت نسبة حرق السيارات في بلدنا بنسبة 360 في المائة، ما لا يعرفه جيراننا في فنلندا والنرويج".
وكرّر أوكسون شهادات السكان: "العمل كان منظماً ويشبه العمل العسكري"، وذلك قبل أقلّ من شهر على الانتخابات العامة في السويد. واتهم جهاز الشرطة بـ "الضعف وعدم القدرة على مكافحة الجريمة المنظمة. لهذا، اقترح الاستعانة بالجيش. لا أتحدث عن الدبابات التي تجوب الضواحي الأكثر تأثراً. وإذا كانت الشرطة تحتاج إلى مساعدة الجيش، فيجب منحها هذه المساعدة".
ويجد رئيس وزراء السويد (يسار الوسط الديمقراطي)، ستيفان لوفين، الذي زار الضواحي المتأثرة، نفسه تحت ضغوط هائلة قبل الانتخابات. وبحسب استطلاعات الرأي، لن يحصد الحزب الاجتماعي الديمقراطي أكثر من 23.7 في المائة. كما أن حزب يمين الوسط "الاعتدال"، الذي ترأس الحكومة السابقة حتى عام 2014، قد يحصل على 19 في المائة فقط.
وفي ظلّ تزايد أعمال العنف وحرب العصابات بين أبناء المهاجرين، والتي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات على مدى السنوات الماضية، باتت مواقف وتحليلات وسائل الإعلام أكثر ربطاً بسياسة الهجرة واللجوء.
كما أنّ مراجعة أرقام اللاجئين الذين تدفقوا إلى السويد منذ عام 2015، تزامناً مع "إرهاق الأحزاب التقليدية"، تجعل اليمين المتشدد أكثر ميلاً لتشكيل بديل عمّا هو قائم، وسن سياسات هجرة مختلفة. وتظهر استطلاعات الرأي تراجع التعاطف مع ديمقراطيي السويد، والخجل من إعلان الميول المتشددة.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة استوكهولم تومي مولر، إن "احتمال أن يتحول ديمقراطيو السويد إلى أكبر الأحزاب قائم وبقوة". مولر، الخبير في تطور الأحزاب السياسية في السويد، يرى أن "أحد العوامل الأخرى لتقدم اليمين المتشدد هو تراجع يسار الوسط في كل الانتخابات منذ عام 1994. وربّما تكون خسارتهم هذه المرة الأكبر منذ 100 عام".
في السياق، حاول رئيس الوزراء لوفين مساء أول من أمس، في مناظرة حزبية انتخابية، مجاراة شهادات السويديين في المناطق المتضررة، مبدياً استغرابه من أسباب عمليات الحرق. "يبدو الأمر منسقاً جداً، كأنك أمام عملية عسكرية".
الناس في تلك المناطق يرددون الأمر نفسه. "رأيت كيف تجري عمليات الحرق. العملية كانت منظمة وكل شخص يؤدي مهمة. هؤلاء الشبان الذين يقطنون في المنطقة يثيرون الخوف ليلاً ويمنعون التجول بسبب الخوف منهم"، تقول إيفا لوتا أكس (57 عاماً) من سكان فرولوند تورغ في غوتيبروغ، لإحدى وسائل الإعلام السويدية. وقد نشرت الأخيرة صوراً وفيديوهات تظهر عمليات الحرق بين السويديين العاديين.
السويديّون الغاضبون لا ينتمون فقط إلى الطبقات الاجتماعية الفقيرة. وسائل الإعلام تنشر مواقف للنخب السويدية، كرؤساء أقسام في مستشفيات. ويقول رئيس قسم أحد المستشفيات أندرس لصحيفة "بوليتيكن" الدنماركية: "من المحزن أن الأمور تسير في اتجاه خاطئ. أسباب ذلك متداخلة ولا يتعلق الأمر بالهجرة من يوغسلافيا السابقة، بل من الشرق الأوسط. الجميع يعرف ذلك على مدى السنوات الماضية، ولا أحد يقول الحقيقة". يضيف: "أنت مضطر لتبقى مجهولاً ولا تدلي باسمك الحقيقي بسبب الخوف ليس من الشباب المهاجرين، بل من خسارة الوظيفة وعزلة اجتماعية في ظروف لا يتطرق فيها الناس إلى الوقائع كما هي. طيلة 25 عاماً، كنت أصوّت ليسار الوسط. لكن في الوقت الحالي، سأمنح صوتي لديمقراطيي السويد في الانتخابات المقبلة".
ويدعم أندرس برنامج ديمقراطيي السويد بشكل قوي. ويقول: "أولئك الذين يخالفون القوانين يجب ترحيلهم فوراً. أعرف أن بعضهم يحمل الجنسية السويدية، لكن كثيرين يحملون جنسيات مزدوجة، ويمكن أن يكونوا البداية".
ولم تعد غالبية وسائل الإعلام والصحف السويدية تتردّد في ربط أعمال العنف والجرائم بالمهاجرين، على عكس السنوات الماضية، إذ كان يُشار فقط إلى المنطقة والفئة، كشباب في منطقة مالمو أو غوتيبورغ أو أوبسالا وغيرها. وما يعزّز من اندفاع اليمين المتشدد لحصد الأصوات، هو أن الشعور بالأمان والطمأنينة يتضاءل بين المواطنين. وأفاد المجلس الوطني السويدي للوقاية من الجرائم، والمعروف بـ "برو" (Brå)، بأن غياب الشعور بالأمان يتزايد، خصوصاً بين النساء القلقات من أي اعتداءات جديدة. ويبدي نحو ثلث الشعب قلقه من أعمال العنف في البلاد، وفقا لتقرير القياس الصادر في وقت سابق هذا العام، علماً أنها لم تكن تتجاوز 2.5 في المائة خلال سنوات سابقة.