حرب إلكترونية بين الشباب الفرنسي والحكومة.. و"ميديا بارت" ينحاز

05 مارس 2016
كرّس الموقع حلقة نقاش مفتوحة (تويتر)
+ الخط -
يدافع موقع "ميديا بارت" الإخباري الفرنسي عمّا يسميه "العقلية التشاركية"، والتي تسمح للمشتركين فيه ولقرائه بالتدخل في النقاشات المجتمعية وتقديم شهادات وتوجيه إنذارات.

وقد خاض هذا الأمر مرات عديدة، وناقش مواضيع وقضايا كثيرة، من بينها تنامي العنصرية في فرنسا ضد الأجانب والإسلاموفوبيا والحدّ من الحريات، بعد فرض حالة الطوارئ، والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأيضا العنف البوليسي، وقضايا اللاجئين ومواضيع أخرى.

ولأن فرنسا تشهد حالياً، حرباً إلكترونية مستعرة بين جمعيات شبابية وبين الحكومة الفرنسية حول مشروع إصلاح قانون الشغل، والذي قدمته وزيرة الشغل مريم الخمري، والذي ترى فيه الجمعيات الشبابية والطلابية والنقابية عودة إلى الوراء، وانتصارا لأرباب العمل وتبديدا لمكتسبات عمالية ناضلت من أجلها الطبقة العاملة في فرنسا خلال عقود، فقد كرّس موقع "ميديا بارت"، حلقة نقاش مفتوحة ليل أمس الجمعة امتدت ساعتين، وتمحورت حول مسودة هذا القانون، بعنوان: "كارت بلانش للموقّعين على عريضة "قانون الشغل"، لا، شُكراً".

وهي عريضة رافضة للقانون الجديد أطلقها بعضُ المناضلين من اليسار ومن الحزب الإيكولوجي، وتجاوَز عددُ الموقعين عليها 950 ألف شخص (وهو رقم استثنائي فاجأ الجميع؛ الشخصيات التي أطلقت الدعوة والدوائر الحكومية أيضاً، وحطّم كل الأرقام السابقة)، في ظل ارتفاع أرقام التواقيع.

واستبق هذا اللقاء الإعلامي دعوة أطلقتها أكثر من عشرين جمعية شبابية بدعم من حركات نقابية، عبر "فيسبوك" و"يوتيوب"، للتظاهر يوم الأربعاء التاسع من مارس/ آذار الجاري، في ساحة الجمهورية، تنديداً بمشروع قانون الشغل الجديد والمطالبة بسحبه.




وعلى الرغم من أن معظم النقابات العمالية الفرنسية تنتقد المشروع وتهدد بالتظاهر، إلّا أنها لا تخيف الحكومة التي نجحت، خلال مناسبات عديدة، بتجاوز اعتراضاتها وتهديداتها، بسبب ضعف عمل النقابات في فرنسا، مقارنة مع الجار الألماني، حيث تلعب النقابات دوراً رئيساً إلى جانب أرباب العمل.

هذا بالإضافة إلى القلق الذي يتهدد الرئيس فرانسوا هولاند، والذي لم تتبقَّ لولايته إلّا سنة واحدة  وحكومته، متمثّلاً في الشباب الذين شاركوا بالتصويت عليه بقوة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

هؤلاء الشباب الذين استطاعوا، في تاريخ فرنسا المعاصر، إفشال الكثير من الإصلاحات، من بينها قانون ديفاكي، بعد مظاهرات عارمة أدت إلى مقتل الطالب الفرنسي الجزائري مالك أوسكين سنة 1986 على أيدي الشرطة الفرنسية. وتوالت التظاهرات والاحتجاجات سنة 1994 ضد قانون إدوارد بالادير و1995 ضد ألان جوبيه، وتوالت، أيضاً، الحركات الطلابية خلال سنتي 1998 و1999، كما أن رئيس الوزراء الفرنسي السابق دومينيك دوفيلبان شاهد على فشل إصلاحه سنة 2006، بعد مظاهرات واحتجاجات طلابية وتلاميذية.

وتكشف هذه الحرب الإلكترونية بين الشباب الغاضبين والحكومة القوة المتصاعدة لهذا النوع من الحروب ومن ممارسة السياسة، في ظل غياب كبير لتأثير الأحزاب السياسية والنقابات، إذ اضطرت وزارة الشغل للردّ عبر "تويتر"، ويبقى أن يكشف الشارع قوة التعبئة لدى هؤلاء الشباب الغاضبين الذين سيتظاهرون، رغم قانون الطوارئ المتواصل في فرنسا، والذي يمنح الشرطة صلاحيات واسعة.

وتجدر الإشارة إلى أن اليمين الفرنسي، في غالبه، يؤيد مشروع قانون الشغل، وأعلن قادة منه عن استعدادهم للتصويت عليه في البرلمان. ولم يكتف اليمين فقط بهذا الإعلان، بل إن شبيبته (اليمينية) أطلقت عريضة على شبكات التواصل لدعم قانون العمل الذي أنجزَتهُ وزيرةٌ اشتراكية. وكان من أهمّ الموقعين عليه رئيسا الميديف (منظمة أرباب العمل الفرنسية)، الحالي بيير غاتّاز والسابقة لورنس باريزو.

اقرأ أيضاً: الإعلام عن تدمير مخيم "كاليه": الخطاب المزدوج للدولة الفرنسية