تواجه شركات التأمين في السعودية أزمة بقاء بعد أن تقلصت أرباحها بل وتحقيق معظمها لخسائر فادحة، على الرغم من رفعها لقيمة أقساط التأمين أكثر من 300٪ خلال السنوات الأخيرة بموافقه مؤسسة النقد السعودية "ساما" (المصرف المركزي)، وحقق قطاع التأمين البالغ 35 شركة في الربع الثاني من العام 2016 خسائر بنحو 14 مليون دولار، في مقابل أربعة ملايين دولار حققها القطاع كأرباح في الفترة المماثلة من العام الماضي، حسب إحصائيات رسمية.
وحققت ثلاث شركات فقط أرباحاً مقدرة بنحو 89 مليون دولار، خلال ستة أشهر الماضية، في ظل حرب الأسعار التي تقودها في السوق، فيما تكبدت بقية الشركات خسائر تجاوزت 103 ملايين دولار، كما أن الوضع كان سيكون كارثيا أكثر لو لم تسمح "ساما" للشركات برفع قسط التأمين السنوي عدة أضعاف، حسب محللين.
ووفقا لبيانات هيئة سوق المال، خسرت ثمان شركات أكثر من نصف رأس مالها وباتت مهددة بالخروج من السوق التصفية ما لم يتم معالجة الوضع.
ويؤكد رئيس لجنة التأمين في الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية صلاح الجبر، لـ"العربي الجديد"، على أن مشكلة قطاع التأمين، أن ثلاث شركات من أصل 35 عاملة في السوق هي التي تسيطر على المشهد مشددا على أن هذا الوضع له تبعاته السلبية على القطاع والمستفيدين من التأمين على المدى القصير أو المتوسط والبعيد، ويقول: "إن حرب الأسعار التي تسببت بها سيطرة ثلاث شركات فقط انعكس على جودة الخدمة المقدمة للمؤمن عليه، وفي نهاية المطاف سيقود لخروج بعض الشركات من الخدمة وبالتالي ستفرض الشركات الباقيه شروطها على طالب الخدمة، خاصة وأنها إلزامية للسيارات وللشركات، وستكون الشروط في صالح الشركة وليس في صالح المؤمن عليه".
ويشدد الجبر على أن ملامح ذلك بدأت تظهر من خلال عدم الرضا من كثير من العملاء عن خدمة مطالبات السيارات، وكذلك الحصول على الموافقات الطبية وغيرها من المطالبات الأخرى، ويضيف: "حجم قطاع التأمين أكثر من 8 مليارات دولار، وهو في تزايد مستمر، ولكنه يحتاج لتنظم أكبر".
وتكبدت شركات التأمين السعودية في العام الماضي تعويضات 5.5 مليارات دولار 4.5 مليارات دولار في 2014، بزيادة 23٪ الأمر الذي زاد من معاناة شركات.
يأتي ذلك على الرغم من ارتفاع إنفاق السعوديون على التأمين، حسب الإحصائيات الرسمية، حيث بلغ متوسط إنفاق الفرد في عام 2015 نحو 304 دولارات مقارنة بـ262 دولارا، خلال عام 2014 بارتفاع أكثر من 16٪، وبنسبة أكثر من 110٪ عن الإنفاق في عام 2009، بينما بلغ متوسط الارتفاع للشركات الصغيرة أكثر من 300٪. وخلال السنوات الخمس الماضية.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية، ضخ السعوديون أكثر من 8.5 مليارات دولار العام الماضي، في شركات التأمين على شكل أقساط، فيما تبلغ رؤوس أموال شركات التأمين وإعادة التأمين بنحو 3.4 مليارات دولار، غير أن الكثير منها مني بخسائر فادحة، وتجاوزت خسائر خمس شركات من 50٪ إلى 75٪ من رأس مالها فيما ارتفعت الخسائر المتراكمة لشركتين من 75٪ إلى نحو 100٪.
ويؤكد محللون ماليون على أن الحل الأمثل لإنقاد هذه الشركات هو الاندماج فيما بينها الأمر الذي سيساهم في تركيز الخبرات والحصة السوقية للشركات المندمجة بالإضافة إلى تخفيض تكاليف تشغيل وتبادل الخبرات الإدارية والتسويقية، كما سيجعل هذا الخيار الشركات الصغيرة والمتوسطة تخلق كياناً جديداً قادراً على المنافسة وخفض قسط التأمين على العملاء مستقبلا.
وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن مؤسسة النقد تحاول حاليا إيجاد آليات جديدة لشركات التأمين ذات رؤوس الأموال الصغيرة، وغير القادرة على المنافسة، كي تصبح قادرة على التوسع في أعمالها، وبالتالي المنافسة في السوق المحلية.
اقــرأ أيضاً
وتشدد المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، على أن هذا التحرك جاء بعد إن أوقفت هيئة السوق المالية السعودية أسهم شركة (سند للتأمين التعاوني)، وشركة (وقاية للتأمين وإعادة التأمين التكافلي) عن التداولات اليومية، بسبب ارتفاع خسائرهما.
ويؤكد مختصون في التأمين على أهمية متابعة أسعار شركات التأمين لوزارة التجارة والصناعة، بدلاً من مؤسسة النقد التي تعتبر جهة مهمتها إصدار التشريعات وليس المراقبة، مشددين على أن شركات التأمين مطالبة بالحصول على موافقات رسمية من الوزارة قبل زيادة أسعار التأمين.
ويقول الخبير في قطاع التأمين موسى اليوسف، لـ"العربي الجديد"، أن ما يحدث في سوق التأمين ناتج عن سوء إدارة بعض شركات التأمين، ولكي تعالج خسائرها التي تسببت بها مجالس إدارتها تريد أن ترفع أقساط التأمين بنسبة 100٪ لكي يدفع المواطن نتيجة هذا الفشل".
ويشدد اليوسف على أن دمج الشركات قد يكون حلا لإنقاذها ويضيف: "لا بد أن يكون الاندماج مع شركات تأمين ناجحة، وتمثل ميزة مضافة مع الكيان الجديد، كي لا يكون دمج فشل على فشل فيكون الفشل أكبر". ويتابع :"يجب أن يتناسب رأس مال شركات التأمين مع عملياتها التشغيلية والتزاماتها المالية، بعض شركات التأمين تحتاج للاندماج لتكوين شركات أكبر وقادرة على مواجهة الالتزامات المالية، ولكن لو أستمر الحال على ما هو عليه فلن تستطيع أكثر من 60٪ من الشركات الحالية الصمود لعام واحد في ظل استحواذ شركات محدودة على السوق، وانخفاض رأسمالها، وفشل إدارتها".
ويؤكد اليوسف أن مؤسسة النقد عندما استفاقت لتوقف حرق الاسعار الموجود في السوق، حملت الخسائر على عاتق المواطنين لإنقاذ شركات التأمين من خلال رفع الأقساط بشكل غير مبرر، ويضيف: "كأنها كانت تكافئ الشركات عديمة الكفاءة بدخل أكبر".
ويتهم خبراء مؤسسة النقد بتجاهل أحوال شركات التأمين لسنوات طويلة، وبأنها لم تتحرك إلا بعد أن دخلت 20 شركة تأمين مرحلة الخطر، دون أن يكون لدى المؤسسة أية مؤشرات تمنع وقوع الخطر، ويؤكد الخبير في شئون التأمين وليد العنزي، لـ"العربي الجديد"، أن سوق التأمين شهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار كثير من المنتجات التأمينية وخاصة التأمين الطبي وتأمين السيارات والذي يشكل قرابة 80% من حجم السوق، ولكن على الرغم من ذلك تكبدت معظم الشركات خسائر فادحة تأكل بسببها معظم رأس المال.
ويوضح العنزي، أنه كانت هناك إمكانية لتجنب شركات التأمين هذا الوضع لو أنها اهتمت بتحقيق ربحية معتدلة على المدى البعيد وركزت على الكوادر الوطنية وابتعدت عن الأنانية والمصالح الشخصية لمجالس الإدارات، ولكنها بدلا من كل ذلك ركزت على تحقيق معدلات مبيعات أكثر على المدى القصير، بهدف رفع القيمة السوقية للأسهم والانسحاب في الوقت المناسب.
اقــرأ أيضاً
وحققت ثلاث شركات فقط أرباحاً مقدرة بنحو 89 مليون دولار، خلال ستة أشهر الماضية، في ظل حرب الأسعار التي تقودها في السوق، فيما تكبدت بقية الشركات خسائر تجاوزت 103 ملايين دولار، كما أن الوضع كان سيكون كارثيا أكثر لو لم تسمح "ساما" للشركات برفع قسط التأمين السنوي عدة أضعاف، حسب محللين.
ووفقا لبيانات هيئة سوق المال، خسرت ثمان شركات أكثر من نصف رأس مالها وباتت مهددة بالخروج من السوق التصفية ما لم يتم معالجة الوضع.
ويؤكد رئيس لجنة التأمين في الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية صلاح الجبر، لـ"العربي الجديد"، على أن مشكلة قطاع التأمين، أن ثلاث شركات من أصل 35 عاملة في السوق هي التي تسيطر على المشهد مشددا على أن هذا الوضع له تبعاته السلبية على القطاع والمستفيدين من التأمين على المدى القصير أو المتوسط والبعيد، ويقول: "إن حرب الأسعار التي تسببت بها سيطرة ثلاث شركات فقط انعكس على جودة الخدمة المقدمة للمؤمن عليه، وفي نهاية المطاف سيقود لخروج بعض الشركات من الخدمة وبالتالي ستفرض الشركات الباقيه شروطها على طالب الخدمة، خاصة وأنها إلزامية للسيارات وللشركات، وستكون الشروط في صالح الشركة وليس في صالح المؤمن عليه".
ويشدد الجبر على أن ملامح ذلك بدأت تظهر من خلال عدم الرضا من كثير من العملاء عن خدمة مطالبات السيارات، وكذلك الحصول على الموافقات الطبية وغيرها من المطالبات الأخرى، ويضيف: "حجم قطاع التأمين أكثر من 8 مليارات دولار، وهو في تزايد مستمر، ولكنه يحتاج لتنظم أكبر".
وتكبدت شركات التأمين السعودية في العام الماضي تعويضات 5.5 مليارات دولار 4.5 مليارات دولار في 2014، بزيادة 23٪ الأمر الذي زاد من معاناة شركات.
يأتي ذلك على الرغم من ارتفاع إنفاق السعوديون على التأمين، حسب الإحصائيات الرسمية، حيث بلغ متوسط إنفاق الفرد في عام 2015 نحو 304 دولارات مقارنة بـ262 دولارا، خلال عام 2014 بارتفاع أكثر من 16٪، وبنسبة أكثر من 110٪ عن الإنفاق في عام 2009، بينما بلغ متوسط الارتفاع للشركات الصغيرة أكثر من 300٪. وخلال السنوات الخمس الماضية.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية، ضخ السعوديون أكثر من 8.5 مليارات دولار العام الماضي، في شركات التأمين على شكل أقساط، فيما تبلغ رؤوس أموال شركات التأمين وإعادة التأمين بنحو 3.4 مليارات دولار، غير أن الكثير منها مني بخسائر فادحة، وتجاوزت خسائر خمس شركات من 50٪ إلى 75٪ من رأس مالها فيما ارتفعت الخسائر المتراكمة لشركتين من 75٪ إلى نحو 100٪.
ويؤكد محللون ماليون على أن الحل الأمثل لإنقاد هذه الشركات هو الاندماج فيما بينها الأمر الذي سيساهم في تركيز الخبرات والحصة السوقية للشركات المندمجة بالإضافة إلى تخفيض تكاليف تشغيل وتبادل الخبرات الإدارية والتسويقية، كما سيجعل هذا الخيار الشركات الصغيرة والمتوسطة تخلق كياناً جديداً قادراً على المنافسة وخفض قسط التأمين على العملاء مستقبلا.
وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن مؤسسة النقد تحاول حاليا إيجاد آليات جديدة لشركات التأمين ذات رؤوس الأموال الصغيرة، وغير القادرة على المنافسة، كي تصبح قادرة على التوسع في أعمالها، وبالتالي المنافسة في السوق المحلية.
وتشدد المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، على أن هذا التحرك جاء بعد إن أوقفت هيئة السوق المالية السعودية أسهم شركة (سند للتأمين التعاوني)، وشركة (وقاية للتأمين وإعادة التأمين التكافلي) عن التداولات اليومية، بسبب ارتفاع خسائرهما.
ويؤكد مختصون في التأمين على أهمية متابعة أسعار شركات التأمين لوزارة التجارة والصناعة، بدلاً من مؤسسة النقد التي تعتبر جهة مهمتها إصدار التشريعات وليس المراقبة، مشددين على أن شركات التأمين مطالبة بالحصول على موافقات رسمية من الوزارة قبل زيادة أسعار التأمين.
ويقول الخبير في قطاع التأمين موسى اليوسف، لـ"العربي الجديد"، أن ما يحدث في سوق التأمين ناتج عن سوء إدارة بعض شركات التأمين، ولكي تعالج خسائرها التي تسببت بها مجالس إدارتها تريد أن ترفع أقساط التأمين بنسبة 100٪ لكي يدفع المواطن نتيجة هذا الفشل".
ويشدد اليوسف على أن دمج الشركات قد يكون حلا لإنقاذها ويضيف: "لا بد أن يكون الاندماج مع شركات تأمين ناجحة، وتمثل ميزة مضافة مع الكيان الجديد، كي لا يكون دمج فشل على فشل فيكون الفشل أكبر". ويتابع :"يجب أن يتناسب رأس مال شركات التأمين مع عملياتها التشغيلية والتزاماتها المالية، بعض شركات التأمين تحتاج للاندماج لتكوين شركات أكبر وقادرة على مواجهة الالتزامات المالية، ولكن لو أستمر الحال على ما هو عليه فلن تستطيع أكثر من 60٪ من الشركات الحالية الصمود لعام واحد في ظل استحواذ شركات محدودة على السوق، وانخفاض رأسمالها، وفشل إدارتها".
ويؤكد اليوسف أن مؤسسة النقد عندما استفاقت لتوقف حرق الاسعار الموجود في السوق، حملت الخسائر على عاتق المواطنين لإنقاذ شركات التأمين من خلال رفع الأقساط بشكل غير مبرر، ويضيف: "كأنها كانت تكافئ الشركات عديمة الكفاءة بدخل أكبر".
ويتهم خبراء مؤسسة النقد بتجاهل أحوال شركات التأمين لسنوات طويلة، وبأنها لم تتحرك إلا بعد أن دخلت 20 شركة تأمين مرحلة الخطر، دون أن يكون لدى المؤسسة أية مؤشرات تمنع وقوع الخطر، ويؤكد الخبير في شئون التأمين وليد العنزي، لـ"العربي الجديد"، أن سوق التأمين شهد ارتفاعاً كبيراً في أسعار كثير من المنتجات التأمينية وخاصة التأمين الطبي وتأمين السيارات والذي يشكل قرابة 80% من حجم السوق، ولكن على الرغم من ذلك تكبدت معظم الشركات خسائر فادحة تأكل بسببها معظم رأس المال.
ويوضح العنزي، أنه كانت هناك إمكانية لتجنب شركات التأمين هذا الوضع لو أنها اهتمت بتحقيق ربحية معتدلة على المدى البعيد وركزت على الكوادر الوطنية وابتعدت عن الأنانية والمصالح الشخصية لمجالس الإدارات، ولكنها بدلا من كل ذلك ركزت على تحقيق معدلات مبيعات أكثر على المدى القصير، بهدف رفع القيمة السوقية للأسهم والانسحاب في الوقت المناسب.